تنظيم القاعدة يسعى إلى استغلال النزاع القائم بين إسرائيل وحزب الله
٢٨ يوليو ٢٠٠٦في شريط تليفزيوني بثته قناة الجزيرة يوم أمس الخميس، 27 تموز/يوليو 2006، وجه أيمن الظواهري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة، نداءً إلى المسلمين قائلاً: "إنني لا أبغي استثارة عواطفكم بخطبة حماسية ولا بكلمة عاطفية، لكنني أسألكم...بفريضة الجهاد المتعينة عليكم أن تهبوا تطلبون الشهادة لتنكوا في الصليبيين والصهيونيين". وحذر الظواهري من أن جماعته لن تقف ساكنة بينما تقوم إسرائيل بقصف لبنان وفلسطين. أما الحكومات العربية فوصفها الظواهري بأنها "عاجزة ومتواطئة" بسبب رد فعلها الضعيف على الهجمات الإسرائيلية. وقال الظواهري هناك "عشرة آلاف أسير في سجون إسرائيل لم يهتز لهم أحد أما ثلاثة جنود إسرائيليين فقامت الدنيا لهم ولم تقعد". ولم يذكر الظواهري في بيانه حزب الله، لكنه دعا المسلمين إلى شن جهاد ضد جميع الدول في "التحالف الصليبي" الذي يؤيد القصف الإسرائيلي. ويعد بيان الظواهري أول رد فعل من قبل تنظيم القاعدة على القصف الإسرائيلي للبنان، الذي بدأ بعد أن أسر مقاتلو حزب الله جنديين إسرائيليين في هجوم عبر الحدود في 12 تموز/يوليو الجاري.
تنظيم القاعدة يحاول استغلال الموقف
من المؤكد أن توقيت شريط الظواهري لم يأت عبثاً، لأن ما يحدث في لبنان والأراضي الفلسطينية يثير غضب الشارع العربي، الذي يقف عاجزاً أمام ما يحدث بسبب موقف الحكومات العربية المتخاذل، وهذا ما يسعى الظواهري الرأس المدبر لتنظيم القاعدة إلى استغلاله. وفي الشريط، الذي بثته قناة الجزيرة، حاول الظواهري الربط بين الصراع الإسرائيلي اللبناني والوضع في العراق وأفغانستان حيث تقاتل القاعدة قوات غربية. وأكد الظواهري على أن القاعدة لا يمكن أن تكتفي بمراقبة تلك القذائف "وهي تصب حممها على إخواننا في غزة ولبنان ونحن ساكنون خانعون"، محاولاً بذلك أن يظهر تنظيمه كما لو كان مناصراً لمن وصفهم "بالمستضعفين في الأرض."
ويتفق خبراء مكافحة الارهاب على أن تنظيم القاعدة يحاول على هذا النحو استغلال الظروف لتعميم أفكاره المتطرفة، لاسيما وأن القصف الإسرائيلي للبنان وسقوط مئات الضحايا الأبرياء يفسح المجال لهذا التنظيم لاستقطاب أنصار جدد بسبب غضب الشارع العربي. في هذا السياق قال مايكل شوير، مسئول مكافحة الإرهاب السابق بوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، قبل أيام: "حتى تنظيم القاعدة نفسه ربما يكون مستعدا للقيام بهجوم إرهابي وقد يختار استخدامه الآن."
إغفال حزب الله
ومن الملاحظ أن الظواهري تجنب في كلمته ذكر حزب الله ولم يشر إلى الصواريخ التي أطلقها الحزب على إسرائيل. ويأتي هذا الإغفال لحزب الله الشيعي، متفقاً مع أيدلوجية تنظيم القاعدة، الذي يكن للشيعة أشد العداء. الجدير بالذكر أن أحد أفرع التنظيم وهو قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، كثيراً ما يصف الشيعة في العراق في بياناته بـ "الروافض الكفرة". وفي تعليق على شريط الظواهري قال توني سنو، المتحدث باسم البيت الأبيض: "هناك قدر معين من النفاق في مزاعم السيد الظواهري بأنه مدافع عن الإسلام في الوقت الذي أدت فيه كثير من الأمور التي أقدم عليها إلى مقتل مسلمين في أنحاء العالم على يد أتباعه من الجهاديين." وأكد سنو على أن القدرات العسكرية لتنظيم القاعدة قد تراجعت بشكل ملموس القدرات، "لذلك يصدر أيمن الظواهري شرائط حالياً" وأن القاعدة لم يبق أمامها سوى "استخدام شبكة الانترنت واستغلال وسائل الإعلام... لإثارة الكراهية والتحريض على العنف."
تضامن شيعي مع حزب الله
من ناحية أخرى يسود الاعتقاد لدى المختصصين في دراسة ظاهرة الإرهاب العالمي بأن الحرب على حزب الله الشيعي قد تثير مشاعر الشيعة في العراق وفي بلدان أخرى وتخلق موجة عداء لأمريكا والغرب لدى هذه الطائفة، التي ظل جزء منها حتى الآن، على الأقل في العراق، محايداً تجاه واشنطن مقارنة بالطائفة السنية المعارضة للوجود الأمريكي في العراق، كما تعزز الحرب على لبنان التي تدعم فيها واشنطن الموقف الإسرائيلي من مواقف الشيعة المعادين لواشنطن كالتيار الصدري في العراق، وهذا ما أظهرته المظاهرات التي عبر فيها الشيعة العراقيون عن تضامنهم مع حزب الله وإدانتهم لسياسة إسرائيل وأميركا. ويجمع المحللون على أن الإدارة الأمريكية عليها أن تتعامل مع هذا الموقف بجدية وإلا ستكون العواقب وخيمة على مستقبل المنطقة بأكملها.