ذعر في طهران قبل الاحتجاجات.. موجة جديدة من الاعتقالات
٩ مارس ٢٠٢٥الناشط الإيراني رضا خندان خلف القضبان مرة أخرى، ولا يُسمح له حتى بالتحدث إلى عائلته عبر الهاتف. الناشط الحقوقي هو زوج المحامية المعروفة والمدافعة عن حقوق الإنسان نسرين ستوده. وتقول ستوده في مقابلة مع DW: "لقد تم اعتقاله لأنه تحدث علناً ضد الحجاب الإلزامي منذ ست سنوات".
تشعر نسرين ستوده بالقلق على زوجها وتشك في أن القضاء لا يريد فقط الضغط عليها باعتقاله، بل يريد أيضاً إرسال تحذير لجميع المنتقدين. وتناضل ستوده التي كُرِّمت بجائزة سخاروف من الاتحاد الأوروبي عام 2012 من أجل حقوق الإنسان وحقوق المرأة في إيران منذ أكثر من 25 عاماً. وهي واحدة من أشهر الأصوات في المجتمع المدني الإيراني. وقد وقف زوجها رضا خندان، وهو مصمم غرافيك من حيث المهنة إلى جانبها لسنوات وهو ملتزم بحقوق الإنسان.
"في عام 2018 قام رضا وناشطون آخرون بتصميم أزرار مكتوب عليها "أنا ضد فرض الحجاب". اعتُقل بسبب ذلك وحُكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات في عام 2019. وأُعلن عن إغلاق القضية رسميًا في وقت لاحق، ولكن تم اعتقاله مرة أخرى في منتصف ديسمبر 2024".
وقضت نسرين ستوده نفسها فترة سجنها في سجن إيفين سيئ السمعة بين عامي 2018 و2023 لأنها تولت الدفاع عن الشابات اللواتي قاومن علناً فرض الحجاب. وفي ذلك الوقت حُكم عليها بالسجن 38 سنة ونصف السنة و148 جلدة. ونظرًا لإصابتها باضطراب في ضربات القلب وسوء حالتها الصحية، مُنحت إفراجًا مشروطًا في نوفمبر 2023.
ويمكن أن يتم القبض عليها مرة أخرى في أي وقت، ولكنها لا تشعر بالتهديد من ذلك. في منتصف يناير نشرت ستوده عريضة بالاشتراك مع الباحثة القانونية الإسلامية البارزة والناشطة في مجال حقوق المرأة صديقة فاسمغي. ودعا الاثنان فيها إلى إلغاء عقوبة الإعدام والحجاب الإجباري وكذلك إنهاء العنف ضد النساء اللاتي يقاومن الإكراه. وأكدت العريضة على أن الحجاب الإلزامي في إيران هو في المقام الأول أداة سياسية لقمع المرأة.
موجة جديدة من القمع ضد النشطاء والمثقفين
وتقول نسرين ستوده في مقابلة مع DW: "النظام السياسي خائف من الاحتجاجات التي يمكن أن تندلع مرة أخرى"، في إشارة إلى الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد بعد وفاة جينا محسا أميني في سبتمبر 2022. "لهذا السبب يحاول القضاء ترهيب النشطاء". تم سحق الاحتجاجات في ذلك الوقت بوحشية. وحتى يومنا هذا، هناك تقارير إخبارية شبه يومية عن اعتقال نشطاء المجتمع المدني.
وفي 4 مارس آذار كتبت المخرجة الوثائقية الإيرانية بهمن دار الشفائي على حسابها على إنستغرام أن الناشطة المدنية مرضية غفاري اعتقلت في منتصف فبراير من هذا العام ونُقلت إلى قسم النساء في سجن إيفين بعد 17 يومًا من الحبس الانفرادي. وبحسب بهمن دار الشفائي فإن مرضية غفاري عضو الجمعية الثقافية "سيزده أبان" تعمل متطوعة في جنوب طهران منذ 25 عامًا. وبعض أنشطتها مخصصة للأمهات الحوامل والأطفال. ولا يُعرف سبب اعتقالها.
وفي نهاية فبراير تم وضع علي عبدي، وهو عالم اجتماعي وناشط اجتماعي معروف خلف القضبان أيضاً. سافر عبدي الذي عاش في الولايات المتحدة الأمريكية وركز في أبحاثه على الحركات الاجتماعية والهجرة والتحولات السياسية إلى طهران في عام 2023 لزيارة والدته. ثم تم اعتقاله وتقديمه للمحاكمة. وفي نهاية شهر فبراير 2024 أعلن في شريط فيديو أنه حُكم عليه بالسجن لمدة اثني عشر عامًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى التحليلات التي كتبها لمدة عشر سنوات حول الاحتجاجات التي عمت البلاد في عام 2009.
الخوف من كل تجمع
وأكد علي رضا بختيار لـ DW: "لا يزال والدي أيضًا خلف القضبان". كان والده محمد باقر بختيار جزءًا من مجموعة من قدامى المحاربين الذين نظموا تجمعًا احتجاجيًا صامتًا أمام جامعة طهران في منتصف فبراير.
وكان أحد أهداف تجمعهم هو رفع الإقامة الجبرية عن مير حسين موسوي وزوجته زهراء رهنورد المحتجزين تحت الإقامة الجبرية دون محاكمة منذ عام 2009. موسوي الذي كان في يوم من الأيام رئيس وزراء الجمهورية الإسلامية لم يعد يحظى بتأييد الشعب الإيراني بعد الانتخابات الرئاسية المثيرة للجدل عام 2009. وقد انحاز في ذلك الوقت إلى جانب المحتجين وانتقد علناً تزوير الانتخابات والعنف ضد المتظاهرين.
وكان قد شارك في الاجتماع محاربون قدامى ضمن من قاتلوا في الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988). ويحتفي النظام السياسي بهم كأبطال. ومع ذلك لطالما انتقد العديد منهم القمع المتزايد للمجتمع، ولا سيما التعامل الوحشي مع الاحتجاجات التي أعقبت وفاة جينا مهسا أميني. وهم يطالبون بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين.
وحقيقة أن هذه المجموعة على وجه الخصوص هي الآن هدف للقمع، وهو ما يظهر قبل كل شيء مدى خوف النظام من موجات الاحتجاج الجديدة. فقد تم فض اجتماعهم في منتصف فبراير بوحشية وتم اعتقال المئات منهم، بمن فيهم محمد باقر بختيار.
ويقول ابنه علي رضا في مقابلة مع DW: "لقد تلقى والدي العديد من التهديدات بالقتل بسبب موقفه الناقد للنظام السياسي"، مضيفاً: "كجندي أمضى ثماني سنوات في الدفاع عن البلاد وشعبها خلال الحرب. والآن يرى أن من واجبه الوقوف ضد قمع المجتمع المدني".
أعده للعربية: م.أ.م