صحف ألمانية: ميرتس أظهر شجاعة بنقده "الحتمي" لحكومة إسرائيل
٢٧ مايو ٢٠٢٥على قدر الحدث جاءت ردة الفعل؛ إذ حفلت الصحافة الألمانية بالتحليلات ومقالات الرأي حول النقد الذي وجهه المستشار الألماني فريدريش ميرتس لنهج الحكومة الإسرائيلية في الحرب في غزة. وقد خصص العديد من الصحف الألمانية تعليقاتها الافتتاحية للموضوع، ومن هذه التعليقات السياسية اخترنا:
كتبت صحيفة "فرانكفورتر ألغماينه":
"المستشار على حق عندما يقول إن الهجوم الإسرائيلي الأخير لم يعد من الممكن تبريره بالقتال ضد حماس. وحتى لو أخذنا بعين الاعتبار كل الوحشية واللاإنسانية التي تميز هذه المنظمة الإرهابية، فإن هذا لا يشكل سبباً لمعاملة سكان قطاع غزة بالطريقة التي حدثت في الأسابيع الأخيرة.
وتضيف الصحيفة: "كان انقطاع تسليم المساعدات أمرا غير مبرر. والآن، على ما يبدو، من المقرر أن يتم احتلال 75 في المئة من الشريط الساحلي وتطهيره وربما تدميره على نطاق واسع.. (المستشار) ميرتس يقول إنه لا يفهم ما الغاية من ذلك". وتستطرد الصحيفة بالقول: "حسنا، يقول نتنياهو وشركاؤه في الائتلاف اليميني ذلك بصراحة تامة: إنهم يريدون طرد الفلسطينيين، لأن لا شيء آخر سيكون بمثابة تحقيق "خطة ترامب" التي يعد بها رئيس الوزراء".
وتخلص الصحيفة للقول: "يجب على الديمقراطية أن تحمي السكان المدنيين في الحرب قدر الإمكان، ويجب عليها بالتأكيد عدم طردهم. إن الانتقادات التي يوجهها ميرتس الآن للقيادة الإسرائيلية تتناسب مع خطورة الوضع، حتى بالنسبة لمستشار ألماني".
علقت صحيفة "ميركيشه أودر" الصادرة من فرانكفورت (أودر):
"إنّ التوازن الذي يضطر ميرتس للقيام به حاليا أمر غير مسبوق تقريبا. كيف يمكن لرئيس حكومة أن يخبر دولة صديقة، (أمنها قضية جوهرية بالنسبة لنا)، بأنها قد تجاوزت الحدود؟ في أوروبا، يزداد القلق وضوحا من أن تصبح، كحليف لإسرائيل، متواطئا محتملا إذا التزمت الصمت حيال الأطفال الجائعين في قطاع غزة. وقد أدرك المستشار هذا الأمر الآن أيضا. فهو يدرك أنه مع كل قتيل مدني، لا يزداد التعاطف في العالم فحسب، بل يزداد أيضا الغضب بين الفلسطينيين - ومعه عدد الراديكاليين المعادين لإسرائيل. على المدى البعيد، قد يشكل هؤلاء الأشخاص تهديدا أكبر بكثير لأمن إسرائيل مما قد تشكله حماس"، كما تخشى الصحيفة.
صحيفة "فرايه بريسه" الصادرة في كيمنيتس تطالب بوضوح:
"لقد وقفت ألمانيا، بحق، إلى جانب إسرائيل بعد هجمات حماس الوحشية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. لكن الظروف الكارثية في غزة تظهر أن على ألمانيا الآن تغيير مسارها. وهذا يعني في هذه المرحلة تعليق توريد الأسلحة المستخدمة في الحرب على غزة".
لكن صحيفة "دي غلوكه" (الجرس) تشكك في جدوى وقف توريد الأسلحة إلى إسرائيل، وتقول: "يجب مناقشة وقف التوريد، ولكن يجب أن يكون هذا هو الحل الأخير. يجب على الحكومة الألمانية مواصلة جهودها الدبلوماسية لإقناع الحكومة الإسرائيلية بالسماح بتوريد مساعدات كافية وحماية السكان المدنيين".
وترى الصحيفة أنه "إذا أوقفت الحكومة الألمانية صادرات الأسلحة، فمن المرجح أن يعقد ذلك المحادثات مع الحكومة الإسرائيلية، دون تحسين وضع السكان في قطاع غزة".
صحيفة "نورنبيرغر ناخريشتن" تلفت إلى أن:
"عواقب الكارثة الإنسانية (في غزة) وصلت منذ فترة طويلة إلى منطقتنا أيضا: فلا تكاد أي مظاهرة إلا ويظهر فيها المعسكران ــ مؤيدو الفلسطينيين وأصدقاء إسرائيل ــ معارضة لا هوادة فيها لبعضهما. ولا يوجد نقاش سياسي يمكن أن يتجنب الوضع في غزة".
ورغم ذلك تقول الصحيفة: "الوضع في قطاع غزة في الوقت الحالي لا يتعلق بـ "السياسة الكبرى"، ولا يتعلق بمعاداة السامية؛ بل يتعلق بأرواح البشر".
فيما تشير صحيفة "فرانكفورتر روندشاو" إلى ما يلي:
"المستشار فريدريش ميرتس ينتقد العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، منضمًا بذلك إلى الجوقة المتنامية في أوروبا. ومع ذلك، ورغم مبرر انتقادات الاتحاد الأوروبي، وأجزاء من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وجهات أخرى لعمليات حكومة بنيامين نتنياهو، التي ينتهك بعضها القانون الدولي، إلا أنها أيضا غير مدروسة. وهذا يثير الشكوك في أن البعض لا يهتم حتى بحل المشكلة المعقدة بأفكار فعّالة، بل يهتمون فقط بتسجيل نقاط مع الرأي العام المحلي (في بلدهم)".
صحيفة "شتراوبينغر تاغبلات" ترى الأمر بشكل مختلف فكتبت:
"سيرد نتنياهو (على انتقادات ميرتس). من المحتمل أن يشير إلى الهولوكوست ، أي إلى الإبادة الجماعية النازية لليهود، مع توجيه نصيحة لألمانيا، نظرا لهذه الخلفية، بالابتعاد عن الأمر. ولكن ميرتس أحسن التصرف. انتقاده موجه إلى الحكومة الإسرائيلية، ووزرائها، وبعضهم من اليمين المتطرف. لم يشكك المستشار في المصلحة الوطنية. فألمانيا، وهذه أيضا رسالته، لا تزال تدافع عن أمن إسرائيل".
صحيفة أوغسبورغر ألغماينه دعمت بدورها المستشار ميرتس، وكتبت تحت عنوان "ميرتس أظهر شجاعة":
"لم ينس ميرتس أن هناك رهائن لا زالوا في أيدي حماس. كما أن المستشار يدرك أيضا معاناة العائلات الإسرائيلية التي فقدت أبناءها وبناتها في هذه الحرب". وتضيف الصحيفة: "انتقد المستشار بوضوح أفعال إسرائيل في قطاع غزة، وأعلن انتهاك حكومة بنيامين نتنياهو للقانون الدولي. من جهة، أظهر ميرتس شجاعة شخصية، ومن جهة أخرى، كان تصريحه حتميا. ولفت الانتباه إلى معاناة السكان المدنيين، وفي الوقت نفسه لم يشكك في أهمية القتال ضد حماس نفسها".
يذكر أن حركة حماس ، هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
ترجمة وإعداد: فلاح الياس
تحرير: عبده جميل المخلافي