بين المخاطر والفرص.. ما هي مصالح الهند في سوريا؟
١٠ أغسطس ٢٠٢٥الهند تغض النظر عن التحولات السياسية الداخلية في سوريا وتتواصل مع الحكومة السورية المؤقتة الجديدة، إذ أرسلت أول وفد دبلوماسي رسمي لها إلى دمشق في أواخر تموز/ يوليو لفهم خطط الحكومة الانتقالية وأولوياتها.
اجتمع سوريش كومار، السكرتير المشترك في وزارة الخارجية الهندية، مع كبار المسؤولين، بمن فيهم وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بهدف تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
من بين قضايا أخرى، ركزت الاجتماعات على تعزيز التعاون الصحي، والفني والتعليمي ووضع الأساس للمساعدات الإنسانية وجهود إعادة الإعمار المستقبلية في البلاد.
جاءت زيارة الوفد الدبلوماسي الهندي ضمن زيارات أخرى لدول عدّة توافدت إلى سوريا لبحث مستقبل العلاقات مع الحكومة الجديدة، وذلك بعد سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.
الهند توازن بين المخاطر والفرص في سوريا
خطوة الهند هذه تساعد على عدم تهميش الحكومة السورية الجديدة في إعادة إعمار الدولة التي مزقتها الحرب بحسب محللين، وتُظهر جرأة الهند في علاقاتها الدولية.
وقال مدثر قمر، الأستاذ المشارك في مركز دراسات غرب آسيا بجامعة جواهر لال نهرو في دلهي: "إن تواصل الهند يعزز صورتها كقوة غير منحازة مستعدة للتعامل مع أنظمة متنوعة لتعزيز الاستقرار".
وأفاد قمر أن تقديم أصدقاء الهند الإقليميين، المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، دعمهم لسوريا في هذه المرحلة الانتقالية الحاسمة، يساعد الهند في تعاملاتها أيضاً.
كما أن بروز سوريا كعنصر رئيسي في العلاقات بين تركيا وإسرائيل، يجعلها ذات أهمية استراتيجية لمصالح الهند الإقليمية بحسب قمر، وأضاف أيضاً: "للهند مصلحة في مستقبل سوريا فيما يتعلق بالطاقة والعوامل الاقتصادية والاستراتيجية، ومن المهم بالفعل تطوير تعامل حذر مع الحكومة الجديدة".
ما مصالح الهند في سوريا؟
استقرار سوريا يضمن للهند طرقاً تجارية آمنة وممرات طاقة حيوية لاقتصادها، وخاصة إذا عملت على توثيق علاقاتها مع دول الخليج متجاهلة التوترات المتعلقة بإيران.
بالإضافة إلى مصالح استراتيجية متعددة، بما في ذلك حماية مَن تبقى من الهنود في سوريا، بحسب تصريح شانتي مارييت ديسوزا، المديرة التنفيذية لمنتدى مانترايا البحثي المستقل، وهذا ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحفاظ على العلاقات مع النظام الجديد بحسب قولها.
وقالت ديسوزا لـ DW: "لا يزال النظام الجديد يواجه الكثير من عدم الاستقرار، وأي مساعدة في شكل إعادة إعمار ومساعدات إنسانية ستكون موضع ترحيب منه".
مضيفةً بأن التعاون بين الهند والحكومة السورية الجديدة سيكون خطوة مهمة نحو تعزيز الاستقرار الإقليمي، بحيث يمكن تمكين النظام الجديد من منع سوريا من أن تصبح ملاذاً للجماعات المتطرفة، وكلما بدأ التواصل في وقت مبكر يمكن للهند أن تحمي مصالحها وتقلل من خطر الفراغ الاستراتيجي الذي قد يستغله الآخرون.
ليست الهند وحدها، بل دول عديدة أخذت الواقع السياسي السوري الجديد بعين الاعتبار وبدأت تعدّل في سياساتها الخارجية، سواء التي حافظت على علاقات جيدة مع نظام الأسد السابق أو التي سعت إلى إسقاطه، بهدف الحفاظ على مصالحها المتمثلة في الاستقرار والنفوذ والأمن الإقليمي.
وبهذا الصدد قالت ديسوزا: "تمثل الزيارة اعترافاً من الهند بأن حقبة الأسد في سورياقد انتهت، وأنها بحاجة إلى إعادة صياغة سياسة التعامل مع النظام الجديد، الذي يمثل مركز قوة جديد".
الهند وسوريا: علاقات مستمرة رغم الحرب
أبقت الهند على سفارتها في دمشق خلال الحرب التي امتدت إلى 14 عاماً، مع تقليص عدد موظفيها، وهو ما أشار له مسؤولون في وزارة الخارجية الهندية بأنه نظرة بعيدة المدى للهند.
وقال أنيل تريغونايات، الدبلوماسي الهندي السابق لـ DW: "لطالما تمتعت الهند بعلاقات جيدة مع سوريا وشعبها حتى في سياقها التاريخي والحضاري. ولطالما دعمت الهند الحل الذي تقوده سوريا من خلال الحوار والدبلوماسية". وأضاف أن علاقة الهند مع سوريا هي جزء من علاقة ثنائية كأي علاقة أخرى تسعى إليها الهند.
وبصفته رئيساً لمجموعة خبراء غرب آسيا في مؤسسة فيفيكاناندا الدولية وهي مؤسسة بحثية مقرها نيودلهي، قال تريغونايات إن نفوذ إيران في سوريا ضعيف اليوم، ولكن تتمتع تركيا بنفوذ كبير من خلال علاقتها مع أحمد الشرع الرئيس الانتقالي السوري، الذي يتصرّف بدوره بذكاء من خلال محاولة الانخراط مع قوى أخرى، بما في ذلك الهند، إلى جانب الدول الغربية والعربية.
وأضاف: "وبالمثل يجب على الهند التواصل مع جميع الشركاء في غرب آسيا، بما في ذلك سوريا، سواء أكان هناك فراغ أم لا".
تحرير: عبده جميل المخلافي