لا قمة في العراق لسببين
١ فبراير ٢٠١٢السبب الأول:
لم يعد خافيا على أصحاب القرار في الوطن العربي والمسؤولين في جامعة الدول العربية، أن التشكيلة السياسية والحكومية في العراق، تسير من حالتها العرجاء صوب الخواء التام، وإنها خرجت من فرن الإنتاج الأميركي لتدخل في أكثر من وعاء، وفي جميع الأحوال، فإن ما كان يجمع القوى السياسية في العراق هو القوة الأميركية، التي تتوزع بين العصا الذي يمسك بها في واشنطن نائب الرئيس الأميركي جو بايدن وفي بغداد السفير الأميركي، وبين القوات الأميركية البرية والجوية وفي مقدمتها المروحيات التي واصلت توفير الحماية لجميع أطراف العملية السياسية، لهذا فإن الكثير من المراقبين والمتابعين للشأن العراقي، تفاجأوا بتدهور سريع وعاجل في منظومة العملية السياسية والحكومية، وقبل أن تنقضي ثماني وأربعين ساعة على خروج الجنود الأميركيين في العشرين من ديسمبر العام الماضي، انفرطت حبات عقد واهن اسمه العملية السياسية في العراق، وهذا الأمر يدفع بالكثير من أصحاب القرار في الوطن العربي وجامعة الدول العربية للتوقف عنده بعناية تامة، وحال الجميع يقول، ما الذي سيأتي في قادم الأيام من أحداث وتشرذم في هيكل العملية السياسية المتآكل؟
دون شك، فإن الزعماء والقادة العرب والمسؤولين في جامعة الدول العربية، يريدون حضور مؤتمر في عاصمة تقف على عمل سياسي معقول، لا تهب عليها العواصف من كل جانب في داخلها وخارجها، وأن احتمالات انهيارها أكثر بكثير من استمرارها.
السبب الثاني:
يتابع الجميع عبر وسائل الإعلام الأوضاع الأمنية في العراق، وجميع المؤشرات تتحدث عن تدهور واسع وخطير، وهناك جزئية في غاية الأهمية يتوقف عندها الكثير من المراقبين،وهي خاصة بالعراق ولم تحدث في أي بلد آخر، فالجميع يربطون بين التدهور الأمني وازدياد التفجيرات وعمليات الاغتيال والفوضى المتزايدة بالخلافات بين الأطراف السياسية، وهذا يؤشر إلى قضية مهمة،لأن الجهات المسؤولة عن أمن المواطن أصبحت الاتهامات الموجهة إليها بصورة واضحة وصريحة، وهذا ما يقوله كتاب الرأي والسياسيين في العالم العربي وفي العالم، وأن الاتهامات توجه إلى الحكومة والسياسيين في تنفيذ الكثير من التفجيرات التي تحصل بصورة يومية وفي الكثير من مدن العراق، وهذا الأمر يبعث بأكثر من رسالة الى أصحاب القرار العربي، ويقف حائلا أمام حضورهم الى العراق، الذي يعيش عنفا وتفتتا أمنيا واسعا.
وخير مثال على ما نقوله الاتهامات التي تبادلتها أطراف العملية السياسية عندما استهدفت سيارة مفخخة مبنى البرلمان الواقع داخل المنطقة الخضراء شديدة التحصين، فقد اقتنعت الأطراف بأن الجهة التي تقف وراء دخول سيارة مفخخة الى هذا المكان،لابد أن تكون جهة حكومية، ومن هذه القناعة قال طاقم القائمة العراقية إن المستهدف بالانفجار أحد قادتها وهو أسامة النجيفي رئيس البرلمان، وبهذا فإن الاتهام موجه الى الحكومة، أما أعضاء دولة القانون فقالوا إن المستهدف هو رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي، وبهذا فإن الاتهام موجه الى القائمة العراقية، ورغم مرور شهرين على هذا الانفجار، إلا أن الحكومة لم تعلن نتائج التحقيق الخاصة بانفجار البرلمان، ولجنة الأمن والدفاع البرلمانية لم تعلن نتائج دقيقة تكشف فيه عن الجهة التي تقف وراء الانفجار، وهو دليل على فقدان الثقة بين أقطاب العملية السياسية، والمشكلة أن عدم الثقة لا ينحصر في زوايا اتخاذ القرارات البرلمانية والحكومية، وإنما يلامس أخطر قضية وهي تربص كل طرف من أقطاب العملية السياسية والحكومية بالآخر لقتله والقضاء عليه.ومن الواضح أن عدم الثقة يقود المنظومة السياسية المتهرئة إلى المزيد من التشظي.
وهناك مسألة خطيرة أخرى، فالأطراف الحكومية والسياسية في عراق اليوم متهمة بقضايا جنائية، فنائب رئيس الجمهورية هارب في اربيل، والقائمة العراقية تكلف محامين وقانونيين لمحاكمة رئيس الوزراء نوري المالكي، بعد اعترافه أمام وسائل الإعلام بإخفاء ملف جرائم منذ ثلاث سنوات، وهذا تستر على مجاميع تقتل العراقيين، وبهذا فإن الحكومة الحالية أمام ملفات جنائية خطيرة.
وبدون شك فإن الزعماء والملوك وقادة جامعة الدول العربية لا يمكن حضورهم لمؤتمر توجه كل هذه الاتهامات الخطيرة والجنائية الى الجهات المضيفة له، وهي اتهامات جنائية من العيار الأثقل والأسوأ.
وليد الزبيدي
مراجعة ملهم الملائكة