مئات الآلاف في حفل تنصيب البابا بنيديكت السادس عشر
كانت فرحة الألمان بانتخاب بابا من بلادهم عارمة بالرغم من رغبة الكثيرين بانتخاب بابا ليبرالي يستطيع أن يتجاوب مع التغيرات الحاصلة في عالم العولمة. إحدى التلميذات من مدينة كولونيا عبرت عن فرحتها بالقول: "انه حقاً لأمر رائع أن يكون البابا الجديد من بيننا، من بلدنا وأن يتكلم لغتنا." الا أن المحافظين يعتبرون أن الفترة التي يعيشها العالم وتحديدا بسبب العولمة تستدعي وجود بابا يحافظ على قيم وتقاليد الكنيسة في وجه التغيرات التي لا يمكن للانسان البسيط أن يحتمل تداعياتها وعقباها. وقد ترددت في الآونة الأخيرة اشاعات عن احتمالية استدعاء الكاردينال كارل ليمان، رئيس مجلس الاساقفة الالمان وكاردينال ماينز، الى روما ليكون ضمن طاقم الحبرية الجديدة. ويتمتع ليمان بشعبية كبيرة في ألمانيا كونه يعبر عن الخط الليبرالي للكنيسة حيث قام في الماضي بتوجيه انتقادات شديدة لنهج الكنيسة المحافظ.
"الكنيسة ما زالت حاضرة، الكنيسة ما زالت شابة"
بهذه الكلمات خاطب بنيديكت السادس عشر الجموع في حفل تنصيبه على رأس الكنيسة الكاثوليكية وسط تصفيق حار من قبل الحاضرين وتلويح بالاعلام من مختلف دول العالم. وأكد البابا انه عازم على ادارة الكنيسة بطريقة تسودها روح التعاون والأخوة، مؤكدا "أن الأمر لا يتعلق بتطبيق ارادتي وأفكاري، وانما بتطبيق ارادة الرب ورسالته." وأشار بنيديكت السادس عشر الى أنه والكنيسة الكاثوليكية سيعملان بجد لمنع تفاقم الازمات بين البشر وعدم توسع انتشار المرض والفقر والشعور بالوحدة في العالم. "من يعمّر الايمان قلبه لا يمكن أن يشعر بالوحدة، لا في الحياة الدنيا ولا في الآخرة." ولم ينس البابا بالطبع الاشارة الى سلفه الراحل يوحنا بولس الثاني وسط تصفيق عاصف من قبل الحضور. وقبل بدء القداس زار البابا قبر القديس بطرس، أول بابا للكنيسة الكاثوليكية والذي دفن في قبو الكاتدرائية الواسعة. ثم خرج البابا ممسكا بصولجان فضي ومرتديا زيا ذهبي اللون وتاجا مزينا بنقوش الى الساحة لبدء مراسم تنصيبه البابا رقم 265 للكنيسة الكاثوليكية. وبعد ذلك قام بعض الكرادلة بتسليم البابا الجديد "خاتم السلطة"، وهو الخاتم الذي يرمز الى البابا الأول القديس بطرس وتتابع على لبسه الباباوات على مر العصور. وبجانب الخاتم تسلّم بنيديكت السادس عشر شالا من الصوف مرصعا بخمس صلبان من الحرير. ويرمز هذا الشال الى المهمة التي تنتظر البابا الجديد بوصفه "راعي الكنيسة الأول.“ وعقب انتهاء القداس تجول البابا في أنحاء ساحة القديس بطرس الشاسعة عقب في سيارة مكشوفة ليحيي الحشود.
حضور رسمي رفيع المستوى
لم يقتصر الحضور الالماني على مئات الآلاف من المواطنين الالمان، وانما حرصت شخصيات سياسية رفيعة المستوى على عدم تفويت فرصة حضور حفل تنصيب البابا الجديد. ويرأس الوفد الألماني المستشار غرهارد شرودر والرئيس الالماني هورست كولر، فيما مثل أخ الرئيس الامريكي وحاكم ولاية فلوريدا جيب بوش الولايات المتحدة. وكان أيضا من بين الحضور ملك اسبانيا خوان كارلوس وعميد أساقفة كانتربري والزعيم الروحي للانجليكانيين روان وليامز. ويحضر الحفل أيضا القس جورج راتسنغر (81)، الأخ الاكبر للبابا الجديد، والذي انتقد انتخاب أخيه لهذا المنصب بسبب حالته الصحية غير المستقرة. وجرى القداس الذي استمر لأكثر من ساعتين باللاتينية وتليت خلاله صلوات بلغات عدة منها الالمانية والعربية والصينية. ومن المقرر أن يلتقي البابا بكبار الشخصيات التي تزور الفاتيكان في وقت لاحق اليوم ويعقد غدا الاثنين لقاء مع زائرين المان. ورغم أن الحضور الرسمي أقل بكثير منه في وداع البابا يوحنا بولس الثاني، الا أن اجراءات أمنية صارمة تم اتخاذها داخل وحول ساحة الفاتيكان تحسبا لأية عمليات ارهابية أو إخلال بالأمن، كما تم أغلاق المجال الجوي لمدينة روما بالكامل ونصب صواريخ مضادة للطائرات، اضافة الى تحليق طائرة استطلاع تابعة لحلف الناتو فوق المدين طيلة وقت الحفل.