وفاة الصحفي عبد الحي العلمي بعد مسيرة حياة مُلهِمة بألمانيا
٢٢ فبراير ٢٠٢١توفي في مدينة فاس في الحادي عشر من فبراير/ شباط 2021 الصحفي المغربي الألماني عبد الحي العلمي، إثر مضاعفات إصابته بفيروس كورونا، ولم يسعفه علاج المستشفى بمسقط رأسه فاس التي عاد إليها مؤخرا من ألمانيا، وشاءت الأقدار أن يدفن بين أهله وذويه.
وخلّف نبأ وفاة الراحل صدمة وحزنا كبيرين وسط زملائه وأصدقائه ولدى الجالية المغربية بألمانيا، الذين عرفوه بدماثة أخلاقه وطيب معشره وشخصيته المرحة وبنشاطه النقابي والاجتماعي والثقافي.
ولد عبد الحي العلمي في عام 1951 بفاس وبها تلقى مراحل تعليمه الأولى حتى حصوله على شهادة الباكالوريا (الثانوية العامة) وهاجر في بداية السبعينيات من القرن الماضي إلى ألمانيا من أجل مواصلة الدراسة الجامعية، حيث درس علوم اللغة بجامعة غوتنبرغ بماينز في غرب ألمانيا، حيث تخرج من كلية غيرمرسهايم للترجمة.
بدأ عبد الحي العلمي سنة 1979 عمله بمؤسسة دويتشه فيله في كولونيا، وتواصلت مسيرته المهنية وخصوصا بالقسم العربي في بون حتى سنة 2017 تاريخ تقاعده. وشكلت قضايا الثقافة والحوار بين الأديان أبرز اهتماماته في عمله الصحفي خصوصا في السنوات الأخيرة من مسيرة مهنية لرجل متعدد المواهب.
ونعى الدكتور ناصر شروف مدير القسم العربي في مؤسسة دويتشه فيله، الفقيد قائلا: "الزميل العزيز – رحمه الله – قدَّم للقسم العربي في دويتشه فيله خدمات واسعة من خلال خبراته المهنية والصحفية ولكن أيضا من خلال خبراته الإنسانية وانعكس ذلك في تاريخه النقابي الطويل. فلم يبخل عبد الحي العلمي على أحد بمساعدة أو نصيحة، وشكل فقدانه خسارة كبيرة للجميع".
وكان عبد الحي العلمي عضوا نشيطا في نقابة Verdi وساهم من خلالها بالدفاع عن الحقوق الاجتماعية لزميلاته وزملائه الصحافيين.
وإلى جانب عمله كصحفي، وبحكم متانه لغته الألمانية، عمل عبد الحي العلمي أيضا كمترجم محلف لدى المحاكم والمؤسسات الألمانية. ولَعُه باللغة الألمانية جعله يعشق تفاصيلها وكان يحب مجادلة الألمان في دلالاتها ومعانيها. عشقه لثقافة بلاد غوته كان يُشع من بريق عينيه ومن ابتسامته الدائمة. كان يحتفل بانتظام بالكرنفال السنوي بكولونيا، يسرد بعناية طقوسه وأساطيره المؤسسة.
كان مولعا بالموسيقى، وهو المنحدر من أسرة فنية بفاس (أسرة الفنان المغربي الراحل محمد العلمي)، وكان عضوا قارا بفرقة كورال دويتشه فيله وظل ممارسا بها حتى بعد تقاعده. ولم يكن من النادر سماعه وهو يردد مواويل في بهو القسم العربي.
تميزت شخصية الفقيد بالأريحية والمرح وحب الحياة، وحتى في أوج الخلافات كان متسامحا بقلب لا يعرف الضغينة. "ثقافته النقابية علمته الحفاظ دائما على ,,شعرة معاوية,, وهو الذي آمن بعدم جواز التضحية بالكلي من أجل الجزئي" كما ينقل عنه رفيق دربه وزميله بالقسم العربي حسن زنيند.
عاش عبد الحي في مدينة فريشن بولاية فستفاليا شمال الراين في غرب ألمانيا، وسط أفراد عائلته الصغيرة والكبيرة المتواجدين بين ألمانيا والمغرب، وكان دوما على صلة وثيقة بأسرته في فاس التي وافته المنية بها.
م.س (DW)