عبّارات إسطنبول..محطات على الماء تربط بين قارتين وعصرين
يومياً يركب نحو 150,000 شخص، من مسافرين وسواح وموسيقيين وغيرهم، عبّارات إسطنبول، والتي تتحول إلى مكاتب عائمة ومسارح ومساحات للتأمل تربط أوروبا بآسيا والماضي بالحاضر.
كل يوم بين قارتي أوروبا وآسيا
في إسطنبول يسافر عدد لا يحصى من العبّارات بين أوروبا وآسيا كل يوم. هي أكثر بكثير من مجرد وسيلة نقل؛ إذ أنها جزء من نمط الحياة الحضرية، وهي حلقة وصل بين الثقافات والتاريخ. في كل عام يستخدم أكثر من 40 مليون شخص العبّارات في المدينة: ركابا وسياحا وموسيقيين وحالمين.
شبكة نقل بحري
يبلغ عدد سكان إسطنبول اليوم حوالي 16 مليون نسمة. في مثل هذه المدينة المكتظة بالسكان توفر العبّارات بديلاً عظيم الأهمية عن وسائل النقل البري في المدينة. تتراوح مدة الرحلة في العبارة من 10 دقائق إلى عدة ساعات. وتتحول بعضها لساحة للفعاليات الفنية والموسيقية والمرح.
الموسيقى فوق الماء
يعزف هذا الفنان على الغيتار على متن العبّارة ويستمع إليه الركاب الآخرون بانتباه. يقول: "أعتقد أنه أجمل مسرح في العالم". تقدم له السفن الجمهور والإلهام في آن واحد. بالنسبة للعديد من الفنانين، تعتبر العبّارات فرصة يمكنهم فيه إظهار موهبتهم والجمع بين الحياة اليومية والفن.
من السلطنة إلى الجمهورية
عبّارة ممتلئة تغادر من محطة إمينونو على شبه جزيرة القرن الذهبي ذات التاريخ العريق. وحتى في الإمبراطورية العثمانية كانت الممرات المائية تستخدم للتجارة والنقل والحرب. وكانت القسطنطينية مفترق طرق بين الشرق والغرب. ويستمر هذا التقليد البحري في عبّارات إسطنبول اليوم والتي لا تعتبر المياه عائقا بل شريان حياة.
لقاءات العشاق أمام سفن إسطنبول القديمة
يعود تاريخ أقدم العبّارات التي لا تزال تعمل إلى خمسينيات وستينيات القرن الماضي. بُنيت في الأصل لربط ضفتي البوسفور وكانت جزءا من شبكة نقل واسعة النطاق في الإمبراطورية العثمانية. بالإضافة إلى الأغراض المدنية، كانت تُستخدم أيضاً للنقل العسكري. أما اليوم فهي آثار عائمة للتاريخ الحي.
رحلة تسكن الذاكرة
تختبر مسافرة من المغرب عبورها الأول كلحظة سحرية. وتقول: "إنه لأمر مميز للغاية أن تسافر من شاطئ إلى آخر وترى المعالم الأثرية". تصبح العبّارة بوابة العبور إلى مدينة يمتزج فيها التاريخ الحديث والقديم بسلاسة.
مكتب فوق الأمواج
راكب منهمك في قراءة كتابه. "أحب البحر"، يقول أحد الركاب الذي يعيش في إسطنبول منذ عدة سنوات. بالنسبة للكثيرين تُعتبر العبّارات أكثر من مجرد وسيلة نقل فهي تتحول إلى مكاتب عائمة. تُفتح أجهزة الكمبيوتر المحمولة وترن الهواتف وتختلط الأصوات مع هدير المحركات. يصبح العبور من ضفة إلى أخرى على متن العبارة استراحة مثمرة بين عالمين.
عبور ممتع
تستمتع امرأتان بالعبور على سطح العبارة المكشوف إلى جزيرة الأميرات. تغادر السفن عدة مرات في اليوم من محطات الرسو مثل كاباتاش أو أمينونو أو كاديكوي إلى جزر بويوكادا وهيبيليادا وبورغازادا وكيناليادا الخالية من السيارات. تستغرق أسرع رحلة حوالي ساعة، وهي رحلة إلى عالم أكثر هدوءاً بعيداً عن صخب إسطنبول.
قيلولة مع إطلالة رائعة
يستلقي أحد الركاب على المقاعد ويأخذ قيلولة. يقول أحد الركاب: "عندما تسافر بالعبّارة، تستعيد طاقتك". بالنسبة للكثير من سكان إسطنبول تعتبر القوارب ملجأً ومكاناً للتوقف وأخذ نفس عميق. يوفر المنظر عبر مضيق البوسفور وصراخ طيور النورس وغروب الشمس الذهبي لحظات من الاسترخاء الهادئ.
أكثر من مجرد وسيلة نقل: شعور بالحياة
لا تربط عبّارات إسطنبول بين قارتين فحسب، بل تربط أيضا بين الماضي والحاضر، بين العمل والحياة اليومية، بين الضجيج والصمت. إنها رموز عائمة لمدينة لا تتوقف الحركة فيها أبداً، وتحمل القصص والحكايات، يوماً بعد يوم وموجة بعد موجة.