طالبات أمهات ...بين المطبخ وقاعة المحاضرات
٢٤ أغسطس ٢٠١٠يختلف يوم كل من منى وميزكين وسارة عن باقي الأمهات الأخريات، فإلى جانب الاهتمام بأطفالهن والقيام بالأعمال المنزلية، يزاولن دراستهن في الجامعة. وعادة ما تكون أيامهن مليئة بالأشغال المنزلية والالتزامات العائلية إلى درجة أنهن لا يجدن أحيانا وقتا لأنفسهن وسط هذا الزحام من الواجبات. ورغم أن الأمهات ينحدرن من جنسيات وأوساط اجتماعية مختلفة، إلا أن طموح مواصلة الدراسات العليا يوحد الصعوبات والتحديات التي تواجهها الأمهات الطالبات في حياتهن اليومية.
وعلاوة على الصعوبات، التي قد تواجهها هؤلاء الشابات في الموازنة بين واجباتهن العائلية وطموحهن العلمي، هن يعش في مجتمع غير الذي تربين فيه، فمنى قدمت من مصر واستقرت في ألمانيا قبل سنوات وكذلك الأمر بالنسبة لميزكين، المنحدرة من سوريا، وسارة القادمة من المغرب. ولكن منى ترى أن هذا الأمر لا يشكل عائقا كبيرا، إذ تقول: "صحيح أني بعيدة عن أهلي، الذين من الممكن أن يساندوني، لكن الظروف في مصر لن تساعدني على مواصلة دراستي".
معادلة التوفيق بين الأسرة والدراسة
وفيما يتوجه بعض الطلاب، عقب إنهاء المحاضرات والدروس في الجامعة، إلى المكتبات، يفضل البعض الآخر الالتفاف حول طاولة بمقهى الجامعة مع الأصدقاء لتجاذب أطراف الحديث. لكن هذا الأمر بعيد كل البعد عما تقوم به ميزكين، التي تدرس في جامعة بون منذ عام 2007، فحالما تنتهي من الجامعة تسرع إلى منزلها للاهتمام بشؤون البيت والأطفال.
وتقول ميزكين إنها حاولت الموازنة بين الدراسة والعائلة منذ أن اتخذت قرار مواصلة دراستها الجامعية، ولكن البداية كانت صعبة جدا. وتشير إلى أنها شرعت في دراسة الموسيقى والدراسات الشرقية إلا أنها لم تستطع الموازنة فانقطعت عن الدراسة، لتعود بعد ذلك بنفس جديد وتنظيم أكبر لدراسة العلوم الآسيوية بالإضافة لدروس اللغة الكردية. كما يختلف يوم ميزكين الآن عن سابقه فابنتاها الآن أكبر، الأولى في المدرسة والثانية في رياض الأطفال ما يمنحها وقتا من الصباح وحتى الرابعة بعد الظهر.
أما سارة، التي تعيش في برلين وتواصل دراستها في تاريخ اللغات، فتقول بنبرة فرحة إنها تنتظر نهاية الأسبوع بفارغ الصبر، ورغم أنها تدرس يوم السبت أحيانا وتنشغل بأعمال المنزل أحيانا أخرى، إلاّ أنها تحظى بوقت خاص بها يوم الأحد، حيث تقوم فيه بنشاطات خاصة بها "أستقبل صديقاتي ونتناول الشاي وأحيانا أقوم معهن بجلسات تجميلية".
"العائلة أولا ثم الجامعة"
وترى منى، ذات التاسعة والعشرين عاما والتي حصلت على الماجستير في الإعلام، أن الحمل لم يعقها في الحصول على الماجستير، فمادامت الأم الحامل بصحة جيدة فلا سبب يمنع من الدراسة حسب منى، مضيفة أن نظام الدراسات العليا مرن لأن الطالب لا يكون مقيدا بوقت معين عكس مرحلة الثانوية.
أما سارة فتقول إنها بعد أن حصلت على شهادتها الجامعية الأولى في المغرب، انتقلت إلى ألمانيا رفقة زوجها. وبعد أن استقرت وتأقلمت مع محيطها الجديد فكرت في مواصلة دراستها "لم أفكر في البحث عن عمل لأنني كنت مشغولة بالاهتمام بابنتي فقد كانت جد صغيرة". ومع مرور الوقت بدأت سارة تجد وقت فراغ أحبت أن تستغله في مواصلة دراساتها العليا، قائلة: "العمل قد يلهيني عن الاهتمام بعائلتي، أشعر أن الدراسة - ورغم الصعوبات التي قد تطرحها لي أحيانا - إلا أنها أكثر راحة لي من العمل".
ولا تختلف منى مع سارة، فهي ترى أيضا أن "العمل يعني الالتزام بالوقت ودوام محدد". وتقول منى إنها جربت العمل لساعات محدودة، إلا أنها سرعان ما تركت العمل لأنها ارتأت أن ابنها صغير آنذاك ويحتاج إلى رعاية أكبر. "نظام العمل لا يتناسب مع واجبات الأم لأنه يجب التقيد بنظام معين في حين الدراسة أكثر مرونة".
"الأمومة أجمل شيء في حياتي"
وبالرغم من الطموح العلمي، الذي تسعى إليه هؤلاء الأمهات الطالبات، ترى ميزكين أن الأمومة هي أجمل شيء في حياتها. وتؤكد على أن مرافقة ابنتيها في مختلف مراحل حياتهما هو أمر لا يقدر بثمن. وتقول: "أحرص على أن نقوم ببعض النشاطات بشكل جماعي كعائلة"، مضيفة أنها وعائلتها تجتمع مساء كل يوم ويقومون بمشاهدة التلفاز أو الحديث أو ممارسة هوايتها المشتركة مع ابنتيها وهي العزف على البيانو.
وعن إمكانية مواصلة دراستها والحصول على الدكتوراه، تقول منى إنها تفكر في الأمر أحيانا، لكنه أمر غير وارد بالنظر إلى ظروف الحياة وأنها في بلد غير بلدها الأصلي، كما إنها تقول" لست مهووسة بالدراسة لهذا الحد".
الكاتبة أمينة اسريري
مراجعة: شمس العياري