محتجو ميدان التحرير يطالبون بتنحي المجلس العسكري وآخرونه يأيدونه
٢٣ ديسمبر ٢٠١١احتشد آلاف المصريين في مظاهرة كبيرة في العاصمة القاهرة اليوم الجمعة (22 ديسمبر/كانون الأول 2011)، بدعوة من عدة قوى سياسية ضمن ما سمي ب"جمعة رد الشرف"، للتعبير عن رفضهم لتعامل الجيش المصري وقسوته مع احتجاجات سابقة بأسلوب مفرط، أدى إلى مقتل 17 مدنيا، في وقت يتعرض فيه المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي يدير شؤون البلاد حاليا، لانتقادات دولية.
من جهة أخرى وفي منطقة العباسية في شرق القاهرة شارك ألوف المؤيدين للمجلس العسكري في مظاهرة اقل حجما شعارها "لا للتخريب". ورفع المتظاهرون لافتات منها "الشعب والجيش والشرطة ايد واحدة" و"موتوا بغيظكم.. نعم للمجلس العسكري." ورفع مؤيدو المجلس العسكري صور إعلاميين يطالبون باستنكار مواقفهم قائلين إنهم متحيزون ضد المجلس العسكري.
ومنذ الصباح، احتشد مئات المتظاهرين في ميدان التحرير بوسط القاهرة، ولفّ علم مصري كبير حول أعمدة الإنارة في وسط الميدان، وهو رمز الثورة على مبارك، وردد المتظاهرون هتاف "يسقط حكم العسكر" و"يسقط المشير"، في إشارة إلى المشير حسين طنطاوي، الذي يرأس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويشغل منصب وزير الدفاع منذ 20 عاما وفي عهد مبارك. ونظِمت مظاهرات ومسيرات مماثلة في مدينة الإسكندرية الساحلية ومدينة الأقصر بصعيد مصر وفي مدن قناة السويس الثلاث: السويس وبورسعيد والإسماعيلية، ومدن أخرى.
وردد المحتجون هتاف الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق: "حرية، عدالة اجتماعية". وتقدمت نساء مسيرات دخلت الميدان وهن يحملن صور الانتهاكات ضد المتظاهرين. وقالت حركة شباب 6 أبريل، التي لعبت دورا أساسيا في دفع المصريين للثورة على مبارك، إن مواجهة الجيش للاحتجاجات، التي خرجت في الشوارع في الآونة الأخيرة، أظهرت أنه يسعى لحماية النظام القديم.
مطالب بتنحي العسكر
ويطالب المتظاهرون بأن يسلم المجلس العسكري السلطة للمدنيين قبل الموعد المعلن. كما يطالب بعض المصريين، المتشككين في تعهّد الجيش بالالتزام بالتغيير الديمقراطي، بإجراء انتخابات الرئاسة في موعد مبكر هو 25 يناير/كانون الثاني، والذي يوافق أول ذكرى للانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، أو بإجرائها قبل ميعاد تسليم السلطة للمدنيين، والذي أعلن الجيش أنه سيكون في منتصف عام 2012 .
وتأجج غضب المصريين بعد أن شاهدوا عناصر من قوات الأمن ترتدي زي الجيش، وهي تضرب متظاهرين ومتظاهرات يجرون على الأرض. وكان المجلس أبدى أسفه للعنف وكذلك عن واقعة جر الفتاة على الأرض وضربها وتعريتها إلى أن تم كشف ملابسها الداخلية. وقال المجلس العسكري إن الحادث فردي ويجري التحقيق فيه. واعتبر المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن "طرفا ثالثا يجري البحث عنه" تدخل ضد النشطاء والجنود خلال الاشتباكات.
وفي المقابل، ذكر بيان وقعه أكثر من 20 حزبا وحركة شبابية دعت إلى مظاهرة الجمعة أن: "المأزق الراهن الذي وصلنا إليه، نتيجة تقاعس المجلس العسكري عن القيام بدوره وتباطئِه المتعمد وإخلاله المتتالي بالتزاماته وفشله في الملف الاقتصادي والأمني، يضع البلاد بأكملها على حافة أزمة ضخمة لا يتوقف المجلس العسكري في إذكاء نيرانها تحقيقا لقول الرئيس المخلوع: إما أنا أو الفوضى". وأضاف البيان أن المجلس العسكري يجب أن يحاسَب. وقال "إن الثوار والشعب والتاريخ لن يغفروا لأعضاء المجلس العسكري الجرائم التي ارتكبوها والتي نتعهد لجميع المصريين بأننا لن نهدأ حتى يحاسَب كل من ارتكب هذه الجرائم احتراما لدماء شهدائنا وعِرض نسائنا التي استباحها المجلس وأباحها لتابعيه".
انتقادات ضد حزب الحرية والعدالة
لكن كثيرين قلقون أيضا لأن مصر مازالت في حالة فوضى حتى بعد مرور عشرة أشهر على الانتفاضة، لذا يريدون أن تتوقف الاحتجاجات حتى يمكن استعادة النظام وإنعاش الاقتصاد. وقال حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين والذي يتقدم نتائج انتخابات برلمانية تجرى على ثلاث مراحل حتى يناير/كانون الثاني، إنه ليس مشاركاً في مظاهرة الجمعة. وأيد الحزب الجدول الزمني الذي وضعه المجلس العسكري لنقل السلطة، ويقول إن عملية التحول الديمقراطي يجب أن تتم عبر صناديق الانتخابات وليس الضغط.
وانتقد بعض المتظاهرين جماعة الإخوان التي تقدمت على عشرات الأحزاب في انتخابات مجلس الشعب الحالية، بسبب رفضها المشاركة في المظاهرات وقولها إن "الانتخابات التي تمهد لنقل السلطة للمدنيين أهم من الضغط على المجلس العسكري". وطالبت لافتة في ميدان التحرير بتسليم السلطة لمجلس مدني يضم عبد المنعم أبو الفتوح الذي فصِل من جماعة الإخوان المسلمين بعدما رفض قرارها وتقدم كمرشح في انتخابات الرئاسة المقبلة، رغم تعّهد الجماعة بعدم تسمية مرشّح عنها.
وفي أول عهده بإدارة شؤون البلاد، أدخل المجلس العسكري إصلاحات كان المصريون تطلعوا إليها طويلا مثل: إلغاء الترشح للرئاسة مدى الحياة لشاغل المنصب، كما حلّ المجلس العسكري مجلسي الشعب والشورى السابقين، اللذين شاب انتخابهما مخالفات واسعة النطاق، ووافق على حكمين قضائيين بحل الحزب الوطني الديمقراطي، الذي كان يحكم البلاد والمجالس الشعبية المحلية. لكن وبمرور الوقت، قال مصريون كثيرون إن المجلس العسكري لم يحقق أهداف الثورة ومنها: مكافحة الفساد وإقامة نظام ديمقراطي يضمن مدنية الدولة.
(ع.م/ د ب أ ، رويترز)
مراجعة: حسن زنيند