ماغنوم في عيد ميلادها الستين ... لكل صورة ضمير
١١ مارس ٢٠٠٧"الصورة الفوتوغرافية الجيدة كالنشْل"، وفقا لوصف هنري كارتيه بريسون، أحد مؤسسي وكالة التصوير الفوتوغرافي "ماغنوم" وواحد من مهندسي فن التصوير الفوتوغرافي ومؤسسيه. فالأداة الرئيسية للقيام بهذه المهمة هي اليد والأمر يحتاج إلى الخفة وإلى اقتناص اللحظة المناسبة. وهذا ما يمكن للمراقب استشفافه من صور كارتيه بريسون وزملاءه الثلاثة المسؤولين عن تأسيس أقدم وكالة صور مستقلة في العالم وهم روبرت كابا وجورج روجر ودافيد سايمور. فصورة "الجندي المجهول" التي التقطها كابا في الخامس من سبتمبر/أيلول من عام 1936 أثناء الحرب الأهلية الأسبانية وكذلك صورة الصبي الفرنسي الذي يحمل في صورة كارتيه بريسون زجاجتي نبيذ ويهرع في أحد الشوارع الباريسية هي من الصور الفوتوغرافية التي يراها الشخص مرة واحدة فقط لتبقى راسخة في مخيلته إلى الأبد. ولا يكمن سر نجاح هذه الصور فقط في تسجيل لحظات مهمة وتوثيقها، بل أيضا في اختيار اللحظة المناسبة لالتقاطها وفي ترسيخ المبدأ القائل: ...
لكل صورة ضمير
في عام 1947، التقى في العاصمة الفرنسية أربعة مصورون جاؤوا إلى باريس من أربعة بلدان أوروبية مختلفة هي هنغاريا وفرنسا وبولندا وبريطانيا. الحديث هنا يدور عن هنري كارتيه بريسون وروبرت كابا وجورج روجر ودافيد سايمور الذين بادروا بتأسيس وكالة صور أطلقوا عليها اسم زجاجة الشمبانيا التي أفرغوها دون هوادة بهذه المناسبة: إنها وكالة "ماغنوم" التي يعود إليها الفضل، ليس فقط في الدفاع عن حقوق المصورين الصحافيين، بل أيضا في إثراء التحقيقات الصحفية المصورة وبالتالي فنون الصحافة بأكملها. وفورا، تحولت وكالة الصور الفتية إلى ضمان لصور عالية الجودة بالأبيض والأسود. ولم تقتصر أهمية هذه الصور على الجودة العالية من الناحيتين الجمالية والصحفية، بل أيضا على مقدرتها على النظر إلى الأزمات والحروب من منظور آخر وخاصة إذا دار الحديث عن روبرت كابا .....
"شهيد الصورة الفوتوغرافية"
وهذا ينطبق بشكل أساسي على "شهيد الصورة الفوتوغرافية" روبرت كابا، الذي قضى عام 1954 في الحرب الهندية ـ الصينية عن عمر يناهز 40 ربيعا. وإذا كان كارتيه بريسون محقا في قوله إن الصورة الفوتوغرافية الجيدة كالنشل، فإن روبرت كابا كان أيضا محقا في قوله:" إذا لم تكن صورتك جيدة كالمطلوب، فإنك لم تكن قريبا من الهدف بما فيه الكفاية." وهنا لا يقصد روبرت كابا فقط القرب المكاني من الهدف، بل أيضا القرب الروحي وخاصة عندما يدور الحديث عن توثيق معاناة المدنيين من ويلات الحروب. ولم يكتف كابا، هنغاري الأصل بتوثيق خمس حروب في ثلاث قارات وبقربه من ويلات الحروب ورعبها، بل أنه، كما يقول كاتب سيرته ريتشارد فيلان كان دائما يقف إلى جانب ضحايا هذه الحروب ويحاول في صوره تشخيص آلام المدنيين وترجمتها إلى الأسود والأبيض. ويصف فيلان مشوار كابا بالقول " …. أهمية الجزء الأكبر من صور كابا تعود إلى إظهارها لكيفية انتصار إرادة الفرد على جبروت الحروب ورعبها."
تجديد معايير الصورة الجيدة
وفي مجلات وصحف مرموقة مثل "Life" و "Look" و"Geo" و"Stern" لم يكتف مصورو الوكالة وعلى رأسهم المصورون الأربعة بابتكار نظرة جمالية جديدة وتطوير الصورة الصحفية، بل أنهم جددوا معايير الصورة الصحفية الجيدة وأجبروا الصحف والمجلات التي تنشرها على ذكر اسم الصحفي الذي التقطها والأهم من ذلك على ضرورة احتفاظه بملكيتها. ومن أجل التمكن من العمل باستقلالية، تبرع المصورون الأربعة بـ 40 بالمائة من ثمن صورهم للوكالة. ولم يصرف المسؤولون الأموال المتوفرة على مكاتب الوكالة وموظفيها، بل أنهم وفروا جميع الظروف اللازمة لكي يستطيع مصوروها العمل باستقلالية وخاصة من الناحية المالية. ولم يحتفل العالم الصحفي فقط بعيد ميلاد وكالة الصور، بل أن عالم السينما أيضا ذكّر مؤخرا وعلى هامش الدورة السابعة والخمسين لمهرجان برلين السينمائي "برليناله" ذكّر من خلال فعالية بعيد ميلاد "ماغنوم" الستيني. وتضمنت الفعالية عرض 33 فيلما من وعن وكالة الصور الشهيرة وكذلك عرض جمع "عين ماغنوم" وسلسلة من الأفلام الوثائقية عن الوكالة وتاريخ تأسيسها.
46 مصور فقط
واليوم وبعد مرور ستين عام على تأسيس الوكالة، تعتبر "ماغنوم" وكالة لنخبة المصورين الصحافيين، فهي تتكون من 46 مصور فقط والتحاق مصور جديد بها يتطلب موافقة جميع الأعضاء المسجلين فيها. ومن الجدير بالذكر أن القائمين على الوكالة تختار الأعضاء الجدد حسب المعيار التالي: "لا نريد أن يقول عنك الناس، يا له من مصور جيد، بل يا له من إنسان جيد".