ترحيب دولي بدعوة أوجلان لإلقاء السلاح وأمل وشكوك في تركيا
٢٨ فبراير ٢٠٢٥رحب المستشار الألماني أولاف شولتس بدعوة زعيم حزب العمال الكردستاني المحظور، عبد الله أوجلان، حزبه إلى إلقاء السلاح وحل نفسه. وقال شولتس في برلين، مساء الخميس (27 فبراير/شباط 2025)، إن "حزب العمال الكردستاني مصنف كمنظمة إرهابية محظورة في ألمانيا، وقد تسبب صراعه بالفعل في سقوط عدد كبير جدا من الضحايا." وأضاف السياسي الاشتراكي الديمقراطي أن " دعوة أوجلان الآن توفر أخيرا فرصة للتغلب على هذا الصراع العنيف وتحقيق تطور سلمي دائم للقضية الكردية". وذكر شولتس أن هناك حاجة لاتخاذ مزيد من الخطوات لإيجاد حل قابل للتطبيق للشعب التركي، و "فوق كل شيء، يتضمن هذا احترام الحقوق الثقافية والديمقراطية وضمانها للأكراد في تركيا".
كما أبدت وزارة الخارجية الألمانية رد فعل إيجابي حيال دعوة عبد الله أوجلان. وقال متحدث باسم الوزارة إن هذه الدعوة تقدم "فرصة تاريخية لكسر دوامة الإرهاب والعنف والانتقام المستمرة منذ عقود، والتي أودت بحياة عشرات الآلاف من الأشخاص." وأكد المتحدث أن هناك حاجة إلى مزيد من الخطوات للوصول إلى حل قابل للتطبيق بالنسبة لشعب تركيا، مضيفا: "يشمل ذلك، قبل كل شيء، احترام وضمان الحقوق الثقافية والديمقراطية للأكراد في تركيا."
ترحيب أمريكي وأممي
وفي واشنطن رحب البيت الأبيض بدعوة أوجلان لحزب العمال الكردستاني لإلقاء السلاح. وقال بريان هيوز المتحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض "هذا تطور مهم ونأمل أن يساعد في تطمين حلفائنا الأتراك بشأن شركاء الولايات المتحدة في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية بشمال شرق سوريا. نعتقد أنه سيساعد في إحلال السلام في هذه المنطقة المضطربة".
من جانبه قال ستيفان دوجاريك المتحدّث باسم الأمين العام للأمم المتحدة إنّ أنطونيو "غوتيريش يرحّب بهذا التطوّر المهمّ الذي يمثّل بارقة أمل يمكن أن تقود إلى حل صراع طويل الأمد" بين الحزب الكردي المسلّح والسلطات التركية.
وكان الزعيم الكردي المسجون أوجلان حث حزبه على التخلي عن السلاح وحل نفسه فى إطار جهود تحقيق السلام مع تركيا، وإنهاء صراع استمر أربعة عقود وخلف عشرات الآلاف من القتلى. وقال أوجلان، في رسالة من محبسه الواقع بجزيرة قبالة إسطنبول إن حزب العمال الكردستاني يجب أن يعقد اجتماعا ويقرر حل نفسه. وذكر أوجلان، بحسب رسالة نقلها ساسة بحزب موال للأكراد زاروا أوجلان في جزيرة إيمري: "اعقدوا اجتماعكم واتخذوا قرارا. يجب أن تتخلى جميع المجموعات عن سلاحها وأن يحل حزب العمال الكردستاني نفسه". ولم يتضح ما إذا كان حزب العمال الكردستاني سوف يلبي دعوة أوجلان.
وتضم القيادة الحالية للحزب مراد كارايلان وجميل بايك المطلوبين لدى الدولة التركية بتهم إرهاب. وقد تفتح دعوة أوجلان الباب أمام عملية سلام جديدة بين حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) والحكومة التركية، وهي أول خطوة من هذا النوع منذ أكثر من عشر سنوات. وكان آخر وقف لإطلاق النار قد أعلن في عام 2013، لكن عملية السلام انهارت في صيف عام 2015.
يذكر أن حزب العمال الكردستاني مدرج كمنظمة "إرهابية" في كل من تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ووفقا لبيانات تركية ، تسبب حزب بي كيه كيه في مقتل حوالي 40 ألف شخص (مدنيون وعسكريون) خلال أنشطته الانفصالية المستمرة منذ ثمانينيات القرن الماضي. ويقع مقر حزب العمال الكردستاني شمالي العراق. ووفقا لمجموعة الأزمات الدولية، تحول الصراع من تركيا إلى شمالي العراق وشمالي سوريا منذ 2019 بعدما أخرج الجيش التركي مقاتلي الحزب لما وراء الحدود.
"قسد" ورئاسة إقليم كردستان العراق ترحبان
ورحّبت رئاسة إقليم كردستان العراق الخميس بدعوة الزعيم الكردي عبدالله أوجلان حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحلّ نفسه، داعية المقاتلين الأكراد إلى "تنفيذها" ومؤكدة عزمها دعم عملية السلام. وقال رئيس الإقليم نيجرفان بارزاني في منشور على منصة "إكس" بالكردية "نرحب بحرارة برسالة السيد أوجلان ودعوته لنزع السلاح وحل حزب العمال الكردستاني ونطلب من الحزب (...) الالتزام بهذه الرسالة وتنفيذها". وأكّد أنّ الإقليم "يدعم بشكل كامل عملية السلام"، مشددا على استعداده "للقيام بدور المساعدة والتعاون في كل ما يقع على عاتقنا لإنجاح هذه العملية".
ورحب مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديموقراطية (قسد) التي يقودها الأكراد، بدعوة الزعيم عبدالله أوجلان، معتبرا إياها "إيجابية"، لكن أكّد أن قواته غير معنية بها. وقال عبدي خلال مؤتمر صحافي عقد عبر الانترنت "ننظر إلى هذه المبادرة بشكل إيجابي لان الموضوع يتعلق بالسلام". ورأى أن "الموضوع يتعلق بحزب العمال الكردستاني، ونداء إلقاء السلاح لحزب العمال الكردستاني يتعلق به ولا يتعلق بقواتنا في" شمال شرق سوريا الذي تديره الإدارة الذاتية بقيادة الأكراد. لكن أضاف "أعتقد إذا تمت هذه الخطوة فسيكون تأثيرها إيجابيا علينا أيضا".
شكوك بشأن نوايا الحكومة التركية
وتجمع الآلاف في منطقة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية وسط تركيا، يوم الخميس، ولوحوا بالأعلام الكردية بالألوان الحمراء والصفراء والخضراء، ورددوا شعارات وهم يشاهدون على شاشات كبيرة رسالة أوجلان التي قرأها أعضاء الوفد الذي زاره. وانقسمت ردود الفعل، إذ رحب البعض بالدعوة باعتبارها خطوة نحو السلام، في حين رفضها آخرون باعتبارها خطأ.
ولا يزال محللون سياسيون متشككين بشأن نوايا الحكومة التركية. وقال ولفانجو بيكولي، الرئيس المشارك بشركة تينيو المتخصصة في تقديم الاستشارات المتعلقة بالمخاطر السياسية "أوجلان وجه دعوة تاريخية للسلام، لكن من غير الواضح ما إذا كانت أنقرة تسعى حقا إلى التوصل إلى اتفاق أم أنها تجري مناورة سياسية لخدمة مصالحها". وأضاف "في أكثر السيناريوهات تفاؤلا، تسوية ذلك الصراع المتعدد الجبهات قد تستغرق سنوات".
وأضاف أن الرئيس رجب طيب أردوغان أمامه خيارات صعبة، فقد يحتاج إلى دعم من حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد للحصول على الأصوات المطلوبة لتعديل الدستور وإعادة انتخابه في المستقبل. ورجح إمري بيكر من مجموعة أوراسيا في مذكرة أن يستغل أردوغان دعوة أوجلان لإشراك الأكراد في تعديل دستوري يمكنه من التغلب على حدود مدة تولي الرئاسة والسعي لإعادة انتخابه في مايو أيار 2028 مع حماية الحقوق الثقافية واللغوية الكردية. وأضاف بيكر "إذا تعثرت المحادثات مع الأكراد، كما حدث خلال الفترة من 2012 إلى 2015، فمن المحتمل أن يصعد أردوغان حملته ضد حزب المساواة وديمقراطية الشعوب المؤيد للأكراد ويشن هجمات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني لتعزيز شرعيته القومية".
ف.ي/ع.ج.م (د ب ا، ا.ف.ب، رويترز)