خروق أم مؤامرات؟
٤ أكتوبر ٢٠١٢بعض النواب يؤكدون أن الخروق الأمنية سببها الصراعات السياسية! وآخرون يصرحون بُعيد كل هجمة إرهابية ، بان ورائها أجندات خارجية! ويذهب البعض الآخر من الساسة إلى القول بان ضربات الإرهاب وهروب السجناء بين فترة وأخرى نتيجة طبيعية للخلافات السياسية ، رأي آخر يقول إن هناك تواطؤ من إدارة السجن او الحرس مع الإرهابيين لكن بعض المحللين يعتقدون بان الفساد وراء هذه الخروق المنظمة ،وهكذا تتحفنا الأفواه الكبيرة بتصريحات نارية ليس لها ايّ فائدة على ارض الواقع! يصاحب هذه الخروق عادة او لنسميها المؤامرات سقوط ضحايا من عناصر الأجهزة الأمنية! لا ذنب لهم إلا انتسابهم لوزارة الداخلية او الدفاع ، وما ان يُعلن الخبر في الإعلام حتى تتسابق الأطراف السياسية الى تبادل الاتهامات ، فمن كان من رفاق المسؤول الفلاني ومن نفس القائمة راح يبرر ويلقي باللائمة على الأشباح والفئات الضالة دون تحديد هويتها! أما خصومهم فيتهمونهم بالتقصير في مهامهم والتآمر على أمن المواطن وحياته ، هروب سجناء من سجن البصرة ، الحلة، كركوك ، وتكريت، إضافة لمحاولة هروب فاشلة من سجن ابو غريب ،واقتحام مديرية مكافحة الإرهاب في بغداد وسقوط عدد من الضحايا والمؤامرات مستمرة والحمد لله على هذه الروح الوطنية الفذة التي يتحلى بها البعض.
"أسلحة بكاتم في سجن الحلة"
هذه المؤامرات تحدث في السجون التي يقبع فيها الإرهابيون حصراً، والأدهى من ذلك الكشف مؤخراً عن وجود أسلحة شخصية وبكاتم صوت بحوزة بعض السجناء ، في سجن الحلة مثلاً! من اين جاءت ، كيف وصلت إليهم؟ لا احد يعرف!، وتكرر الأمر في سجن تكريت ، مع تعطيل إقفال القاعات الداخلية مما جعلها مفتوحة طوال الوقت! هذا يحدث دون أن يثير الأمر ريبة أو تساؤل حراس السجن!! ايّ عاقل يمكن أن يصدق أن القضية مجرد خرق امني توصلت إلى تدبيره عقول الإرهابيين وانه ليس هناك يد قذرة متنفذة تدير هذه الحوادث المفتعلة.
يشير اغلب الكتاب والإعلاميون إلى أن العمليات الإرهابية وحوادث هروب السجناء هي من صنع السياسيين فيما بينهم والشعب من يدفع الثمن ، وهذه اكبر مغالطة شائعة يريد بعض الناقمين على العملية السياسية تمريرها ، نتفق معهم بالشطر الثاني من الجملة ،الشعب من يدفع الثمن، أما الشطر الأول فهو مجرد كذبة هلل وابتهج بها من لا يريد القول بصراحة وصدق لأسباب لم تعد خافية على احد! بان الجهة السياسية الفلانية هي من تؤيد وتدعم الإرهاب في العراق، وأنها مازالت تقاتل وتماطل لإقرار قانون العفو العام بحق الإرهابيين، أما تهريب السجناء المستمر فلا يجدون له مبرر غير أن الحكومة عاجزة عن أداء مهامها! إذن هي حكومة فاشلة . دون الإشارة طبعا للشركاء السياسيين الضالعين بهذه المؤامرات التي ترقى الى مصاف جرائم الخيانة العظمى! والدلائل اكبر من ان تغيّب عن الشعب الا من ران على قلبه غشاوة من حقد اسود، وبذلك يضربون الحكومة بكل الأحوال، فان نجحت باعتقال الإرهابيين ،فهم أبرياء ولا يجوز إبقاؤهم في السجون ويجب رفع منسوب الإنسانية والوطنية في قلب الحكومة والبرلمان لتمرير قانون العفو العام! وان نجح الإرهابيون في الهروب، فالحكومة ضعيفة وغير قادرة على حماية البلاد!.
"كذبة تورط الجميع في الإرهاب"
بمراجعة سريعة وبسيطة للأحداث نستطيع ان نحدد من هي الجهات التي تقف وراء الإرهاب وتدعمه بقوة وبأعلى المستويات لدحض كذبة ( تورط الجميع بالإرهاب ) فليس من المعقول أن نصدق بان الحكومة ـ حسب المفهوم العراقي ـ تتبادل مع خصومها بعمليات إرهابية مضادة حتى نقرر تورط الجميع بهذه الأعمال الإجرامية!! وإلا كان خصومها أولى واشد حرصاً على إظهار هذه الجرائم لفضح الحكومة وبالتالي إسقاطها ـ حلمهم الوردي ـ والقضية ليست دفاعاً عن الحكومة بقدر ما هي احترام لعقول الناس وعدم تضليلهم بالادعاءات الكاذبة ومحاولة توزيع الشرور على جميع الأطراف، فالادعاء عملية سهلة وممتعة وبإمكان أي شخص اتهام أعدائه وتسقيطهم طالما الموضوع لا يحتاج إلى دليل، ولا إلى إثبات.
من يستطيع ان يدعي مثلاً بان المجلس الأعلى يمارس الإرهاب ضد خصومه!! أو أن كتلة الأحرار لديها مجاميع إرهابية تفجر وتذبح الناس في حفلات دموية ووحشية كلما اختلفت مع الآخرين!! ومن منّا سمع بان حزب الدعوة شكل خلايا إرهابية تعمل على نشر الفوضى والخراب من خلال عمليات اغتيال بالكواتم أو تفجير أو زرع عبوات ناسفة أو حتى تهريب سجناء! فمنذ سقوط النظام ولحد هذه اللحظة لم يُتهم أي من أعضاء الائتلاف الوطني بكل أطيافه، ولا التحالف الكردستاني ،بأي تهمة إرهابية ، حتى عندما كان علاوي نفسه رئيساً للوزراء ، ولا حتى إبان الاقتتال الطائفي وضياع الحقيقة وسط أزيز الرصاص ودوي الانفجارات ، بل نجد العكس تماما في الجانب الآخر ، فاغلب الإرهابيين الذين سقطوا بيد القوات الأمنية ممن ينتمون الى ما يسمى بدولة العراق الإسلامية يؤكدون في كل اعتراف لهم ، مهامهم الأساسية في إشاعة الفوضى والإرباك ومحاولة خلق حرب طائفية بين الشيعة والسنة! وان لديهم ارتباطات عضوية مع جهات سياسية تمولهم وتدعمهم وعلى أعلى المستويات والكل يعرف أسماء القادة والسياسيين المتهمين بالإرهاب والى اي جهة سياسية ينتمون.
"ماذا يريد القوم من قانون العفو العام؟"
هل هي مصادفة أن يكون اغلب المتهمين بالفقرة (4) إرهاب من قائمة معينة!؟ وهل هي مصادفة أن يهدد ناطقوها بالويل والثبور في كل قضية يتم الاختلاف بشأنها ؟ ويحذرون من احتمالية حدوث موجة إرهابية جديدة في البلاد وتصدق توقعاتهم دائما ، وهي أيضا من تبكي في كل المحافل على مصير السجناء حتى قال زعيمهم "ان القضاء العراقي المُسيّس كان سبباً في لف حبل المشنقة على رقاب السعوديين المحكومين بالإعدام" ونسي أن يبين لنا أسباب تواجدهم على ارض العراق.
فما يريده القوم إذن من قانون العفو العام هو خلاص لأنفسهم قبل غيرهم ودعم لأنصارهم ولجناحهم الإرهابي المسلح في معركتهم ضد الحكومة ، لاسيما بعد سقوط الكثير منهم بيد السلطة ، فالمتحمس لهذا العفو أما مشترك بالأعمال الإرهابية أو داعم لها!! و عملية سقوطه بيد العدالة مجرد مسالة وقت لا أكثر !!و إلا ما الداعي لكل هذه الضجة والإصرار غير المسبوق على إقرار هذا القانون " الإنساني جداً " المحبب إلى قلوبهم وانه لا يقل اهمية عن قانون البنى التحتية؟