ليست الشرطة دائما في خدمة المواطنين
٢٠ نوفمبر ٢٠١٢كان دريغي ويفلزيب رفقة خطيبته داخل مترو الأنفاق في فرانكفورت، عندما قام حراس المترو بتفتيشه. وتم استدعاء رجال الشرطة لأنه لم يكن في حوزته تذكرة الركوب أو بطاقة الهوية. فطلبوا من الشاب وهو من أصول أثيوبية مرافقتهم إلى بيته لإحضار بطاقة الهوية. وفي الطريق إلى المنزل حدث تصعيد بين الأطراف، وانتهى بتسليم دريغي الى المستشفى. وحسب الكشف الطبي، فقد تعرض الأخير إلى ارتجاج في المخ، وكانت آثار الضرب واضحة على جميع أطراف جسده. وفي حوار مع صحيفة فرانكفورتر روندشاو Frankfurter Rundschau قال دريغي إنه تعرض للضرب المبرح من قبل رجال الشرطة، وهو ما ينفيه الطرف الآخر بشدة.
حسب دراسة قامت بها منظمة العفو الدولية عام 2010 ليست مثل هذه الاتهامات التي توجه إلى رجال الشرطة الألمانية نادرة إذ تم تسجيل حالات مماثلة، وانتقدت المنظمة غياب مؤسسة رقابية محايدة تستقبل شكاوى المواطنين بشأن كل سلوك منحرف يمارسه رجال الشرطة ضدهم.
وانتقدت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة إجراءات المتابعة، بحكم أن الشرطة نفسها أوالنيابة العامة هي من تقوم بالتحقيق مع رجال الشرطة سواء على مستوى الولايات أو على المستوى الفيدرالي. بالنسبة للشرطة هناك نظام كشف الهوية عبر الأرقام للتعرف على الشرطي غير أن ذلك لا يتمّ إلا في ولايتين ألمانيتين فقط من أصل ستة عشر. ويقضي هذا النظام بأن يضع الشرطي رقما رباعيا على بذلته الرسمية حتى يتمكن من يريد متابعته قضائيا تحديد هويته في ما بعد. وتعد هذه الطريقة من الشروط الضرورية لوضع آليات المراقبة، كما عبر عن ذلك لموقع DWألكسندار بوش المسؤول عن قضايا الأجهزة الأمنية الألمانية داخل منظمة العفو الدولية. وترفض الشرطة الفيدرالية وكذا شرطة الولايات تعميم الإجراء الذي يعتبر "إجراء طوعي" لا يمكن اعتباره إلزاميا " بمقتضى القانون"، كما يقول برنهارد فيتهاوت رئيس نقابة الشرطة الفيدرالية.
رفض لوجود جهاز مستقل للمراقبة
وفي حوار مع DW، يرفض برنهارد فيتهاوت أيضا فكرة إنشاء جهاز مراقبة مستقل، فالشرطة "ليست بحاجة إلى من يراقبها، ولا إلى مركز شكاوى يُملي عليها ما يتوجب فعله"، لأن "الشرطة هي التي تقوم بملاحقة المذنبين أينما كانوا" وأن أجهزتها "تتضمن الآليات والهياكل اللازمة لتوضيح ملابسات كل قضية".
ويرى رئيس نقابة الشرطة الفيدرالية، أن المشكل الأساسي يكمن في إيقاف التحقيقات المرتبطة بغالبية القضايا التي توجه فيها الاتهامات إلى رجال الشرطة، نظرا لتعذر الكشف عن هوية المتهمين". وفي هذا السياق، أوضح أستاذ القانون الجنائي في برلين توبياس زينغلنشتاين أن النيابة العامة قامت بوقف التحقيق في 95 بالمائة من القضايا التي تم فيها توجيه تهم الى رجال الشرطة مثل الاعتداء الجسدي على أشخاص. وبالنظر الى أرقام لمكتب الإحصاء الفيدرالي الألماني، فقد بلغ عدد القضايا التي وجهت فيها اتهامات الى رجال الشرطة عام 2010 حوالي 3989 قضية، وفي 3500 منها كان المتهمون يزاولون عملهم - حسب المحاضر- حيث لم يتم النظر في أي منها أساسا.
من جهة أخرى انتقد ألكسندر بوش من منظمة العفو الدولية "علاقة القرابة المؤسساتية بين النيابة العامة وجهاز الشرطة"، و طالب بتعميم نظام الأرقام لتحديد هوية رجال الشرطة من طرف المشتكي، فضلا عن إنشاء أجهزة رقابة محايدة كما هو الحال في بريطانيا وفرنسا والبرتغال.
بالإشارة إلى بريطانيا أو أيرلندا توجد في أوروبا نماذج عديدة لمثل هذه المؤسسات. ويرى الخبير توماس فوبسهال أن فرص إنشاء جهاز مماثل في ألمانيا "ضئيلة". وذلك لغياب الرغبة في ذلك سواء على مستوى الساسة أو رجال الشرطة، مضيفا أن هذه الأخيرة "تسعى من باب الزمالة إلى حماية رجالها من التعرض لعقوبات"، وملاحظا من جهة أخرى أن الأحزاب السياسية "تتجنب صدامات محتملة مع الأجهزة الأمنية".