لهذه الأسباب .. أطفال هولندا الأكثر سعادة في أوروبا!
١٠ سبتمبر ٢٠٢٥وفقًا لدراسة أجرتها منظمة الأمم المتحدة لرعاية الأمومة والطفولة "يونيسيف" فإن أطفال هولندا هم أسعد الأطفال في أوروبا يليهم أطفال الدنمارك والنرويج وسويسرا وفنلندا. أما أطفال ألمانيا، فقد حلوا في المرتبة 14، من بين أطفال 41 دولة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والاتحاد الأوروبي، بحسب موقع فوكوس الألماني.
سعادة أطفال هولندا مقابل أطفال ألمانيا
وأفاد فوكوس أن تلك الدراسة أجرتها اليونسيف عام 2020 بهدف معرفة مستوى رضا الأطفال عن حياتهم ورفاههم في الدول المعنية، وركزت على الصحة النفسية والجسدية، بالإضافة إلى المهارات الاجتماعية والفكرية.
وقال 90% من الأطفال الهولنديين إنهم راضون عن حياتهم. بينما بلغت النسبة في ألمانيا 75%، ما يعني أن واحدًا من كل أربعة أطفال ألمان ليس راضيًا عن حياته "وهذا ليس جيدًا بالمعايير الدولية"، بحسب ما نقل فوكوس عن رودي تارنيدن، المتحدث باسم اليونيسيف فرع ألمانيا بمدينة كولونيا.
وتبلغ مساحة هولندا نحو 42 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها يزيد قليلا عن 18 مليون نسمة. بينما تبلغ مساحة ألمانيا حوالي 358 ألف كيلومتر مربع، مع عدد سكان يبلغ نحو 84 مليون نسمة.
ما سر سعادة الأطفال الهولنديين؟
في حوار مع مجلة فوكوس، أعربت عالمة النفس الهولندية فيرونيك فان دير كليج عن اعتقادها بأن سعادة أطفال هولندا هي نتيجة عدة عوامل ومن أهمها طريقة التربية من قبل الوالدين. وحددت فان دير كليج ستة جوانب رئيسية يتميز بها الآباء والأمهات الهولنديون في تربية أطفالهم ذكرتها بطريقة مختصرة وتتمثل فيما يلي:-
1. السماح بالسقوط لتعلم النهوض من جديد
يسمح الآباء الهولنديون لأطفالهم بارتكاب الأخطاء والتعلم منها. فمثلا في أماكن اللعب يتركون الأطفال ليركضوا بحرية دون إشراف مفرط. "في الملاعب .. يسمحون لأطفالهم باللعب بشكل مستقل مع أطفال آخرين، أو حتى بمفردهم. يسمحون لهم بالسقوط أحيانًا - حتى يتمكنوا من تعلم النهوض من جديد"، تقول فان دير كليج.
في أماكن اللعب، يراقب الهولندي طفله عن بُعد غالبا، ليتحقق من أنه قادر مثلا على حل نزاع مع طفل آخر بمفرده، أو النهوض بعد السقوط، قبل التدخل للمساعدة، تؤكد العالمة الهولندية.
2. ركوب الدراجة وتعزيز الاستقلالية
الاستقلالية مسألة يقدرها الهولنديون عمومًا ويشجعون أطفالهم عليها، فيعلمونهم مثلا ركوب الدراجة بشكل مستقل منذ الصغر. وثقافة ركوب الدراجات متجذرة بعمق. يقودونها خلال أحوال جوية مختلفة مع ارتداء ملابس مناسبة بالطبع، وهذا يُعلّم الأطفال القدرة على مواجهة عقبات الحياة بدلًا من تجنبها. ويسمح آباء لأطفالهم في سن التاسعة أو العاشرة بركوب الدراجات إلى المدرسة أو إلى منازل أصدقائهم بمفردهم. هذه الحرية والثقة الأبوية تُساعد الأطفال على النمو ليصبحوا بالغين مستقلين وواثقين من أنفسهم، بحسب فان دير كليج. وقبل ذلك يسمح للطفل في سن مبكرة باختيار ما يرتديه أو كيفية تصفيف شعره مثلا من سن الثانية أو الثالثة.
3. تشجيع الأطفال على التعبير عن رأيهم
يُشرك الأطفال في عمليات صنع القرار، وتُؤخذ آراؤهم على محمل الجد. وهذا يعزز تقديرهم لذاتهم ومهارات التواصل لديهم. وبهذه الطريقة، يمكن للأطفال تعلم كيفية وضع حدودهم الشخصية والتفاوض عليها مبكرًا. وهذا لا يعني أن الآباء الهولنديين يفعلون دائمًا ما يريده أبناؤهم "ولكن عموما ندع أطفالنا يعرفون أن صوتهم مسموع وأن آراءهم قيّمة"، توضح عالمة النفس الهولندية.
4. توفير الأمن من خلال النظام
يُوجه للآباء والأمهات الهولنديين نصائح بأن يعودوا أطفالهم منذ الولادة على "الهدوء والنظافة والنظام". وهذا يُتيح لمعظم الأطفال هناك اتباع جدول يومي واضح يُعطي الأولوية للاستقرار ويُتيح القدرة على التنبؤ بسلوكهم في المواقف المختلفة. وتُوضح فان دير كليج: "يُجيد الآباء الهولنديون عمومًا توفير نظام يُشعر جميع الأطفال بالراحة، لأنه يُوفر لهم الأمان لاستكشاف العالم من حولهم".
5. تخصيص وقت لقضائه مع الأطفال
توضح عالمة النفس أن "ما يقارب 50% من القوى العاملة في هولندا يعملون بدوام جزئي". وهذا يعني أن الآباء الذين يعملون بدوام جزئي يستطيعون قضاء وقت أطول مع أطفالهم، يقومون فيه بأنشطة ممتعة معهم. ولا يزال هناك فرق بين الأمهات والآباء - فمن المقبول إلى حد ما أن تعمل الأمهات لساعات أقل - ولكن يبدو أن هذا الفرق يضيق. كما يأخذ الآباء الهولنديون يومًا واحدًا على الأقل أسبوعيًا - "يوم الأب" - ليقضوه مع أطفالهم.
6. تناول الطعام سويا ولو لوجبة واحدة
يحرص الآباء الهولنديون على تناول وجبة واحدة على الأقل مع أطفالهم يوميًا. ويُعزز هذا الوقت المشترك الروابط الأسرية والتفاعل بين الوالدين والأبناء. "التواصل يُحسّن الصحة النفسية لجميع أفراد الأسرة، ويُسهم في نشأة أطفال أكثر سعادةً وتوازنًا عاطفيًا"، تقول فان دير كليج في حوراها مع مجلة فوكوس.
تحرير: عارف جابو