سيناريو إغلاق مضيق هرمز.. أزمة طاقة أم اختبار لخطط الطوارئ؟
٢٢ يونيو ٢٠٢٥يعتبر مضيق هرمز أحد أشهر الممرات المائية في العالم، وتصفه إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) بأنه "أهم ممر لنقل النفط في العالم"، يقع بين سلطنة عمان وإيران، ويربط الخليج بخليج عمان وبحر العرب.
ويبلغ عرض المضيق عند أضيق نقطة 33 كيلومتراً فقط، في حين لا يتجاوز عرض ممرات الملاحة فيه 3.7 كيلومتراً، مما يجعله مضيقاً مزدحماً وخطراً على حركة السفن أيضاً.
ويقع مضيق هرمز بين عُمان وإيران وهو طريق التصدير الرئيسي لمنتجي النفط مثل السعودية والإمارات والعراق والكويت. وتمر عبر مضيق هرمز كميات هائلة من النفط الخام المستخرج من حقول النفط في دول أوبك(OPEC) ، وهي الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط، مثل السعودية والإمارات والكويت والعراق لتلبية الطلب العالمي.
وعلى وجه التحديد يمر عبر المضيق يومياً حوالي 20 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات والوقود وفقاً لبيانات شركة "فورتيكسا" الاستشارية المتخصصة في الطاقة والنقل البحري.
كما أن قطر التي تعتبر إحدى أكبر مصدّري الغاز الطبيعي المسال في العالم تعتمد على المضيق بشكل كبير لشحن صادراتها من الغاز المسال.
وحذر خبراء من تداعيات الضربات الأمريكية للمواقع النووية الإيرانية على سوق الطاقة العالمي، وقال سول كافونيتش كبير محللي الطاقة لدى إم.إس.تي ماركي في سيدني إن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن ترد إيران باستهداف
المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، بما في ذلك البنية التحتية النفطية الخليجية في دول مثل العراق أو التضييق على السفن العابرة لمضيق هرمز.
وقال كافونيتش "يعتمد الكثير على كيفية رد إيران في الساعات والأيام المقبلة، لكن هذا قد يضعنا على مسار 100 دولار
للبرميل إذا ردت إيران كما هددت سابقا".
وفي تعليقاته بعد إعلان التدخل الأمريكي، رجح جيمي كوكس الشريك الإداري في مجموعة هاريس المالية أيضا صعود أسعار النفط بسبب الأنباء. لكن كوكس يتوقع استقرار الأسعار على الأرجح في غضون أيام قليلة لأن الهجمات قد تدفع إيران إلى إبرام اتفاق سلام مع إسرائيل والولايات المتحدة.
وردا على سؤال لوزير الخارجية الإيراني حول إغلاق مضيق هرمز، قال عراقجي "هناك مجموعة متنوعة من الخيارات متاحة أمام طهران".
مضيق هرمز بعد صراع إيران وإسرائيل
الصراع بين إيران وإسرائيل يوجّه الأنظار مجدداً إلى مضيق هرمز، خاصة وأن إيران قد هددت في وقت سابق بإغلاقه أمام حركة المرور كرد على الضغوط الغربية.
ومع أنه لم تحدث أي هجمات على السفن التجارية في المضيق بعد اندلاع الصراع بين إيران وإسرائيل إلا أن القلق ما زال سائداً بين مالكي السفن؛ فقد أفادت وكالة أسوشيتد برس أن بعض السفن شددت إجراءاتها الأمنية، في حين ألغت أخرى رحلاتها عبر المضيق.
ونقلت وكالة رويترز عن مصادر بحرية أن التشويش الإلكتروني في أنظمة الملاحة البحرية التجارية قد تصاعد خلال الأيام الماضية في المنطقة المحيطة بالمضيق والخليج الأوسع، ما أثر على حركة السفن في المنطقة.
واستمرار الصراع بين إيران وإسرائيل ودخول الولايات المتحدة الأمريكية على الخط عسكريا، وعدم وجود مؤشر على قرب نهايته تبقى الأسواق في حالة من القلق والترقّب، فأي تعطيل لحركة الملاحة أو توقف في تدفق النفط قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام، ما سيؤثر سلباً على الدول المستوردة للطاقة، خاصة الدول الآسيوية منها.
وفي غضون ذلك، ارتفعت بالفعل تكاليف النقل البحري للنفط الخام والمشتقات من المنطقة في الأيام الأخيرة.
إذ نقلت وكالة "بلومبيرغ" عن بيانات بورصة البلطيق بأن تكلفة شحن الوقود من الشرق الأوسط إلى شرق آسيا قد ارتفعت بنحو 20 بالمئة خلال ثلاث جلسات حتى يوم الاثنين، في حين ارتفعت الأسعار إلى شرق أفريقيا بأكثر من 40 بالمئة.
من سيتضرر من تعطل الإمدادات؟
تقدّر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن 82 بالمئة من شحنات النفط والوقود الأخرى التي مرت عبر المضيق كانت متجهة إلى دول آسيوية.
وكانت الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية أكبر المستوردين، إذ شكّلت هذه الدول الأربع مجتمعة حوالي 70 بالمئة من إجمالي صادرات النفط الخام والمكثفات التي تمر عبر مضيق هرمز، وبالتالي فإن أسواق هذه الدول هي المتضرر الأكبر في حال تعطلت الإمدادات.
كيف سيؤثر الإغلاق المحتمل على إيران ودول الخليج؟
إذا نفذّت إيران تهديدها وأغلقت مضيق هرمز قد تتدخل الولايات المتحدة عسكرياً، وذلك لأن الأسطول الأمريكي الخامس المتمركز في البحرين مكلف بحماية الملاحة التجارية في المنطقة.
وأي خطوة تتخذها إيران لعرقلة تدفق النفط عبر المضيق قد يهدد علاقاتها مع دول الخليج، وعلى رأسها السعودية والإمارات، وهي علاقات طالما عملت إيران على تحسينها بصعوبة في السنوات الأخيرة.
ومع أن دول الخليج قد انتقدت هجوم إسرائيل على إيران، إلا أن اتخاذ إيران قراراً بعرقلة الإمدادات وعرقلة صادرات هذه دول الخليج النفطية سيُجبرها على اتخاذ موقف ضد إيران.
ومن ناحية أخرى، تعتمد إيران بنفسها على مضيق هرمز في تصدير النفط إلى عملائها، ما يجعل من فكرة إغلاقه أمراً غير مجدي بحسب خبراء.
ونقلت رويترز عن محللي جي بي مورغان، ناتاشا كانيفا وبراتيك كيديا وليوبا سافينوفا، قولهم: "يعتمد اقتصاد إيران بشكل كبير على حرية مرور البضائع والسفن عبر الممر البحري، حيث إن جميع صادراته النفطية تتم عبر البحر"، وأضافوا: "إن إغلاق مضيق هرمز سيكون له أثر عكسي على علاقة إيران بعميلها النفطي الوحيد، الصين".
بدائل مضيق هرمز
وتحسباً ليوم قد يتعطل فيه مضيق هرمز عملت بعض دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، في السنوات الأخيرة على تطوير بدائل للمضيق لتقليل الاعتماد عليه، فقد أنشأتا بنية تحتية تتيح تصدير بعض إنتاجها النفطي عبر طرق بديلة.
فعلى سبيل المثال، تشغّل السعودية خط أنابيب النفط الخام "شرق-غرب" الذي تبلغ طاقته 5 ملايين برميل يومياً، بينما تملك الإمارات خط أنابيب يربط حقولها النفطية البرية بميناء الفجيرة على خليج عمان.
وتقدّر إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أنه يمكن تصدير حوالي 2.6 مليون برميل يومياً من النفط الخام عبر هذه البدائل في حال تعطل حركة الملاحة في مضيق هرمز.
أعدته للعربية: ميراي الجراح
تحرير: عادل الشروعات