تونس تبدأ محاكمة معارضين بارزين بتهمة التآمر على أمن الدولة
٤ مارس ٢٠٢٥احتج عشرات النشطاء اليوم الثلاثاء (الرابع من آذار/مارس 2025) قرب محكمة تونس العاصمة حيث يواجه سياسيون بارزون ورجال أعمال وشخصيات إعلامية تهم التآمر على أمن الدولة، في أولى جلسات محاكمة تقول المعارضة إنها ملفقة ورمز "للحكم الاستبدادي" للرئيس قيس سعيد.
وتقول جماعات حقوق الإنسان في الداخل والخارج إن هذه المحاكمة تلقي الضوء على سيطرة سعيد الكاملة على القضاء منذ أن حل البرلمان المنتخب في عام وبدأ الحكم بمراسيم في 2021 قبل أن يحل لاحقا المجلس الأعلى للقضاء ويعزل عشرات القضاة. ويحاكَم في هذه القضية نحو 40 شخصا، فر أكثر من 20 منهم إلى الخارج.
وتم اعتقال عدد من السياسيين في عام 2023 في حملة ضد معارضين من بينهم غازي الشواشي وعصام الشابي وجوهر بن مبارك وعبد الحميد الجلاصي وخيام تركي ورضا بلحاج إضافة لرجل الأعمال كمال لطيف. ومن بين المتهمين في القضية رئيسة ديوان الرئاسة سابقا نادية عكاشة ورئيس المخابرات السابق كمال القيزاني. والاثنان يقيمان في الخارج.
وقال بسام الطريفي رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان "إننا أمام أكبر المهازل والفضائح القضائية ومن أشد المظالم التي شهدها تاريخ تونس".
وقال سعيد في عام 2023 إن هؤلاء السياسيين هم "خونة وإرهابيون"، مضيفا أن القضاة الذين يبرؤونهم سيكونون شركاء لهم. لكنه عاد ليقول هذا الأسبوع إنه لا يتدخل مطلقا في القضاء.
ويتهم قادة المعارضة، الذين تم اعتقالهم في القضية، سعيد بتنفيذ انقلاب على الدستور في عام 2021، ويقولون إن القضية ملفقة بهدف تكميم المعارضة وإقامة حكم قمعي فردي. ويقولون إنهم كانوا يعدون مبادرة سياسية تهدف إلى توحيد المعارضة المشتتة لمواجهة الانتكاسة الديمقراطية في بلد كان مهد انتفاضات الربيع العربي.
وشيماء عيسى، القيادية البارزة في جبهة الخلاص الوطني، وهو الائتلاف المعارض الرئيسي، هي من بين ثمانية متهمين يمثلون أمام القاضي في حالة سراح. وقالت عيسى لرويترز قبل الجلسة "هذه المحاكمة غير عادلة وستبقى وصمة عار على السلطات... إنها قضية سياسية بحتة شملت جميع القادة السياسيين". وأضافت "تهمتنا هي معارضة النظام، وسأواصل النضال بأي ثمن".
وبينما حضر المتهمون الثمانية في حالة سراح لقاعة المحكمة رفض بقية المتهمين المسجونين حضور المحاكمة عن بعد عبر الشاشة من سجنهم. وطالب المحامون بضرورة إحضار كل المتهمين للقاعة معتبرين أن محاكمتهم عن بعد أمر غير قانوني ويجعل الجلسة غير علنية.
ويقبع معظم قادة الأحزاب السياسية في تونس في السجون، ومن بينهم عبير موسي زعيمة الحزب الدستوري الحر، وراشد الغنوشي رئيس حزب النهضة، وهما أبرز معارضي سعيد. ولا يزالان في السجن منذ عام 2023 في قضايا أخرى.
وقد صدرت في الفترة الأخيرة أحاكم سجن قاسية على معارضين وشخصيات سياسية أخرى بينهم راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة والرئيس السابق للبرلمان، الذي حُكم عليه بالسجن 22 عاما بتهمة "الإضرار بأمن الدولة".
ودعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان السلطات التونسية إلى "وقف جميع أشكال اضطهاد المعارضين السياسيين، وإلى احترام الحق في حرية الرأي والتعبير" داعية إلى "الإفراج الفوري لأسباب إنسانية عمن هم في سن متقدمة وعن الذين يعانون مشاكل صحية".
وأعربت تونس عن "بالغ الاستغراب" لهذه الانتقادات، مؤكدة أن الأشخاص الذين أشارت إليهم الأمم المتحدة قد أُحيلوا على المحاكم بسبب "من أجل جرائم حقّ عامّ لا علاقة لها بنشاطهم الحزبي والسياسي أو الإعلامي أو بممارسة حريّة الرأي والتعبير". وأكدت وزارة الخارجية التونسية أن "تونس يمكن في هذا الإطار أن تُعطي دروسا لمن يعتقد أنّه في موقع يُتيح توجيه بيانات أو دروس".
خ.س/ح.ز (رويترز، أ ف ب)