"فولكسفاغن دو برازيل" ـ صفقات مظلمة خلال فترة الدكتاتورية
١٦ يونيو ٢٠٢٥يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إعادة عقارب الساعة إلى الوراء وإجبار الشركات الدولية على الإنتاج في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال سياسة الرسوم الجمركية التي يتبعها. تنشط العديد من الشركات بالفعل في الخارج من أجل الاستفادة من انخفاض الأجور في معظم الحالات في "البلد المضيف" لها ومن القرب من العملاء. بالإضافة إلى ذلك يتم خلق فرص عمل وهو أمر جيد أيضا للمبيعات المحلية.
إحدى هذه الشركات هي شركة فولكس فاغن. فقبل عامين احتفلت الشركة الألمانية المصنعة للسيارات بالذكرى السبعين لتأسيس فرع لها في البرازيل "فولكس فاغن دو برازيل". وفي 23 مارس/ آذار 1953 بدأ فرعها في أمريكا الجنوبية العمل في مستودع في ساو باولو. وبعد ذلك بوقت قصير تم بناء مصنع أنشيتا وهو أول مصنع لفولكس فاغن خارج ألمانيا، كما ذكرت صحيفة heycar.com.br البرازيلية على الإنترنت.
وقال الرئيس التنفيذي لـ "فولكس فاغن دو برازيل"، سيرو بوسوبوم بمناسبة الذكرى السنوية للتأسيس في عام 2023: "تكمل فولكس فاغن دو برازيل 70 عاما من الابتكار التكنولوجي والروح الريادية". وأضاف: "قامت فولكس فاغن بتحديث مصانعها في البرازيل وطورت تقنيات جديدة وأصبحت الآن علامة تجارية أقرب إلى الناس".
وفي العام التالي أعلنت الشركة التي تتخذ من فولفسبورغ مقرا لها أنها ستوسع التزامها في البرازيل، حيث تمتلك المجموعة أربعة مصانع: وفي حين كانت الخطة حتى ذلك الحين تتمثل في استثمار سبع مليارات ريال برازيلي بحلول عام 2026 سيتم الآن ضخ ما مجموعه 16 مليار ريال برازيلي (أي حوالي ثلاثة مليارات يورو) في الشركة البرازيلية بحلول عام 2028، حسبما ذكر موقع automobil-produktion.de الإلكتروني قبل عام.
فولكس فاغن تريد كسب المال بالسيارات والماشية
استثمار جيد من الناحية الاقتصادية منذ البداية. وأرادت فولكس فاغن كسب المال ليس فقط بالسيارات، ولكن أيضا بالماشية. وتحقيقا لهذه الغاية أنشأت الشركة من ولاية سكسونيا السفلى مزرعة ”Fazenda Volkswagen“ في كريستالينو على بعد 2200 كيلومتر من مقر الشركة في ساو باولو في عام 1974.
ولكن هناك بعيدا عن صخب المدينة وضجيجها، بدأت صورة فولكس فاغن في التصدع. قام كريستوفر كوبر، وهو مؤرخ في جامعة بيليفيلد بالبحث في تاريخ "فولكس فاغن دو برازيل". وفي مقابلة مع DW يقول: "لقد تم بالفعل محاسبة فولكس فاغن في الثمانينيات بسبب معاملة العمال في المزرعة".
وفي عام 2016 تم تكليف كوبر من قبل مجموعة فولكس فاغن بإعداد تقرير خبير عن دور فولكس فاغن خلال الديكتاتورية العسكرية البرازيلية. وفي مارس/ آذار عام 1964 استولت الطغمة العسكرية على السلطة هناك وقمعت البلاد بيد حديدية لمدة 21 عاما.
كان موظفو فولكس فاغن فقط هم من حظوا برعاية جيدة في المزرعة
كلفت شركة فولكس فاغن خبيرا اقتصاديا زراعيا من سويسرا، فريدريش جورج بروغر بإنشاء المزرعة. وقام بتوظيف موظفين من مجموعة فولكس فاغن بالإضافة إلى عمالة محلية ومقاولين لمشروعه الزراعي الطموح. وبعد مرور سنوات كشف تقرير تلفزيوني أعدته قناة ARD-Weltspiegel عن مدى طموح بروغر وقسوته.
وحسب كريستوفر كوبر كان موظفو فولكس فاغن يحظون دائما برعاية جيدة: "كان لديهم منازلهم الخاصة ومدارسهم الخاصة ومركز صحي. ولكن لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للعمال المتعاقدين. لقد عملوا في ظل ظروف كانت بمثابة عبودية مؤقتة".
وحسب كوبر هذا هو التمييز الذي حافظت عليه فولكس فاغن دائما. فقد كان المديرون دائما "يتملصون من ذلك من خلال الادعاء بأنهم لا يتحملون أي مسؤولية عن معاملة العمال المتعاقدين" . وفي الوقت نفسه كانوا دائما "يشيرون إلى أن العمال المنتظمين في "فاتسيندا" (Fazenda) الذين تم توظيفهم مباشرة من قبل فولكس فاغن كان بإمكانهم العيش بشكل جيد في ظل الظروف السائدة هناك".
السر المظلم: فولكس فاغن والديكتاتورية
لم يتم تسليط الضوء على الظروف السائدة في المزرعة أمام الرأي العام ولم تتصدر نهاية المحاكمة عناوين الصحف. يلخص المؤرخ كوبر: "لم يكن لدى المزرعة أي فرصة اقتصادية منذ البداية. فقد كان المشروع خاسرا".
كان الأمر الأكثر إثارة للصدمة من الظروف السائدة في المصنع هو ما اكتشفه كوبر عن موقف الشركة تجاه المجلس العسكري الحاكم: "عملت فولكس فاغن بشكل وثيق مع الأجهزة الأمنية الديكتاتورية. وهذا ينطبق على المصنع الرئيسي جنوب ساو باولو وعلى المصانع الأخرى".
أدرك كوبر أن الظروف في "فازندا" كانت مجرد جزء واحد من صورة أكبر وأكثر قتامة. تعاون فريق أمن مصنع "فولكس فاغن دو برازيل" مع الديكتاتورية العسكرية. تسامح موظفو فولكس فاغن دو برازيل بل وشاركوا في الاعتقالات والاعتداءات التي قامت بها الشرطة العسكرية. وقال كوبر معلقا على نتائج الدراسة: "تُظهر المراسلات مع مجلس الإدارة في فولفسبورغ حتى عام 1979 موافقة الحكومة العسكرية دون تحفظ".
ظلال الماضي تعود إلى الحقبة النازية
تعتبر مثل هذه الظروف فضيحة في أي شركة ولكن في فولكس فاغن فإن مثل هذا الأمر أسوأ عندما نفكر في الولادة الكارثية للشركة خلال ديكتاتورية هتلر: فقد تأسست الشركة في الدولة النازية من قبل المنظمات النازية، واستغلت الشركة آلاف العمال القسريين وأساءت معاملتهم خلال الحرب.
ألم يكن المسؤولين في فولفسبورغ، مقر فولكس فاغن لا يعلمون شيئا على الإطلاق؟ بالطبع ثارت الشكوك على الفور في أنه بعد عقد واحد فقط من نهاية الحرب والدكتاتورية في ألمانيا، كان الظلم نفسه على وشك أن يتكرر في قارة أخرى.
إدارة ذات ماض مظلم جزئيا
لا يريد كريستوفر كوبر أن يستبعد الاستمرارية الشريرة: "أود أن أؤكد ذلك إلى حد محدود بالنسبة لإدارة شركة فولكس فاغن دو برازيل". هناك أسباب شخصية في الأساس لهذا الأمر، حيث أن المديرين في الخمسينيات والستينيات "كانوا لا يزالون ضباطا في الجيش الألماني وأعضاء في الحزب النازي في سنوات شبابهم".
ومع ذلك لم يكن هذا هو الحال بالنسبة للرجل الذي أدار فولكس فاغن دو برازيل التابعة لشركة فولكس فاغن من عام 1971 إلى عام 1984 فولفغانغ زاور: "كان لا يزال صغيرا جدا". لم يكن عضوا في التقاليد العسكرية الاشتراكية الوطنية، بل كان "تقليد الأبوية الاستبدادية التي كانت سائدة في البرازيل: أنت تمنح العمال مزايا اجتماعية، ولكنك لست مستعدا لقبول مجلس عمال مستقل".
لم تنته بعد عملية إعادة التقييم الاجتماعي والقانوني لتاريخ فولكس فاغن خلال الديكتاتورية العسكرية البرازيلية. ولا تزال هناك المزيد من النزاعات القانونية حول التعويضات واعتراف فولكس فاغن بالذنب معلقة. ولن يكون من الممكن إغلاق هذا الفصل في فولفسبورغ إلا بعد الانتهاء من هذه المنازعات.
أعده للعربية: م.أ.م