انتخابات ليبيا: اختبار للديموقراطية وسط انقسام سياسي
١٥ أغسطس ٢٠٢٥يمارس الليبيون يوم السبت حقهم الانتخابي ويُدلون بأصواتهم في انتخابات بلدية نادرة في بلدهم الذي يعاني من الاضطرابات والانقسام السياسي بعد سقوط معمر القذافي عام 2011. ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات اختبارٌ للديموقراطية في ليبيا، ولكن رفضت مدن شرقية مثل بنغازي وسرت وطبرق السماح بانعقاد الانتخابات.
ترى إسراء عبد المنعم، وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ 36 عاماً من سكان طرابلس، أنه "يحق للليبيين أن يتمتعوا بحرية الاختيار دون خوف أو ضغوط كما هو الحال للأسف في كثير من الأحيان".
وأضافت عبد المنعم في مقابلة مع وكالة فرانس برس: "إن التصويت يُمكّن الليبيين من "تحديد كيفية إدارة مناطقهم وكيفية إدارة الأموال التي تُخصصها الحكومة"، مشيرة إلى أن هذا ما يدفع بعض الأطراف، كالجماعات المسلحة.. إلى محاولة السيطرة على من يُنتَخَب بهدف السيطرة على الأموال.
محاولات سيطرة كل طرف على البلاد مستمرة منذ الإطاحة بحكم معمر القذافي عام 2011، الذي قسم البلاد إلى حكومتين؛ حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس غرباً، والتي تعترف بها الأمم المتحدة ويرأسها عبد الحميد الدبيبة، وحكومة في بنغازي شرقاً برئاسة أسامة حماد يدعمها المشير خليفة حفتر.
"الانتخابات فرصة لجس النبض"
يرى الباحث الليبي وأستاذ العلاقات الدولية خالد المنتصر الاقتراع في ليبيا فرصة مهمة لجس نبض الأطراف الليبية في شرق البلاد وغربها، وإظهار مدى استعدادهم لقبول فكرة اختيار الممثلين المحليين عبر صندوق الانتخاب وبصوت الشارع لا بفرض القوة والرأي بالسلاح.
وأضاف المنتصر بأن الانتخابات ستكون عبارة عن "مشهد تجريبي للانتخابات العامة التي يحاول المجتمع الدولي جاهداً إقناع الفرقاء الليبيين بأنها الحل الوحيد للانقسام السياسي وحالة الجمود السائدة منذ سنوات".
كان من المقرر أن تُجرى الانتخابات في 63 بلدية على مستوى البلاد، 41 منها في الغرب، و13 في الشرق، و9 في الجنوب، ولكن اضطرت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى إلغاء التصويت في 11 بلدية في شرق وجنوب البلاد بسبب مخالفات وضغوطات من السلطات المحلية وعوائق إدارية.
كما ألغيت الانتخابات في بعض المناطق القريبة من طرابلس بسبب صعوبات في توزيع بطاقات الاقتراع. ومع ذلك يُفترض أن يُدلي نحو 380 ألف ليبي بأصواتهم.
هجمات على مكاتب الانتخابات تهدد العملية الديمقراطية
الانتخابات التي يتوق لها الليبيون يبدو أنها لم ترُق لكثيرين، ولم تمرّ بسلام، إذ تعرّضت مكاتب مفوضية الانتخابات لهجمات من قبل مسلحين في مدن زليتن والزاوية على الساحل الغربي للبلاد، ملحقة الضرر بالمباني ومواد الاقتراع وأصابت شخصين بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
كما استهدفت مجموعات مجهولة فجر يوم الجمعة مركزي اقتراع غرب العاصمة الليبية طرابلس، وأحرقت المبنى وفقاً للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
استنكرت المفوضية هذه الهجمات واعتبرتها مساساً بـ"خيارات وحقوق الناخبين في اختيار من يمثلهم في بلدياتهم"، ودعت الجهات الأمنية إلى تحمل مسؤولياتها الكاملة في ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، وضمان توفير الحماية لمكاتبها في كافة أنحاء البلاد.
ومن جانبها حذرت بعثة الأمم المتحدة من "ترويع الناخبين والمرشحين وموظفي المفوضية ومنعهم من ممارسة حقوقهم السياسية في المشاركة في الانتخابات والعملية الديمقراطية".
لطالما انتظر الليبيون انعقاد انتخابات رئاسية وبرلمانية منذ عام 2021، إذ كان من المقرر انعقادها في كانون الأول/ ديسمبر من ذلك العام، إلا أن النزاع بين حكومتي الشرق والغرب حال دون ذلك.
منذ سقوط القذافي، أجرت ليبيا انتخابات بلدية في 2013، وأخرى تشريعية في 2012 و2014. أعقب انتخابات 2014 التي شهدت نسب مشاركة منخفضة قتال مسلّح أدى إلى سيطرة تحالف فصائل مسلحة على طرابلس حيث نصّب حكومة، ما أجبر مجلس النواب المنتخب حديثا على الانعقاد في الشرق.
وفي 2015، تشكلت حكومة الوحدة الوطنية الحالية في طرابلس بدعم الأمم المتحدة، لكنها لا تزال في خلاف مع سلطات الشرق. كما نُظّمت في ليبيا انتخابات محلية محدودة بين 2019 و2021.
تحرير: عماد حسن