"تسييس الرياضة".. لماذا تلعب الأندية الإسرائيلية في صربيا؟
٢٥ أغسطس ٢٠٢٥رغم ظهور اسم فريق مكابي تل أبيب في بداية جدول مباريات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، إلا أنه لن يلعب ولا منافسه الأوكراني دينامو كييف على أرضيهما في مباراتي الذهاب والإياب في تصفيات الدوري الأوروبي المقرر إقامتهما في يومي خميس متتالين من شهر أغسطس/ آب الحالي.
ومع أن أندية البلدين تلعب مباريات محلية في إسرائيل وأوكرانيا، إلا أن حكام كرة القدم الأوروبية اعتبروا الدولتين غير آمنتين للمنافسة القارية.
ولهذا أقيمت مباراة الذهاب 21 أغسطس/ آب في ملعب TSC أرينا في باكا توبولا في صربيا، وهي ليست المرة الأولى، فقد لعب مكابي تل أبيب وأندية إسرائيلية أخرى مباريات سابقة في صربيا.
قال ماركو بيجوفيتش، الأستاذ المشارك في إدارة الرياضة بجامعة مولدي في النرويج ومؤلف كتاب "السياسة الرياضية والسياسة في غرب البلقان" لـ DW إن هناك ثلاثة أسباب رئيسية تجعل من صربيا مناسبة جداً لاستضافة هذه المباريات.
تتمتع صربيا بعلاقات دبلوماسية مستقرة مع إسرائيل، وتحافظ على نوع من الحياد السياسي، وموقفها غامض من الصراعات الحالية في الشرق الأوسط وروسيا وأوكرانيا. وإلى جانب كل ما سبق تمتلك صربيا البنية التحتية الرياضية اللازمة.
هل تحل العقوبات الرياضية الصراعات؟
فعلياً، لا توجد اعتراضات على استضافة الفرق الإسرائيلية في صربيا، وسبب ذلك بحسب بيغوفيتش هو أمرين؛ أولهما الهدف السياسي طويل المدى لصربيا والمتمثل في التزام الحياد في الشؤون الدولية، بالإضافة إلى أن سكان صربيا مهتمون بالحرب بين روسيا وأوكرانيا أكثر من اهتمامهم بالحرب في غزة.
وقال بيغوفيتش: "إذا نظرت إلى المنطقة الأوسع، فقد استضافت جمهوريات أخرى من يوغوسلافيا السابقة أندية إسرائيلية، ليس فقط في كرة القدم، ولكن في كرة السلة أيضاً، لذا فهي ليست مشكلة. أود أن أقول إن هذا جزء من الذاكرة المؤسسية ليوغوسلافيا السابقة".
وعن فكرة حظر لعب الأندية الرياضية يقول بيغوفيتش إن جزء من تلك الذاكرة المؤسسية مبني على الكراهية تجاه العقوبات الرياضية للأعمال السياسية أو العسكرية.
مُنعت يوغسلافيا، التي كانت صربيا جزءاً منها، من المشاركة في الرياضة الدولية في بداية تسعينيات القرن الماضي بسبب الحروب الأهلية التي اندلعت داخلها وفرض الأمم المتحدة عقوبات عليها.
وروسيا محظورة اليوم من المشاركة في بطولات الاتحاد الأوروبي (UEFA) والاتحاد الدولي لكرة القدم (FIFA)بسبب غزوها لأوكرانيا، ولكنها ما تزال تلعب مباريات ودية غير رسمية مع أندية غير معادية لحرب روسيا على أوكرانيا.
كما أن روسيا ممنوعة من المشاركة بالألعاب الأولمبية أيضاً، ولكن ما زال بعض رياضييها يشاركون في بعض البطولات بحيادية.
أما أوكرانيافلها حرية المنافسة في معظم الألعاب الرياضية، وتستضيف مباريات الإياب في بلدان أخرى مثل بولندا بسبب عدم الاستقرار الأمني بأوكرانيا.
هل أصبحت كرة القدم مسيّسة؟
يعترف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بالمنتخب الوطني الفلسطيني لكرة القدم، ومعترف برياضييه على نطاق أوسع من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، وعلى الصعيد الآخر تشارك إسرائيل بنشاط في البطولات الدولية.
ولكن لافتة كُتب عليها "أوقفوا قتل الأطفال، أوقفوا قتل المدنيين" رفعها ضحايا الصراعات الحالية، بمن فيهم أطفال فلسطينيون في مباراة كأس السوبر الأوروبي الأخيرة بين باريس سان جيرمان وتوتنهام هوتسبير في أوديني، حظيت بتأييد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
وقال ألكسندر تشيفرين، رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في مقابلة مع محطة التلفزيون العامة السلوفينية "أودميفي" في اليوم التالي للمباراة: "مشاركة إسرائيل في مسابقات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم سؤال مشروع"، وأضاف: "من حيث المبدأ لست مدافعاً عن عدم السماح للرياضيين بالمنافسة، فحظر روسيا لم يُحدث فرقاً جوهرياً يُذكر".
شاركه الرأي بيغوفيتش الذي اعتبر أن العقوبات الرياضية عادة ما تُفرض بشكل انتقائي وغير عادل، وأن هذه العقوبات التي فُرضت في السابق لم توقف أي حرب، وبالتالي يعتبر أن الرياضة غير قادرة على إنهاء الصراعات.
على الصعيد الآخر يرى جلين ميكاليف، مفوض الاتحاد الأوروبي للرياضة أن السماح لإسرائيل بالبقاء على الساحة الرياضية العالمية رغم استمرار تفاقم الوضع الإنساني المزري في غزة، هو تجنب للقضية.
وقال في مقابلة مع صحيفة بوليتيكو، دون أن يذكر اسم إسرائيل صراحة: "عندما يتعلق الأمر بالرياضة، أعتقد أنه لا ينبغي أن يكون هناك مكان في الأحداث الرياضية لأولئك الذين لا يشاركوننا قيمنا"، وأضاف: "الرياضة أداة نستخدمها لتعزيز السلام، والتي من خلالها نعزز حقوق الإنسان".
تحرير: عبده جميل المخلافي