مد جسور الحوار بين الثقافتين الألمانية والسورية - شاب ألماني يحل ضيفا على عائلة مسيحية دمشقية
٣٠ أكتوبر ٢٠٠٩يلعب الأطفال في باب توما، حي المسيحيين في دمشق القديمة، حيث يعرض بائع خضروات صناديق مليئة بالخضر والغلال ويرصها تحت ضوء الفوانيس الخافت. الأمر الذي يزيد من ضيق الزقاق ويضفي عليه بعدا خاصا. وتعتبر هذه الصور غير مألوفة بالنسبة لتوبياس لوشه، شاب ألماني، قرر الإقامة لدى عائلة سورية مسيحية تقطن في هذا الزقاق.
وعندما انتقل إلى غرفته الجديدة ظل الشاب الألماني يبحث مطولا عن البيت الذي سيقيم فيه، ذلك لأنه يجهل العنوان بالتحديد. ويقول توبياس إن "توزيع أرقام البيوت هنا لا يخضع لنظام محدد"، مشيرا إلى أنّه يختلف عمّا تعوّد عليه في ألمانيا. ولكن الأهم من معرفة رقم البيت أو عنوانه، هو معرفة صاحبه، ولحسن حظ توبياس فهو يعرف أن مقر إقامته للفترة القادمة هو بيت إبراهيم. ويتميّز هذا المنزل بهندسة شامية قديمة، حيث يوجد الفناء، التي تتوسطها نافورة ماء.
كرم الضيافة السورية في دمشق القديمة
واستأجر توبياس غرفة تطل على فناء البيت مقابل 220 يورو في الشهر. وتتولى سيدة البيت، التي يجهل توبياس اسمها الحقيقي ويناديها فقط "أمي"، أعمال الغسل والتنظيف. وتغطي جدارن المنزل الدمشقي، بما فيها غرفة توبياس، صور لقديسين. فيما أعرب عامر، ابن سيدة البيت وميكانيكي سيارات، عن سعادته بإقامة توبياس لديهم في البيت، بحيث يقول: "أقضي وقتا طويلا مع توبياس، الذي أصبح صديقا لي، ونذهب معا إلى مقاهي الانترنيت ونشاهد سويا الأفلام أو نخرج مع بعضنا البعض لتدخين الشيشة أو لشرب البيرة." من جهته، يشير توبياس إلى أنّه يقضي وقتا طويلا مع صديقه الجديد، مشدّدا على كرم الضيافة في سوريا، بحيث يقول "على عكس ما هو معتاد عليه في ألمانيا، فإن الضيوف يلقون دائما ترحيبا كبيرا في سوريا".
ويمتدح توبياس مضيفته واصفا إياه بأنها "طباخة ممتازة"، مؤكدا أنه يهوى الأطباق السورية، التي يصفها باللذيذة، وأن طبقه المفضل "محشي كوسة"، أي الكوسة المحشوة بالأرز ولحم الخروف. وتقدم سيدة البيت القهوة فيما يشاهد أفراد العائلة فيلما على شاشة التلفزيون، ولكن عامر يفضل قناة أم.تي.في التي تعرض فيديوهات الكليبات العربية. وتجلس أخته ساندرا بجانبه، التي يبدو على ملابسها الطابع الغربي المتحرر وتضع حلقا على حاجبها. وعن حياتها كمسيحية داخل مجتمع تنتمي غالبيته إلى الدين الإسلامي، تقول ساندرا: "لدى الكثير من الأصدقاء المسلمين"، وتشير إلى أنه "هناك ربما بعض المسلمين الذين لا يحبون المسيحيين"، إلا أنها تؤمن بما تقول لها والدتها بأن"لكل دينه". وتشدد ساندرا في الوقت نفسه على أن المسلمين والمسيحيين يعيشون جنبا إلى جنب، بحيث تقول: "لقد نشأنا مع بعضنا البعض". أما عن ملابسها فتقول إنها على علم بأنها "تشد الأنظار من خلال أسلوبها في اللباس" ولكنها "لا تأبه لذلك".
التعرف عن مهنة الشرقيات الدمشقية القديمة
أما صاحب البيت، ابراهيم، فهو متخصص في صناعة الصناديق الدمشقية الصغيرة المزينة بالموزاييك، والتي تصنع من خشب شجر الليمون وشجر الورد. ويعمل ابراهيم مع أخيه جورج وابنه توني، في ورشة، تعد من آخر الورشات المتخصصة في مثل هذا النوع من الصناعات الخزفية التقليدية في دمشق. وعلى الرغم من أن ابراهيم قد ناهز عمره 71 عاما، إلا أن لا يفكر في التقاعد. من جهته، أعرب توبياس عن إعجابه بالقطع الحرفية التي يتم صنعها في ورشة ابراهيم، مشيرا إلى أن سيقتني هدايا أعياد الميلاد لعائلته في ألمانيا من ورشة ابراهيم. ويسأله توني عما إذا تعلم العربية، ولكن توبياس يقول إنه "لا يزال يبحث عن معلم يشرح له القواعد النحوية للهجة الشامية بالانجليزية"، مشدّدا في الوقت نفسه عن رغبته في تعلم اللغة. ولتشجيعه على تعلم العربية يؤكد له توني بأنّه لن يتكلم معه بأي لغة أخرى، غير العربية.
الكاتب: شتيفاني ماركيرت / شمس العياري
مراجعة: هيثم عبد العظيم