"عقوبة الإعدام وسيلة للقمع" ـ حقوقيون يطالبون بمحاسبة طهران
١ مارس ٢٠٢٥
بلغ عدد الإعدامات في إيران خلال عام 2024 مستوًى قياسيًا مثيرًا للقلق حسب منظمات حقوقية ودولية. كما يتضح من تقرير صدر حديثًا عن منظمة حقوق الإنسان الإيرانية (IHR) والمنظمة غير الحكومية الفرنسية "معًا ضد عقوبة الإعدام" (ECPM)، اللتان كشفتا عن أنه تم إعدام ما لا يقل عن 975 شخصًا - وهذا أعلى عدد إعدامات سجِّل في إيران منذ أكثر من 20 عامًا.
وحول ذلك قال في حوار مع DW محمود أميري مقدم، وهو رئيس منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها النرويج: "عقوبة الإعدام هي أساس للعديد من انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، حيث تُستخدم كوسيلة لقمع المجتمع وترهيبه". وعقوبة الإعدام لا يقتصر فرضها فقط على الجرائم الخطيرة مثل القتل - حتى وإن كان دفاعًا عن النفس - بل يتم فرضها أيضًا وبشكل متزايد ضد الناشطين السياسيين، حسب تعبير أميري مقدم:
"النظام الإيراني يستغل غياب الاهتمام الدولي من أجل تنفيذ أكبر عدد ممكن من الإعدامات". وقد اتضح ذلك بشكل خاص في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي 2024، عندما زادت التوترات بين إيران وإسرائيل وكان يتم إعدام حتى ستة أشخاص كل يوم.
ولذلك فقد أعربت الأمم المتحدة عن قلقها أيضًا، وحذَّر المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك في نهاية كانون الثاني/يناير من أنَّ "عدد الإعدامات المرتفع في إيران يمثل مصد قلق عميق". وبحسب بيانات مكتبه فقد تم في شهر كانون الأول/ديسمبر إعدام نحو 40 شخصًا خلال أسبوع واحد فقط.
وكذلك بلغ عدد إعدامات النساء أعلى مستوًى له منذ عام 2007 مع 31 حالة إعدام مسجلة لنساء أقدم بعضهن على قتل أزواجهن دفاعًا عن أنفسهن لكي لا يتعرضن للاغتصاب أو حتى بعد إجبارهن على الزواج. وتوجد من بينهن امرأة قتلت زوجها لحماية ابنتها من اعتداء جنسي، كما ذكرت ليز ثروسيل، المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
حقوقيون يطالبون بإلغاء عقوبة الإعدام
ويحتج مرارًا وتكرارًا على زيادة عدد الإعدامات نشطاء حقوقيون معروفون، منهم مثلًا الحقوقية الإيرانية الحائزة على جائزة نوبل للسلام، نرجس محمدي، التي تقضي حاليًا إجازة من السجن لأسباب صحية. ويظهر في مقطع فيديو وصل إلى DW ناشطون احتشدوا في 19 شباط/فبراير للاحتجاج أمام سجن إيفين سيئ السمعة في طهران.
وبهذا الاحتجاج كانوا يعبّرون عن تضامنهم مع السجناء، الذين يحتجون كل أسبوع على عقوبة الإعدام. وهؤلاء السجناء أسسوا قبل عدة أشهر حملة اسمها "ثلاثاء لا للإعدامات" من أجل التظاهر كل يوم ثلاثاء ضد الإعدامات.
ويصف محمود أميري مقدم هذه الحركة بأنَّها تحوّل اجتماعي مهم. ويقول: "للمرة الأولى في تاريخ إيران، يقود سجناء حركة احتجاج على عقوبة الإعدام. ربما تكون هذه بداية حركة اجتماعية أوسع".
وشاركت في هذه الاحتجاجات نرجس محمدي بالإضافة إلى شخصيات بارزة أخرى، مثل المحامية وأستاذة الفقه الإسلامي صديقة فاسماغي، التي أدانت بشدة في بيان مشترك مع المحامية المدافعة عن حقوق الإنسان نسرين ستوده أحكام الإعدام ضد السجينات السياسيات: "هذه الأحكام هي انتقام واضح من حركة الاحتجاج التي حملت شعار 'المرأة، الحياة، الحرية‘".
وانتقد بشدة أيضًا 228 محاميًا إيرانيًا في رسالة مفتوحة إلى رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي الإجراءات المتخذة على الأقل ضد الناشطات: بخسان عزيزي، وفريشة مرادي (ميرزايي)، وشريفة محمدي - ووصفوها بأنَّها إجراءات ظالمة جيدًا. وهؤلاء النساء الثلاث قبض عليهن بسبب مشاركتهن في احتجاجات سياسية وحُكم عليهن بالإعدام في محاكمات سريعة.
وفي هذه الرسالة التي وصلت أيضًا إلى DW ، أكد الموقعون على أنَّهم لا يحتجون هنا كمحامين فقط، بل أيضًا بسبب مسؤوليهم الإنسانية. وكتبوا أنَّ "هذه الأحكام لا تنتهك القيم الإسلامية والإنسانية فقط، بل تنتهك أيضًا التزامات إيران الدولية بشأن الحق في الحياة والمحاكمة العادلة".
"التركيز على عقوبة الإعدام في المفاوضات الدبلوماسية"
هذا وقد دعت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومنظمة "معًا ضد عقوبة الإعدام" غير الحكومية الفرنسية المجتمع الدولي إلى التركيز على الإعدامات في إيران خلال المحادثات الدبلوماسية.
وفي هذا الصدد قال أميري مقدم: "يجب على الدول الديمقراطية الليبرالية أن تدين هذه الموجة من الإعدامات وأن تدعم المقاومة المتزايدة لعقوبة الإعدام في إيران. ويجب إيجاد سبل قصيرة وطويلة الأمد من أجل الضغط على الحكومة الإيرانية وإحداث تغييرات في القانون".
وكذلك يشكل عدد الإعدامات المرتفع في جرائم المخدرات مصدر قلق كبير: فمن بين الـ975 إعدامًا في عام 2024، كان يوجد 503 حالات إعدام - أكثر من النصف - لأشخاص أدينوا في جرائم تتعلق بالمخدرات. وعلى الرغم من هذا التطور المثير للقلق، يواصل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة (UNODC) التعاون مع السلطات الإيرانية.
ولذلك تطالب منظمات حقوق الإنسان مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بضرورة بذل المزيد من الجهود من أجل عدم معاقبة جرائم المخدرات بالإعدام أو بإنهاء تعاونه مع جمهورية إيران الإسلامية.
أعده للعربية: رائد الباش