تطورات "صادمة" في الساحل السوري ومطالب دولية بحماية المدنيين
٩ مارس ٢٠٢٥وصفت ألمانيا الأحد تقارير تفيد بمقتل أكثر من ألف شخص في الساحل السوري بأنها "صادمة"، في إشارة إلى اشتباكات هي الأعنف في سوريا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان "تقع على عاتق الحكومة الانتقالية مسؤولية منع وقوع مزيد من الهجمات والتحقيق في الحوادث ومحاسبة المسؤولين عنها"، وتابعت "نحضّ بشدة كل الأطراف على إنهاء العنف".
وحثت الولايات المتحدة من جهتها السلطات السورية الأحد على محاسبة "إرهابيين إسلاميين متطرفين" نفذوا عمليات قتل في سوريا وقالت إنها تقف إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في البلاد.
وقال وزير الخارجية ماركو روبيو في بيان "تندد الولايات المتحدة بإرهابيين إسلاميين متطرفين من بينهم متشددون أجانب قتلوا أشخاصا في غرب سوريافي الأيام القليلة الماضية".
من جهته دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك القيادة السورية المؤقتة اليوم الأحد إلى التدخل لمنع عمليات قتل جماعي ترددت أنباء عن وقوعها في المناطق الساحلية ومحاسبة الجناة.
وقال فولكر في بيان "إعلان السلطات المؤقتة نيتها احترام القانون يجب أن يتبعه إجراءات سريعة لحماية السوريين، وأن يتضمن ذلك اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمنع أي انتهاكات وإساءات والمحاسبة عنها عندما تحدث".
يأتي ذلك في ما تتواصل اشتباكات عنيفة في عدد من مناطق الساحل السوري والتي اندلعت قبل يومين. ونقلت اليوم الأحد (التاسع من مارس/ آذار 2025)، الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) عن مصدر في وزارة الدفاع السورية، لم تسميه بأن اشتباكات عنيفة بمحيط قرية "تعنيتا" بريف طرطوس "تجري حاليا"، حيث فرّ إليها العديد من مجرمي الحرب التابعين لنظام الأسد البائد ومجموعات من الفلول المسلحة التي تحميهم".
من جهته، قال فولكر تورك، المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة السامي، إن قتل المدنيين في سوريا "يجب أن يتوقّف فورا"، كما "يجب إجراء تحقيقات سريعة وشفافة ونزيهة في جميع عمليات القتل والانتهاكات الأخرى ويجب محاسبة المسؤولين عنها".
العثور على مقبرة جماعية تضم جثثا لعناصر الأمن
في ظل هذه التطورات، أفادت وكالة (سانا) بالعثور على مقبرة جماعية تضم عددا من قوات الأمن العام وعناصر الشرطة قرب مدينة القرداحة في ريف اللاذقية. وذكرت الوكالة على موقعها الإلكتروني أن "مجزرة مروعة ارتكبتها فلول النظام البائد بحق القوى الشرطية والأمنية بعد غدرها بمدينة القرداحة"، لافتة إلى أنه "تم العثور على جثامين الشهداء ضمن مقبرة جماعية بأحد وديان المدينة". وبثت الوكالة مجموعة صور تبين عملية انتشال عدد من الجثث لاشخاص يرتدون الزي العسكري ونقل بعضهم على سيارة.
ووفق تلفزيون سوريا، جرى اكتشاف المقبرة خلال عملية التمشيط التي تنفذها وحدات من الجيش السوري والأمن العام في المدينة. وأشار إلى أن تلك القوات تلقت بلاغا من الأهالي يفيد بقيام فلول النظام المخلوع بدفن عناصر من الشرطة والأمن الذين تمت تصفيتهم خلال الهجمات الأخيرة، قرب أحد الطرقات الفرعية في منطقة جبلية.
وبدأت إدارة الأمن العام عملية البحث لانتشال جثث الضحايا، وسط أنباء أولية عن استخراج أربع جثث حتى الآن.
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع السورية بدء تنفيذ المرحلة الثانية من العملية العسكرية ضد موالين لنظام الأسدفي منطقة الساحل. وقال المتحدث باسم الوزارة، العقيد حسن عبد الغني، في تغريدة على منصة "إكس": "في صباح اليوم التاسع من رمضان، وبعد استعادة الأمن والاستقرار في مدن الساحل، بدأت قواتنا العسكرية والأجهزة الأمنية تنفيذ المرحلة الثانية من العملية العسكرية، التي تهدف إلى ملاحقة فلول وضباط النظام المخلوع في الأرياف والجبال". وجاء هذا الإعلان بعد إرسال إدارة الأمن العام تعزيزات إضافية إلى مناطق الاشتباكات.
دعوات لمحاسبة المتورطين
و تزايدت الدعوات إلى التهدئة والحفاظ على السلم الأهلي في سوريا عقب الأحداث الأخيرة التي شهدتها مناطق الساحل، وأكد مشايخ ووجهاء محافظة اللاذقية على أهمية محاسبة المتورطين في أعمال العنف، معتبرين أن الحفاظ على السلم الأهلي مسؤولية وطنية مشتركة. وأشاروا، في بيان لهم، إلى ضرورة حصر السلاح بيد الدولة السورية كضامن وحيد لأمن البلاد واستقرارها.
وشهدت طرطوس واللاذقية الواقعتان على الساحل السوري معارك منذ يوم الخميس الماضي إثر هجوم مجموعات مرتبطة بالنظام السابق.
وأعلنت تلك المجموعات، في بيان لها، أنها تريد "تحرير" سوريا من القيادة الحالية وسقط عشرات القتلى والجرحى من الجانبين. وتعهد الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع، الذي قاد تحالف المعارضة المسلحة بقيادة الإسلاميين وأطاح ببشار الأسد، بأن يعاقب أي شخص يرتكب انتهاكات ضد المدنيين بشدة.
وظهرت أشرطة مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي لمشاهد مروعة، تظهر جثث لمدنيين تمت تصفيتهم بطرق بشعة. ووجهت أصابع الاتهام إلى فلول النظام السابق لمصلحتهم في تأجيج الطائفية في البلاد، بينما أقرّ مسؤولون في الحكومة الانتقالية أيضا بحدوث تجاوزات وانتهاكات أثناء الاشتباكات ووعدوا بملاحقة المتورطين ومحاسبتهم. ونشر مقطع على موقع يوتيوب يظهر إلقاء القبض عن عنصرين قيل إنهما متهمين. من جهته، شدد الشرع على معاقبة أي شخص وبشدة، ارتكب جرائم بحق المدنيين.
انقطاع خدمات الاتصالات
وعلى صعيد متصل، أفاد مسؤول سوري اليوم الأحد بتوقف خدمات الاتصالات والإنترنت في محافظتي درعا والسويداء بجنوب البلاد.
ونقلت الوكالة العربية السورية للأنباء ( سانا ) عن مدير فرع اتصالات درعا المهندس أحمد الحريري قوله إن انقطاع الكبل الضوئي الرابط بين درعا ودمشق أدى إلى توقف خدمات الاتصالات والإنترنت عن محافظتي درعا والسويداء.
وأشار الحريري إلى أن هذه الحادثة تأتي نتيجة تعديات متكررة على البنية التحتية للاتصالات، والتي أدت إلى قطع الكبل الضوئي الحيوي الذي يربط المحافظتين بمراكز الاتصالات الرئيسية.
وأكد أن فرق الصيانة التابعة للمؤسسة السورية للاتصالات تعمل على مدار الساعة لإصلاح الأعطال بأسرع وقت ممكن، مشيرا إلى أن العودة إلى الخدمة تعتمد على توفر المواد اللازمة لإتمام عملية الإصلاح بشكل كامل. وأضاف الحريري أن هذه الحوادث تضر بالمواطنين وتؤثر على استمرارية الخدمات الأساسية، داعيا إلى ضرورة حماية البنية التحتية للاتصالات لضمان استمرارية خدمات الاتصالات والإنترنت على نحو دائم وفعّال.
و.ب/م.س (أ ف ب، د ب أ، رويترز)