تونس "سجن كبير".. احتجاج في ذكرى عيد الجمهورية وقرارات سعيد
٢٦ يوليو ٢٠٢٥في ذكرى العيد الـ68 لإعلان الجمهورية في تونس والذي وافق أيضا الذكرى الرابعة لإعلان الرئيس قيس سعيّد قرارات عام 2021، تجمع وسط العاصمة مئات المحتجين في وقفة ومسيرة منددة بسياسات السلطة، التي يقودها الرئيس قيس سعيد بشكل كامل منذ اعلانه التدابير الاستثنائية قبل أربعة أعوام.
"ترسيخ حكم الفرد أم لا أحد فوق المحاسبة؟"
ففي 25 يوليو/تموز 2021 قام سعيد بتجميد اختصاصات البرلمان ومن ثم حل باقي الهيئات الدستورية والنظام السياسي. وأعقب ذلك صدور دستور جديد في 2022 عبر استفتاء شعبي عزز بشكل كبير من صلاحيات الرئيس سعيد الذي فاز بولاية رئاسية ثانية حتى 2029. وحل سعيد المجلس الأعلى للقضاء وأقال عشرات القضاة، في خطوة تقول المعارضة إنها تهدف إلى ترسيخ حكم الفرد وإخماد صوت المعارضة باستعمال القضاء.
وينفي الرئيس أي تدخل في القضاء، لكنه يقول إن "لا أحد فوق المحاسبة، بغض النظر عن اسمه أو موقعه".
"حريات حريات لا قضاء التعليمات"
ورغم حرارة الطقس في تونس، شارك أهالي السجناء السياسيين المعارضين في الوقفة الاحتجاجية بشارع الحبيب بورقيبة أمس الجمعة (25 يوليو/ تموز)، وطالبوا بإطلاق سراحهم. واتهموا القضاء بالخضوع لتعليمات السلطة. وردد محتجون بشكل خاص "حريات حريات لا قضاء التعليمات".
ويقبع أغلب قادة المعارضة في السجون، من بينهم راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الإسلامية، وعبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر. والاثنان ضمن العشرات من السياسيين والمحامين والصحفيين الذين يواجهون أحكاما طويلة بالسجن بموجب قوانين مكافحة الإرهاب أوالتآمر أو بسبب تصريحات إعلامية أو تدوينات. وفر سياسيون آخرون إلى الخارج وطلبوا اللجوء السياسي في دول غربية.
ويواجه العشرات من الموقوفين وعدد آخر خارج البلاد أحكاما مشددة بالسجن بتهم التآمر ضد الدولة والإرهاب وفساد مالي. وتقول المعارضة إن "التهم سياسية وملفقة ولا اثباتات قانونية حولها".
صائب صواب: تونس تحولت إلى سجن مفتوح
ورفع الاحتجاج شعار "الجمهورية سجن كبير" ونظم المشاركون مسيرة من أمام اتحاد الشغل باتجاه شارع الحبيب بورقيبة. كما طالب المحتجون بالإفراج عن قادة المعارضة والصحفيين والمحاميين والنشطاء المسجونين.
وردد المتظاهرون شعارات منها "لا خوف.. لا رعب.. الشارع ملك الشعب" و"الشعب يريد إسقاط النظام" و" نظام كلاه (أكله) السوس.. هذه مش دولة.. هذه ضيعة محروس".
وقال المحتجون، الذين رفعوا صورا لمعتقلين، إن تونس في ظل سعيد انزلقت نحو حكم سلطوي، وسط حملات اعتقال ومحاكمات سياسية تهدف إلى إسكات المعارضين على حد تعبيرهم. وارتدى آخرون قمصانا سوداء عليها صور المحامي البارز أحمد صواب الذي اعتقل في وقت سابق هذا العام.
وقال صائب صواب، نجل المحامي المسجون أحمد صواب المعروف بانتقاده الشديد للرئيس، "السجون مكتظة بمعارضي سعيد، والنشطاء والمحاميين والصحفيين". وأضاف لرويترز "تونس تحولت إلى سجن مفتوح... حتى من هم خارج السجون يعيشون في حرية مؤقتة ويواجهون خطر الاعتقال في أي لحظة ولأي سبب".
الانقسامات تضعف المعارضة التونسية
وكثيرا ما يوجه الرئيس سعيد اتهامات إلى خصومه المعارضين بالتآمر مع جهات خارجية والسعي إلى ضرب مؤسسات الدولة من الداخل وإضعافها، في وقت تواجه فيه البلاد أزمة اقتصادية وضغوطات في المالية العامة.
ففي 2023، وصف سعيد المعارضين المسجونين بأنهم "خونة وإرهابيون" وقال إن القضاة الذين قد يبرئونهم "شركاء لهم". ويشدد سعيد على أن كل خطواته قانونية وتهدف للتصدي لفساد استشرى بين أوساط النخبة السياسية.
وعلى الرغم من احتجاجاتها في الشارع تواجه المعارضة السياسية في تونس وضعا صعبا بسبب الانقسامات مما أضعف جبهتها في مواجهة السلطة.
وقال الباحث والناشط السياسي عبد اللطيف الهرماسي إن "الوضع في البلاد يقتضي حوارا وطنيا وليس إقصاء للنخبة والطبقة السياسية".
تحرير: عارف جابو