مواجهات السويداء الدموية قد تعرقل رفع عقوبات واشنطن عن دمشق
٢٤ يوليو ٢٠٢٥يبدو أن قرار رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا الذي أصدره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل حوالي شهرين مهدد بالفعل، وذلك بعد أعمال العنف الأخيرة التي حصلت في مدينة السويداءجنوب سوريا، والتي أثارت استياءً دولياً وشككت بقدرة الحكومة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع على حفظ أمن البلاد والسيطرة على الفصائل المتحاربة والأقليات.
أسفرت أحداث العنف الأخيرة عن مقتل 1265 شخصاً بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، من بينهم حسام سرايا، وهو أمريكي من أصل درزي سوري، إلى جانب شقيقه وآخرين، عرضَ مشهد الإعدام على مواقع التواصل الاجتماعي.
ناقش مجلس النواب الأميركي (الكونغرس) يوم الثلاثاء 2 تموز/ يوليو مشروع قانون يدخل تعديلات على "قانون قيصر" المتعلق بالعقوبات على سوريا، ويهدف المشروع إلى وضع شروط لرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا لا إلغاؤه بالكامل.
ينص مشروع القانون على تمديد فترة الإعفاء من العقوبات من 180 يوم إلى سنتين، ولن يتم إنهاء العمل بقانون قيصر إلا عند تأكد الإدارة الأمريكية من امتثال الحكومة السورية للشروط المحددة خلال تلك الفترة.
انقسام في الكونغرس الأمريكي بشأن رفع العقوبات عن سوريا
قدم مشروع القانون رئيس اللجنة الفرعية المعنية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا التابعة للشؤون الخارجية في المجلس، النائب الجمهوري مايك لولر، واقترح إنهاء العمل بـ "قانون قيصر" فقط في حال عدم استهداف الحكومة السورية للمدنيين، من بين بنود أخرى.
وقال لولر لصحيفة سيمافور: "الهدف هنا واضح للغاية، وهو السماح لهذه الحكومة بالبدء في ترسيخ أقدامها وتحقيق النجاح، ولتحقيق ذلك، لا بد من وجود تعاون اقتصادي، كما نحتاج إلى البدء في تخفيف العقوبات".
بذات الوقت يعتقد لولر أنه من الحماقة رفع جميع العقوبات فوراً دون استقرار حقيقي على الأرض، مشيراً إلى احتمال حدوث انقلاب أو انهيار الحكومة الناشئة.
أيّد ذلك النائب الديمقراطي من كاليفورنيا براد شيرمان، وقدم تعديلاً يدعو الحكومة السورية الجديدة إلى إظهار التزامها بحماية الأقليات، وصرح شيرمان لصحيفة "ذا هيل" بأنه لا يؤيد إلغاء القانون بالكامل.
من جهته طالب زميله الجمهوري وعضو في لجنة الشرق الأوسط جو ويلسون بإلغاء "قانن قيصر" بشكل كامل وغير مشروط بما يتماشى مع سياسة الرئيس ترامب تجاه سوريا.
وكتبَ ويلسون على صفحته على موقع إكس: "آمل أن تُعيد لجنة الخدمات المالية النظر في هذا الإجراء وتُخصص مزيدًا من الوقت لدراسة العقوبات المفروضة على سوريا والعمل عليها. إن الإلغاء الكامل لقانون قيصر يُعزز الاستقرار".
وأضاف ويلسون في حديثه مع صحيفة "ذا هيل": "لإعطاء سوريا فرصة، فإن أفضل طريقة للقيام بذلك هي إلغاء العقوبات". هذا الموقف تبنته أيضاً النائبة الديمقراطية في لجنة الخدمات المالية ماكسين ووترز، وقدّمت تعديلاً على مشروع القانون من شأنه إلغاء قانون قيصر بالكامل.
والتصويت على مشروع القرار لم يكن بالأمر السهل على بعض النواب، إذ تردد بعض الديمقراطيين قبل التصويت، من بينهم النائب جريج ميكس من نيويورك، كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الذي قال لصحيفة سيمافور: "الوضع حساس".
حتى مع إلغاء قانون قيصر يبقى الضغط ممكناً
من جانبه دعا المبعوث الخاص لترامب إلى سوريا وسفيره لدى تركيا إلى إلغاء كامل العقوبات الأمريكية على سوريا.
وفي حديثه مع رويترز قال توم باراك إنه حثّ الشرع على تبني نهج سياسي أكثر شمولية في أعقاب أعمال العنف الطائفي الأخيرة، محذراً من أن عدم القيام بذلك قد يقوض الدعم الدولي ويهدد بمزيد من تفكك البلاد.
وكذلك رفض فريق المنظمة السورية للطوارئ، وهو منظمة إنسانية مقرها ولاية أركنساس تشريع لولر، وقالت المنظمة في بيان لها: " من واجب الكونغرس الأخلاقي إلغاء قانون قيصر بالكامل، والذي كان يهدف إلى معاقبة الأسد لا الشعب السوري ".
وقال ستيفن راب، عضو مجلس أمناء المنظمة إن قانون قيصر حقق هدفه في تمهيد الطريق لسقوط الأسد، وأن إلغاء القانون لن يضر بقدرة الرئيس على فرض عقوبات على حكومة الشرع إذا لزم الأمر بحسب موقع AOL.
وأضاف راب: "من المهم إرسال رسالة رمزية إلى سوريا مفادها أنكم أطحتم بنظام ديكتاتوري وفعلتم شيئًا لم يحلم به معظمنا قط".
ومع تكرار أعمال العنف في سوريا في عدة مناطق وضد عدة أقليات، تجد الحكومة السورية الجديدة نفسها أمام تحدٍّ كبير، حماية الأقليات وجميع المدنيين ونهضة البلاد اقتصادياً، أو الدمار الكامل.