روبرت هابيك... سياسي مقاتل لا يترك الحلبة بسهولة
١٩ فبراير ٢٠٢٥في أحدث ظهور قبل موعد الإنتخابات، ركز مرشح حزب الخضر لمنصب مستشار ألمانيا، وزير الاقتصاد وحماية المناخ الألماني، في تصريحاته على قضايا الهجرة والاقتصاد حيث دعاة ترحيل اللاجئين الأفغان ووصف حركة طالبان بأنها "نظام إرهابي" وأنه لا ينبغي لألمانيا التعاون معهم.
وخلال مناظرة رباعية قبل الانتخابات بثتها قناة آر.تي.إل التلفزيونية الألمانية على الهواء مباشرة، انتقد هابيك إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قائلا: "الحقيقة هي أن ما جاء ذات يوم إلى أوروبا من أمريكا يتم التخلي عنه: سيادة القانون والديمقراطية الليبرالية والنظام القائم على القواعد". وذلك على خلفية تصريحات جيه.دي فانس نائب الرئيس الأمريكي يوم الجمعة، نهاية الأسبوع الماضي في مؤتمر ميونيخ للأمن العالمي.
الشباب والاقتصاد
وفي بدايات شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024 سافر وزير الاقتصاد وحماية المناخ الألماني روبرت هابيك إلى لشبونة في رحلته، التي قد تكون الأخيرة كوزير إلى الخارج. واصطحب السياسي من حزب الخضر معه في هذه الرحلة إلى البرتغال مجموعة من الشابات من مؤسسات الشركات الألمانية الناشئة، وذلك لحضور المؤتمر التكنولوجي السنوي "قمة الويب"، الذي يعد من أكبر المؤتمرات التقنية في العالم ويشارك فيه ما يصل إلى 70 ألف إنسان. ويتباحث المؤتمرون في طرق جلب التمويل، وتعزيز التواصل والتعاون فيما بينهم. كما يتناول اللقاء تمكين المرأة في عالم الأعمال الذي يهمين عليه الرجال.
الأفكار الإبداعية لتأسيس الشركات الناشئة تحتل رأس سلم اهتمامات روبرت هابيك. وعلى الأرجح أنَّ هذا هو سبب عدم إلغاء هابيك لهذه الرحلة القصيرة. ربما سيتغيَّب روبرت هابيك عن حضور أي فعالية خارج بلاده كوزير بعد انهيار الائتلاف الحكومي. ولكنه أراد مع ذلك القيام بهذه الرحلة. وألقى يوم الأربعاء (13 تشرين الثاني/نوفمبر 2024) خطاباً قصيراً في "قمة الويب".
أزمة الحكومة الألمانية ترافق هابيك حتى إلى البرتغال
ولكن الوضع السياسي الدراماتيكي في برلين لم يفارقه بطبيعة الحال حتى هنا على بعد نحو 2800 كيلومتر في لشبونة. فحكومة إشارة المرور، المؤلفة من الديمقراطيين الاشتراكيين وحزب الخضر بزعامة هابيك والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي) المقرَّب من رجال الأعمال، انهارت بسبب الخلاف حول مسائل الاقتصاد والميزانية. وقد أقال المستشارُ وزيرَ ماليته كريستيان ليندنر (الحزب الديمقراطي الحر)، الذي سحب وزراء حزبه بعد ذلك من الحكومة.
ولهذا السبب فقد أصبح بعد انهيار الحكومة كل من روبرت هابيك والمستشار أولاف شولتس (الحزب الديمقراطي الاشتراكي) الشخصين الرئيسيين في حكومة الأقلية. وعلى مدار الأسبوع، ثار جدال صاخب وعلى وجه الخصوص بين شولتس وزعيم المعارضة الألمانية فريدريش ميرتس، حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي، حول موعد إجراء انتخابات جديدة. وفي النهاية تقرر إجراء الانتخابات في الثالث والعشرين من شباط/فبراير 2025.
نظرة سريعة على تحالف إشارة المرور
أما روبرت هابيك فقد ظل بعيداً إلى حد كبير عن الخلاف حول موعد الانتخابات. وتحالف "إشارة المرور" أصبح الآن بالنسبة له من الماضي. وهو لا يسعى إلى حل الخلاف. وقد شبه الأزمة بخلاف بين زوجين: "هو كان يشخر ولم يتسوَّق، وهي كانت دائماً غير دقيقة في مواعيدها".
ولكنه تطرَّق فيما بعد وبإيجاز إلى أسباب انهيار هذا الائتلاف الثلاثي المسمى "إشارة المرور" بحسب ألوان أحزابه الثلاثة: أحمر وأصفر وأخضر. قبل أكثر من عام، قررت أعلى محكمة ألمانية، المحكمة الدستورية الاتحادية، أنَّ حكومة إشارة المرور لا يمكنها أن ترصد لحماية المناخ نحو 60 مليار يورو، كانت مخصصة بالأصل للمساعدة في مواجهة جائحة كورونا.
ومنذ ذلك الحين، واجهت حكومة إشارة المرور نقصاً في الأموال اللازمة لتمويل إنفاقها العام. وفي لشبونة، قال هابيك في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2024 لـDW: "لقد حاولنا على هذا المنوال طوال عام بأكمله. ولكن في النهاية لم نستطع إكمال المشوار، والسبب الخلافات حول تمويل المشاريع الحالية والمستقبلية".
روبرت هابيك مرشح لمنصب المستشار
في ضوء ما سبق بدأ الجميع بالنظر إلى الحكومة على أنها في طريقها إلى الانهيار. وقد خسرت الأحزاب الثلاثة المكونة للائتلاف الحكومي من شعبيتها وفق استطلاعات الرأي. وفي هذا الصدد يقول هابيك خالصاً إلى هذه النتيجة المخيبة: "من المزعج للغاية أن يسجل في التاريخ أنَّ حكومة إشارة المرور هذه كانت لديها سمعة سيئة وانتهت إلى الفشل في نهاية المطاف".
اليوم لا مجال للنظر إلى الوراء والتمني،نائب المستشار يقود حملته الانتخابية وعينه على مبنى المستشارية في برلين. وذلك بعد أن انتخب حزب الخضر روبرت هابيك في مؤتمره في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي مرشحاً لمنصب المستشار. وترشيحه هذا لمنصب المستشار قرار شجاع؛ حيث تشير استطلاعات الرأي الحالية إلى حصول حزب الخضر على 11 بالمائة. كما لا يوجد في الأفق أي شريك حكومي جديد. ومع ذلك فإنَّ هابيك لا تهمه هذه المخاوف. ويقول: "لا توجد لدي أية رغبة في ترك الساحة كخاسر. ولا يوجد الآن أي سبب لليأس والكآبة. لدي ما يمكنني تقديمه".
برنامج الحملة الانتخابية لروبرت هابيك
يعتزم روبرت هابيك في حملته الانتخابية تقديم تحليله الصريح للوضع العالمي؛ بما فيه فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، والعلاقة مع الصين، والحربين في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط، وتداعيات كل ما سبق على ألمانيا كبلد يقوم اقتصاده على التصدير.
وثم يريد تقديم أفكار جديدة، على الرغم من أنَّها لا تختلف كثيراً عن برنامج ائتلاف "إشارة المرور". وحول ذلك يقول: "لقد جعلنا الطاقة نظيفة في هذه الدورة التشريعية، وفي الدورة القادمة سنجعلها رخيصة. ويجب علينا أن نجعل الإيجارات معقولة الثمن وأن ندعم شكلاً جديداً من بناء المساكن رخيصة الإيجار".
هذا وقد أظهرت استطلاعات الرأي تقدُّم المحافظين بفارق كبير واحتمال حصول الشعبويين من اليسار (تحالف سارا فاغنكنشت) واليمين المتطرف (حزب البديل من أجل ألمانيا) على مزيد من أصوات الناخبين. ومن الممكن في نهاية حملة انتخابية قصيرة أن يتكوّن ائتلاف من حزبي الاتحاد المسيحي ومن الديمقراطيين الاشتراكيين. والسؤال: هل يبقى مكان للخضر؟.
وعلى الرغم من ذلك فروبرت هابيك لا يريد أن يفقد الأمل. ويقول إنَّ فشل إشارة المرور الذريع محرج بالنسبة له. ويوضح أنَّه منفتح على الأفكار الائتلافية في جميع الاتجاهات (ما عدا الشعبويين).
وفي نهاية رحلتهن إلى لشبونة، قالت الشابات مؤسسات الشركات الناشئة بإيجاز: لدينا نقص في رعاية الأطفال وعند البحث عن مستثمرين، ما يزال يتم تفضيل الرجال من مؤسسي الشركات الناشئة.
وبالعودة إلى برلين، يعتزم روبرت هابيك الاستمرار في دعمه النساء - وحتى في الدورة التشريعية القادمة.
أعده للعربية: رائد الباش