فضيحة التأشيرات": فيشر يخرج منتصرا … في الجولة الأولى"
"إنني متعب وأريد الذهاب إلى البيت ولا يوجد عندي أمنية أخرى سوى احتساء كأس من النبيذ." بهذه الكلمات توجه وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر (حزب الخضر) إلى وسائل الإعلام في ختام مداخلته أمس أمام لجنة التحقيقات بخصوص ما يسمى هنا بـ "فضيحة التأشيرات". وتتلخص القضية التي تشغل الرأي الألماني العام منذ عدة أشهر بانتقادات قدمتها الأحزاب المعارضة ضد الوزير الألماني واتهمته فيها بإصدار قوانين بين عامي 1999 و2003 سهّلت منح آلاف التأشيرات لمواطنين من دول الاتحاد السوفيتي سابقا وخاصة من أكرانيا، الأمر الذي ساعد مهربي البشر وجماعات إجرامية على تسريب مهاجرين غير شرعيين إلى الأراضي الألمانية، على حد قول المعارضة.
اعتراف وهجوم في آن واحد
ظهر يوشكا فيشر وزير الخارجية والرجل الأول في حزب الخضر الشريكالأصغر في الائتلاف الألماني الحاكم صباح أمس أمام لجنة التحقيقات التابعة للبرلمان الألماني "بوندستاغ" متواضعا كعادته. وبينما بدأت قنوات التلفزيون الألمانية لأول مرة بنقل صور حية من قاعة التحقيقات، تمسمر آلاف المواطنين الألمان أمام أجهزة التلفزيون للسماع إلى رأي وزير خارجيتهم بخصوص "فضيحة التأشيرات" المثيرة للجدل. وفي حين بدأ فيشر مداخلته التي استمرت 138 دقيقة بهجوم عنيف ضد المعارضة، اعترف الوزير بأن تسهيل إجراءات منح التأشيرات كان "خطأ له نتائج فادحة" وبأنه لم يعالج هذه الأخطاء في الوقت المناسب، معترفا بذلك بتحمل المسؤولية الكاملة عما حدث. واتهم فيشر الأحزاب المعارضة بشن هجمة ضده من أجل "تشنيع صورته" أمام الرأي العام، قائلا إن "اتهامات المعارضة الرامية إلى القول إن إجراءات التسهيلات ساعدت على تهريب المهاجرين غير الشرعيين والمجرمين والرقيق الأبيض إلى ألمانيا هي ببساطة حملة دعائية."
المعارضه تطالبه بالاستقالة
جاءت ردود فعل مؤيدي فيشر ومعارضيه متباينة. ففي حين رأى مسؤولون في الائتلاف الألماني الحاكم المكون من الحزبين الاشتراكي الديمقراطي والخضر أن فيشر نجح في الجلسة الأولى في كسب تأييد أعضاء لجنة التحقيقات، أعتبر ممثلو المعارضة أن اعترافاته كان لها "طابع إقرار". وقال رئيس حزب الخضر راينهارد بوتيكوفر في حديث للبرنامج الصباحي في قناة التلفزيون الألمانية "زي دي إف" إن فيشر "قام بدوره على أحسن حال" وإنه كان "لاذعا" إذا تطلب الأمر. أما رئيس الكتلة النيابية في حزب الخضر كاترين إكرت فقد رأت أن الوزير ترك خلفه انطباعا دقيقا ومستقلا وإنه "لم يتهرب من الإجابة على أسئلة المحققين." أما أقطاب المعارضة فقد امتزجت ردود فعلهم بين مطالبة الوزير بالاستقالة والإشارة إلى حنكته في الإجابة على أسئلة المحققين. وفي حين طالبت الشخصية البارزة في الحزب المسيحي الديمقراطي فولفغانغ شويبله فيشر بالتنحي عن منصبه، وصف خبير الأحزاب يورغن فالتر مداخلة فيشر بأنها كانت "لبقة". وأضاف الخبير "صحيح أن فيشر اعترف بارتكاب أخطاء في ممارسة وتطبيق قوانين التأشيرات، ولكن إجاباته على أسئلة المحققين دلّت في بعض الأحيان على أنه لم يكن مسيطرا بشكل تام على وزارته وعملها."
فيشر خرج منتصرا … في الجولة الأولى
في حين اكتفت صحف الثلاثاء العربية بنقل خبري لجلسة لجنة التحقيقات الأولى، تابعت صحف أوروبية واسعة الانتشار مثول فيشر أمام اللجنة معتبرة أن الوزير خرج منتصرا من جولة الاستجواب الأولى. وقالت "نوي زيوريخر تسايتونغ" السويسرية الرزينة إن مثول فيشر أمام ما يسمى بـ "لجنة التحقيقات" لم تأت بأشياء جديدة وإن أقوال الشاهد فيشر التي كانت محنكة وطويلة النفس كانت مزيجا بين الاعتراف بالذنب والهجمات العنيفة ضد بعض أعضاء لجنة التحقيق التابعين للأحزاب المعارضة." أما يومية "دير ستاندارت" النمساوية فقد اعتبرت أن الجلسة الأولى لن تؤد إلى استقالة فيشر من منصبه. ولكنها في الوقت ذاته أكدت على أن أهمية الوزير في حكومة شرودر كبيرة جدا وأن سقوط هذه الشخصية المهمة سيؤدي إلى اهتزاز الائتلاف الألماني الحاكم وربما إلى فشل حكومة شرودر في حسم الانتخابات البرلمانية المقبلة لصالحها. من جانبها قالت صحيفة "ديلي تيليغراف" اللندنية إن الوزير "واجه لجنة التحقيقات واعترف بوضوح أنه ارتكب بعض الأخطاء وتحمل مسؤوليتها، ولكن التعب ظهر على ملامح وجهه بعد مرور سبع ساعات على جلسة اللجنة وبدأ بالتحدث بصوت عال." جريدة "تاغيس أنتسايغر" السويسرية اعتبرت أن فيشر خرج منتصرا من الجلسة الأولى متسائلة "نجحت استراتيجية فيشر، إذ ما هو حجم الأخطاء التي ارتكبتها وزارة الخارجية الألمانية على هذا الصعيد مقارنة مع المهام الكبيرة على صعيد السياسة الخارجية الألمانية ؟
ناصر جبارة