نتنياهو يكذّب التقرير الأممي عن إعلان المجاعة في غزة
٢٢ أغسطس ٢٠٢٥انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التقرير الذي استندت إليه الأمم المتحدة لإعلان المجاعة رسميًا في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها، معتبرًا أنه "كذب صريح"، ومشيرًا إلى أن التقرير تجاهل إجراءات الإغاثة التي اتخذتها إسرائيل في الآونة الأخيرة.
وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه إن "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي هو كذب صريح"، في إشارة إلى تقرير هيئة الخبراء المدعومة من الأمم المتحدة. وأضاف "إسرائيل لا تعتمد سياسة تجويع، بل سياسة منع الجوع. فمنذ بداية الحرب، سمحت إسرائيل بدخول مليوني طن من المساعدات إلى قطاع غزة، أي ما يزيد على طن واحد من المساعدات لكل فرد"، مشيرًا الى أن المساعدات بقيت تدخل القطاع المحاصر خلال الحرب.
من جهتها طالبت حركة حماس، بعد إعلان المجاعة رسميًا في غزة، بفتح المعابر و"التحرك الفوري... لوقف حرب الإبادة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية العاجلة" إلى القطاع الفلسطيني.
يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وقال التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مرصد عالمي لمراقبة الجوع، إن 514 ألفا تقريبًا، أي ما يقرب من ربع سكان قطاع غزة، يعانون من المجاعة وإن من المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 641 ألفًا بحلول نهاية أيلول/سبتمبر. وجاء إعلان المجاعة في محافظة غزة في شمال القطاع، بعد أشهر من تحذيرات أطلقتها منظمات إنسانية. وأكدت الأمم المتحدة رسميًا الجمعة أن المنطقة تعيش حالة مجاعة، في ظل الحصار المفروض على القطاع الفلسطيني. ونبّه خبراء الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون "جوعًا كارثية"، وهو أعلى مستوى في التصنيف ويتّسم بالمجاعة والموت. وهذه هي المرة الأولى التي يرصد فيها التصنيف وجود مجاعة خارج قارة أفريقيا.
برلين تدعو إسرائيل مجددًا للسماح بدخول المساعدات
ودعت الحكومة الألمانية إسرائيل مجددًا للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، وصرح متحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية اليوم الجمعة بأنه يجب ضمان "توزيع هذه المساعدات في جميع أنحاء قطاع غزة ووصولها إلى وجهتها". وأكد مجددًا "رفض الحكومة الألمانية القاطع" للهجوم على قطاع غزة، والذي يتوسع الآن من جديد.
وفي وقت سابق اليوم قالت وزيرة التنمية الألمانية ريم العبلي رادوفان إن تقرير مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل
للأمن الغذائي (آي بي سي) يظهر بوضوح الوضع الكارثي في غزة. وأضافت الوزيرة المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي: "يموت المزيد والمزيد من الناس - وخاصة الأطفال - جوعا أمام أعيننا. لا يمكن أن يستمر
هذا الوضع. المجاعة من صنع الإنسان حصرا...".
وأضافت "لقد تحسن وصول المساعدات الإنسانية بشكل طفيف، إلا أن تقرير مبادرة المرحلي المتكامل للأمن الغذائي يظهر أيضا أن هذا التحسن غير كاف. هناك حاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفي الوقت نفسه، يجب على حماس إطلاق سراح الرهائن فورا ودون قيد أو شرط".
"فضيحة أخلاقية وكارثة من صنع الإنسان"
وفي لندن اعتبر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الجمعة أن المجاعة التي يعانيها أهالي غزة وأعلنت الأمم المتحدة أنها واقعة رسميًا، "فضيحة أخلاقية" و"كارثة من صنع الإنسان". وقال لامي في بيان "إن تأكيد المجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها أمرٌ مروعٌ على نحو صارخ، وكان تفاديه ممكنًا بالكامل"، وتابع: "رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول مساعدات كافية إلى غزة تسبب في هذه الكارثة التي هي من صنع الإنسان. إنها فضيحة أخلاقية".
وأضاف لامي: "بإمكان الحكومة الإسرائيلية ويجب عليها أن تتحرك فورًا لمنع تدهور الوضع أكثر"، وذلك من خلال "السماح بإيصال الأغذية والوقود والأدوية بدون قيد أو شرط".
وأكد الوزير البريطاني أن "على إسرائيل السماح للأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الدولية بالقيام بأعمالها الحيوية من دون عرقلة"، مجددًا دعوته إلى وقف إطلاق نار فوري.
وطالب لامي بـ"وقف العملية العسكرية في مدينة غزة التي تُعد بؤرة المجاعة"، محذرًا من أن العملية "لن تؤدي إلا إلى تفاقم وضع كارثي أصلًا، كما أنها تُعرض حياة الرهائن المحتجزين لدى حماس للخطر".
"وصمة عار في جبين المجتمع الدولي"
من جهتها أكدت وزارة الخارجية السعودية أن "تفاقم الكارثة الإنسانية في غزة... ستظل وصمة عار في جبين المجتمع الدولي... ما لم يسارع بالتدخل الفوري لإنهاء المجاعة ووقف حرب الإبادة والجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني".
وذكّرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنّه "بموجب القانون الإنساني الدولي، يتوجب على إسرائيل، كونها القوة القائمة بالاحتلال، أن تضمن تأمين الحاجات الأساسية للسكان المدنيين في غزة، باستخدام كل الموارد المتوافرة في حوزتها".
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد قالت في بيان ردّا على إعلان الأمم المتحدة وتقرير الخبراء، "لا توجد مجاعة في غزة"، مضيفة أن التقرير "يستند إلى أكاذيب حماس التي تعيد منظمات تدويرها خدمة لأجندتها الخاصة"، ومشيرة إلى أنه "في الأسابيع الأخيرة، غمر التدفق الهائل للمساعدات القطاع بالمواد الغذائية الأساسية".
ووفقًا لتقديرات التصنيف الأممي، من المتوقع أن تتوسع المجاعة لتشمل أيضًا دير البلح (وسط) وخان يونس (جنوب) بحلول أواخر أيلول/سبتمبر. وتشكّل محافظة غزة حوالي 20% من مساحة القطاع الفلسطيني، وإذا ما أضفنا خان يونس (29,5 %) ودير البلح (16 %)، تبلغ المساحة الإجمالية 65,5 %، أي حوالى ثلثي قطاع غزة الممتدّ على 365 كيلومترًا مربعًا وحيث يعيش ما يزيد قليلًا عن مليوني نسمة.
استعدادات للسيطرة على مدينة غزة
وأمر الجيش الإسرائيلي الذي يسيطر حاليًا على 75 في المئة من القطاع، باستدعاء 60 ألف جندي احتياط تمهيدًا لتنفيذ خطة السيطرة على مدينة غزة التي أُقرّت في وقت سابق هذا الأسبوع. ومطلع آذار/مارس، فرضت إسرائيل حظرًا كاملًا على دخول المساعدات إلى غزة، قبل أن تسمح في أواخر أيّار/مايو بدخول كمّيات محدودة جدًّا من الإمدادات، ما تسبّب بشحّ كبير في المواد الغذائية والأدوية والوقود.
وتتّهم إسرائيل التي تسيطر على منافذ غزة كلّها حماس بنهب المساعدات، ما تنفيه الحركة الإسلامية من جانبها. كما تتهم الدولة العبرية المنظمات الإنسانية بأنها لا تقوم بتوزيع المساعدات، في حين تعتبر الأخيرة أن القيود الإسرائيلية المفرطة على نقل المعونات تجعل من توزيعها شديد الخطورة في ظروف حرب.
تحرير: ع.ج.م