للمرة الأولى .. شباب عرب في ضيافة البرلمان الألماني
٢٨ سبتمبر ٢٠١٢في برنامج هو الأول منذ تأسيسه، يستضيف البرلمان الألماني (البوندستاغ) وعلى مدار أربعة أسابيع 24 شاباً وشابة من الناشطين في العالم العربي. ويهدف هذا البرنامج إلى إعطاء الشباب لمحة عن طريقة عمل النظام البرلماني في جمهورية ألمانيا الاتحادية. أغلب المشاركين هم شباب ذوو اهتمامات سياسية ويعملون في بلادهم ضمن قطاعات مختلفة، فمنهم صحفيون وأطباء أو معلمون في المدارس والجامعات.
وتعود فكرة هذه المنحة إلى فولفغانغ بورنزن، النائب في حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الحاكم والأب الروحي لبرنامج "المنح البرلمانية الدولية" (IPS)، الذي أطلق قبل أكثر من 25 عاماً. كما يشغل بورنزن منصب رئيس المجموعة الإخبارية المختصة في البرلمان الألماني. ويمّول هذا المشروع من قبل البرلمان الألماني. وفي بداية إقامتهم، رحبّ رئيس البرلمان الحالي نوربرت لامرت بجميع الشباب المشاركين، مؤكداً على ضرورة مساهمة هذه المنحة في التطور الديمقراطي في البلدان العربية.
برامج متنوعة....
وسيحضر المشاركون في البرنامج محاضرات عن تاريخ البرلمان الألماني وطريقة عمله. كما ستتاح لهم فرصة حضور مناقشات البرلمان واللجان، فضلاً عن التدرب لدى بعض النواب للتعرف على كيفية سير العمل هناك. إضافة إلى ذلك، تتاح للمشاركين فرصة التعرف على الحقبة النازية الديكتاتورية في ألمانيا. ومن المقرر أيضاً زيارة النصب التذكاري الخاص بجهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقاً، والمعروف باسم "شتازي"، في برلين، إلى جانب زيارة معسكر الإبادة "بوخنفالد" بولاية تورينغن، وندوة عن "الأقليات الدينية والعرقية" في ألمانيا.
منة جاد شابة مصرية أنهت دراستها في علم اللغة الألمانية، وتعمل حالياً في مؤسسة التبادل الأكاديمي الألماني DAAD. وتصف منة بإعجاب ما شهدته في برلين، وتعلَق على زيارتها للبرلمان بقولها: "من الممتع أن نجرب الحياة الديمقراطية بشكل عملي. لقد رأينا السيدة ميركل مباشرة في أحد الاجتماعات". وتأسف منة لعدم توفر مثل هذه الفرص في بلدها، مضيفة: "هنا كل شيء متاح، ما يمنح المرء فرصة الاطلاع على الحياة السياسية".
أما بالنسبة لعبد الله أحمد من الأردن، فهو قد زار ألمانيا مرات عديدة، وتدرب في أكاديمية دويتشه فيله في بون، وحصل على درجة الماجستير في مجال "الدراسات الإعلامية الدولية"، ويعمل حالياً لدى إحدى المنظمات غير الحكومية في مجال التثقيف السياسي. ويرى عبد الله أن هذه المنحة هي فرصة فريدة من نوعها، إذ أتاحت له فرصة زيارة البرلمان الألماني، إلى جانب امكانية تبادل الأفكار مع زملائه من بلدان عربية أخرى.
التعرف على ثقافة ألمانيا وتاريخها...
ومن بين المشاركين أيضاً الشاب اللبناني أندريه سليمان. يعمل أندريه لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي كمستشار، ويحضر في الوقت ذاته رسالة الدكتواره في علم الاجتماع بباريس. وبالنسبة لسليمان، زيارة البرلمان الألماني والتعرف على سير العمل فيه ليس الشيء الوحيد الذي اكتسبه من هذه المنحة، إذ يرى أن هذه الزيارة سمحت له بالتعرف أكثر على ألمانيا، ويضيف قائلاً: "لقد تعرفنا على الكثير من المؤسسات الألمانية إلى جانب الثقافة الألمانية وتاريخها".
أما محمد شحاته، فهو معيد في جامعة الأزهر المصرية ويدرّس الألمانية والعلوم الإسلامية. ويؤكد محمد أنه خلال الأيام القلية الماضية يمكن للمرء تبادل العديد من الخبرات، إلا أن أكثر ما نال إعجابه هي "لعبة البرلمان التي لعبناها سوية. إنها فكرة ممتازة، وكتبت مقالاً عنها". ويؤكد شحاته في الوقت ذاته أن ما تعلمه في الأيام الماضية هو أن اتخاذ القرارات في النظام الديمقراطي يحتاج إلى الكثير من الوقت.
الشابة منى حجازي تعمل أمينة مكتبة في مكتبة الإسكندرية الشهيرة، وإلى جانب عملها، تنظم منى من وقت لآخر برامج للشباب المهتمين بالعمل السياسي. وتؤكد منى على رغبتها في نقل المعلومات التي جمعتها عن النظام البرلماني في ألمانيا إلى الشباب المصري، وتضيف بالقول: "إنها معلومات مفيدة جداً لبلدي".
زيارة نصب "شتازي" التذكاري والأرشيف
وعلى صعيد آخر، زار الشباب المشاركون النصب التذكاري لجهاز أمن الدولة في ألمانيا الشرقية سابقاً، واطلعوا على الأرشيف الخاص به. واختتم الشباب يومهم بمشاهدة فيلم "حياة الآخرين"، الذي يروي أحداث عملية تجسس لأحد المخبرين في جهاز أمن الدولة "شتازي" على أحد المفكرين الناقدين للشيوعية آنذاك.
ونال هذا الفيلم، الذي يحظى باهتمام دولي كبير، إعجاب الشاب عبد الرحيم السعدي من المغرب، فعبد الرحيم هو أحد الناشطين في مؤسسة فيردريش إيبرت الألمانية في المغرب. وفي حواره مع DW، يؤكد عبد الرحيم على أن التحول في النظام السياسي الألماني هو أمر في غاية الأهمية، موضحاً أن "ما أدهشني هو كيف تمكنت ألمانيا خلال 60 عاماً فقط من التحول من نظام ديكتاتوري إلى دولة ديمقراطية".
أما الشابة التونسية أروى عباسي، التي تعمل في غرفة التجارة الألمانية التونسية، فتأمل أن تستفيد مما تعلمته في هذه المنحة في المستقبل. وبعد زيارتها للنصب التذكاري "شتازي" واطلاعها على الأرشيف الخاص به، تشرح أروى، البالغة من العمر 26 عاماً، أهمية تقييم وثائق الأمن القومي لبلدها، إذ تقول: "حكومتنا كانت مشغولة بكتابة التقارير ضد بعض أفراد شعبها، ونريد أن نرى ما ورد ضدنا في هذه السجلات".
من جانبه يعتبر الشاب الفلسطيني كمال مكركر، الذي درس في ألمانيا لمدة خمس سنوات وحصل على شهادة الماجستير في مجال "إدارة المشاريع الدولية"، زيارة مقر أمن الدولة السابق أمراً مهماً للغاية، لأن "على الجميع أن يعرفوا ويفهموا كيف تعمل هذه المنظمات". ويؤكد كمال على أن من يسعى لبناء دولة ديمقراطية عليه ألا يتعامل مع مواطنيه بهذه الطرق، وينبغي للمرء أن يحصل على حقوقه.